بريد الوطن .. اليوم ماتت أمى (قصة قصيرة)

كتب: رنا حمدي

بريد الوطن .. اليوم ماتت أمى (قصة قصيرة)

بريد الوطن .. اليوم ماتت أمى (قصة قصيرة)

هو يوم الخميس، من أعوام مضت كثيرة وبعيدة بعدها، هو الذى صنع من الصبى الصغير، هو نفسه الرجل الذى يجلس الآن ليتذكر أصعب وأقسى يوم فى حياته، كان اليوم هو الخميس. استيقظت من نومى توضأت وصليت، ثم أخذت «الكسرولة» التى أشترى فيها الفول والطعمية من عم محمود، ثم عدت للبيت ودخلت لأطمئن على أمى النائمة على فراشها تعانى المرض، فهى كانت قد أجريت عملية لاستئصال إحدى كليتيها فى وقت كانت جراحة الكلى ناشئة ليست كاليوم، وتدهورت حالتها بشدة فى الأيام الأخيرة، جلست بجوارها قبل الذهاب إلى المدرسة، قبلت وجنتيها ويدها كعادتى كل يوم، وذهبت إلى المدرسة وأنا قلق على أمى وأشعر بخوف شديد عليها، وتمنيت أن يمضى اليوم الدراسى لأعود إليها مسرعاً، وعدت فوجدت الجيران يجلسون حولها، فدخلت إليها قبلت يديها وجلست بعيداً حتى خرج الجيران من حجرتها، ثم دخلت وجلست بجوارها أنظر إليها وإخوتى وأبى، الكل يجلس حول سريرها، وعند أذان العشاء كان أخى الأكبر مجنداً فى الجيش، وكانت لم تره منذ فترة، وأرسلنا إليه للحضور، وما إن دخل عليها وسمعت صوته، أمالت رأسها نحوه، ثم أعادتها وسلمت الروح لبارئها، ولم أر فى حياتى قبل أمى شخصاً يموت ويرحل، وتعالى الصراخ من حولى وأنا فى حالة ذهول، غير مستوعب ما يحدث، هل رحلت أمى؟ هل ذهبت ولن تعود؟ هل أجمل ما فى حياتى ودعنى مبكراً؟ ذهبت الرحمة التى كانت تحتوينى بعد رحمة ربى؟ اليوم وبعد مرور الكثير من العمر أقول لكل من عنده أم: أمك كأستار الكعبة، تمسّك بها واطلب منها أن ترضى عنك.

                                                                            محمد الطربيلى

يتشرف باب «نبض الشارع» باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com


مواضيع متعلقة