ملائكة القراءة.. «أنا محمود خليل الحصري أوصي بثلث مالي لخدمة القرآن»

كتب: حسام حربى

ملائكة القراءة.. «أنا محمود خليل الحصري أوصي بثلث مالي لخدمة القرآن»

ملائكة القراءة.. «أنا محمود خليل الحصري أوصي بثلث مالي لخدمة القرآن»

بصوته العذب اخترق القلوب، فهو الصوت الذي يبعث الطمأنينة في النفس، وفق ما تحدث عنه أبناء جيله، فبالرغم من مخاوف العديد من القراء من تسجيل المصحف المرتل على أسطوانات لأول مرة، بالروايات العشر من بينها «حفص عن عاصم، ورش عن نافع، قالون، والدوري»، ولكن الشيخ محمود خليل الحصري، تمكن من القيام بهذا الأمر في فترة قليلة حيث استطاع  التسجيل وأتمه في 10سنوات متصلة، فكان أول من سجل المصحف الصوتي المرتل برواية حفص عن عاصم عام 1961م، وظلت إذاعة القرآن بمصر تقتصر على صوته متفرداً لسنوات.

الشيخ محمود خليل الحصري

هو ابن قرية شبرا النملة، مركز طنطا بمحافظة الغربية بمصر، من مواليد 17 سبتمبر 1917، الموافق غرة ذي الحجة سنة 1335هـ، ولعل الكثير من الناس لا يعرفون أن اسم الشيخ الحصري يرجع إلى مهنة والده وليس لقبا، حيث كان والده مكافح يصنع الحُصر ويبيعها للناس بعد أن يجدلها بيديه.

لم يكن صاحب الصوت الملائكي، بعيدًا عن مهنة والده، فلقد كان يساعده بجانب حفظ القرآن الكريم، وكان يقرأ القرآن في  مسقط رأسه بمقابل 10 قروش، وبعدما ذاع اسمه في القرى المجاورة، كانت المرة الأولى التي يخرج فيها من قريته، ذهب إلى كفر الشيخ علي، وقضى هناك نحو 3 ليال مقابل 120 قرشا.

رحلة الحصري مع حفظ القرآن الكريم

وحسب السيرة الذاتية للشيخ الحصري، وفقًا لموقعه الرسمي، فإن الشيخ محمود خليل الحصري تمكن من حفظ القرآن الكريم في عمر 8 سنوات، ودرس بالأزهر، ثم تفرغ لدراسة علوم القرآن لما كان لديه من صوت مميز وأداء حسن.

في عام 1944 تقدم للإذاعة مع عشرات من المتقدمين للامتحان، ونجح وكان ترتيبه الأول، وبدأ بعدها رحلة القراءة في المساجد، وكانت البداية من مسجد الأحمدي عام 1950 م، وبعد 5 سنوات تولى القراءة بمسجد الحسين.

محطات في حياة الحصري

تقلد الشيخ محمود خليل الحصري العديد من المناصب، حيث تم تعيينه مفتشاً للمقارئ المصرية 1957م، وبعد عام واحد فقط أصبح وكيلاً لمشيخة المقارئ، ثم مراجعًا ومصححًا للمصاحف بمشيخة الأزهر 1959م، وتولى مشيخة المقارئ عام1961م، وانتخب رئيسًا لاتحاد قراء العالم الإسلامي سنة 1388هـ - 1968م.

شاء الله سبحانه وتعالى أنّ يجعل من صوت الحصري سبيلًا لهداية العشرات والدخول إلى الإسلام، وكانت البداية في فرنسا، عندما زارها عام 1965 وأتيحت له الفرصة لهداية 10 فرنسيين لدين الإسلام بعد أن سمعوا كلمات الله أثناء تلاوته للقرآن الكريم.

سبيلا لهداية العشرات إلى الإسلام

الأمر لم يكن صدفةً، لأنه تكرر في عام 1973م حين قام الشيخ محمود خليل الحصري أثناء زيارته الثانية لأمريكا بتلقين الشهادة لـ 18 رجلاً وامرأة أمريكيين أشهروا إسلامهم على يديه وذلك بعد سماعهم لتلاوة القرآن الكريم.

محمود خليل الحصري، من ملائكة القراءة التي لم يقف دورها فقط عن قراءة القرآن الكريم، فهو أول من نادى بإنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم، ترعى مصالحهم وتضمن لهم سبل العيش الكريم، وكذلك نادى بضرورة إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن الكريم في جميع المدن والقرى، وقام بتشييد مسجدين ومكتبين للتحفيظ بالقاهرة وطنطا.

وبشأن وصيته الأخيرة، أوصى الشيخ الحصري في خاتمة حياته بثلث أمواله لخدمة القرآن الكريم وحفاظه، والإنفاق في وجوه الخير كافة، ولعل من أشهر الكلمات المعروفة عنه: «إن الترتيل يجسّد المفردات تجسيداً حيًّا ومن ثم يجسد المداليل التي ترمي إليها المفردات، وإذا كنا عند الأداء التطريبي نشعر بنشوة آتية من الإشباع التطريبي فإننا عند الترتيل يضعنا في مواجهة النص القرآني مواجهة عقلانية محضة تضع المستمع أمام شعور بالمسؤولية».


مواضيع متعلقة