تسهيل تراخيص البناء ضرورة لا رفاهية!
من حوالى سنتين بالضبط تم اتخاذ قرار بوقف تراخيص المبانى لمدة ٦ أشهر لحين وضع تخطيط عمرانى جديد ومراجعة كافة التراخيص، وكان القرار يهدف إلى القضاء على الفساد فى المحليات، وأيضاً مراجعة موقف المرافق ومدى استيعابها لحركة البناء وكذلك الجراجات ومشكلات المرور والانتظار. طبعاً الأشهر الستة لم تكفِ، وتم تمديد المدة ثم وضع ضوابط جديدة للبناء، كان أهمها عدم السماح بأى ارتفاعات أكثر من أربعة طوابق وأن يكون على أرض مسجلة فى الشهر العقارى ولا تقل واجهتها على الشارع عن 8 أمتار مهما كان عمقها مع وضع قيود كبيرة لاستخراج الرخصة ومراجعتها من جهات كثيرة، هذه الشروط والإجراءات تسبّبت فى وقف حركة البناء وخسارة كبيرة للمستثمرين العقاريين الذين اشتروا الأرض بأسعار خيالية بالإضافة إلى البطالة فى طائفة المعمار.
اليوم، وفى ظل الأحداث الدولية، وبعد القرارات الاقتصادية الأخيرة وحالة الركود التى تشهدها مصر والعالم، يتحتم علينا مراجعة إجراءات وضوابط تراخيص البناء والسماح بارتفاعات كبيرة لأن مجال التشييد والبناء هو من القطاعات التى تحرك عجلة التنمية، وتستوعب ملايين فرص العمل المباشرة وغير المباشرة لعمال يعودون إلى بيوتهم مساء كل ليلة وفى جيوبهم أموال يشترون بها احتياجات أسرهم ويعملون رواجاً فى الأسواق، كما أن حركة البناء والتشييد والعمران تُحدث رواجاً ينقذ الاقتصاد من الانهيار وترتبط بها صناعات عملاقة كثيرة فى مواد البناء وعشرات المصانع المغذية الصغيرة والمتوسطة، وأيضاً حركة النقل الضخمة.
وبعد تحريك الدولار أمام الجنيه استفاد منه المصريون فى الخارج الذين يدّخرون أموالهم بالدولار، وكثير منهم يمتلك أراضى فى مصر ونستطيع جذبهم وتحويل مدّخراتهم إلى بلدهم إذا تم تخفيف شروط المبانى وتسهيل إجراءات استخراج التراخيص.
وليس معنى أن كان هناك فساد ومخالفات فى استخراج الرخص أن يتم وضع قيود تؤثر على حركة هذا القطاع الهام والعاملين فيه.
كثير من المدن مغلقة ليس لها ظهير صحراوى أو مجال للتوسع الأفقى مثل المنصورة وطنطا وبنها والزقازيق وكفر الشيخ وغيرها، مثل هذه المدن تعانى من أزمة إسكان كبيرة وأسعار العقارات فيها أغلى من القاهرة والمدن الجديدة ولذلك يجب تسهيل إجراءات المبانى فيها لأن التوسع الرأسى هو الحل.
كما يجب تخفيف القيود والسماح بارتفاعات فى القرى حتى لا يضطر المواطنون إلى البناء على الأراضى الزراعية التى هى المصدر الدائم لإنتاج الغذاء.
صحيح هناك حركة ضخمة فى بناء المدن الجديدة ولكن معظمها تقوم به الدولة ولكن المطلوب حالياً تخفيف قيود المبانى وتسهيل إجراءات الترخيص لفتح المجال أمام المواطنين وصغار المقاولين الذين يمثلون الغالبية العظمى فى مجال الاستثمار العقارى، وبالتالى تستعيد حركة البناء والتشييد عافيتها ويُشجَّع المصريون فى الخارج على تحويل مدخراتهم إلى بلدهم، الأمر الذى يسهم فى توفير ملايين فرص العمل ويدعم الاقتصاد الوطنى، والله الموفق والمستعان.