مستشار«محلب» الثقافي لـ«الوطن»:اختيارى جاء لنجاحى فى مكتبة الإسكندرية

مستشار«محلب» الثقافي لـ«الوطن»:اختيارى جاء لنجاحى فى مكتبة الإسكندرية
أكد الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، فى أول حوار صحفى له عقب اختياره مستشاراً لرئيس الوزراء لشئون الثقافة والعلوم والمتاحف، أن اختيارة جاء نظراً لنجاحه فى إدارة مكتبة الإسكندرية وتحويلها إلى مؤسسة دولية تنافس مؤسسات ذات باع فى هذا المجال، لافتاً إلى أنه اختار العمل دون مقابل إيماناً منه بضرورة خدمة الوطن، مشيراً إلى أن هذا الوقت يحتاج إلى تكامل مؤسسات الدولة لمواجهة الفكر الظلامى الذى سيطر على عقول الشباب، لافتاً إلى أنه لا يعطى وزناً للمواقف الشخصية، وإذا رغب أى شخص فى اتخاذ موقف معين فى الحياة فهذه مسألة تخصه. وإلى نص الحوار..
■ أثار اختيارك كمستشار لرئيس الوزراء غضب بعض المثقفين، بينهم الروائى يوسف زيدان الذى أعلن اعتزاله الحياة الثقافية.. كما تساءل البعض عن عودة المستشارين إلى الحياة السياسية مرة أخرى.. فما ردك على ذلك؟[FirstQuote]
- لا أرى مبرراً لذلك، البعض انتقد، وكثير رحّب، شأن أى قرار تتخذه الحكومة. هذه مسألة طبيعية فى مجتمع مفتوح يتداول فيه الناس الرأى بحرية، وبصفة عامة لا يزعجنى النقد، ولكن يستوقفنى الإمعان فى كيل الاتهامات بغير دليل، والإساءة الشخصية المتعمدة، وشغل المجال العام بمعارك وهمية لا تضيف شيئاً إلى جهود إعادة بناء الوطن، وقد اعتدت فى عملى أن أخدم بلدى بكل ما أملك، ولا ألتفت إلى صغائر الأمور، ولا أعطى وزناً للمواقف الشخصية، وإذا رغب أى شخص فى اتخاذ موقف معين فى الحياة فهذه مسألة تخصه، ولا شأن لى بذلك.
■ ما طبيعة مهمتك الجديدة كمستشار ثقافى لرئيس الوزراء، المهندس إبراهيم محلب؟
- قرار رئيس الوزراء، الذى شرفت به، يشمل اختيارى مستشاراً فى الثقافة والعلوم والمتاحف، وهى مجالات برغم أنها واسعة وتشمل بين طياتها موضوعات متعددة، فإنها جزء من العمل الذى نقوم به على مدار عقد من الزمن، ونطوره باستمرار فى إطار مكتبة الإسكندرية، واستطعنا أن نحقق نجاحات فى هذا المجال بأيدٍ مصرية شابة، جعلت المكتبة فى مرتبة متقدمة مقارنة بهيئات دولية مماثلة لها عمق زمنى أبعد، وقدرات مادية وبشرية أكثر مما نمتلكه نحن فى مكتبة الإسكندرية، ما يجعل ذلك دائماً مصدر فخر واعتزاز بالشباب المصرى الطموح. [SecondImage]
والتجربة تثبت أنه إذا تأسست مؤسسة عصرية، وأتاحت فرصة للشباب للتعلم والعمل والابتكار والإبداع فإن النتائج عادة ما تكون مبهرة.. هذا ما أؤمن به وأمارسه.
■ ما أبرز الملفات التى تعتزم طرحها ومناقشتها؟
- هناك ملفات عديدة فى الثقافة والعلوم والمتاحف سأعمل على إبداء الرأى والمشورة فيها، وأقترح ما أراه مناسباً فى الموضوعات التى يطرحها رئيس الوزراء، فمثلاً المتاحف، يمكن تقديم مقترحات لمساندة المتاحف تقدم إلى الوزراء المعنيين، والعمل على تعبئة الجهود الدولية المساندة لها حتى تصبح مؤسسات تقوم بأنشطة ثقافية تفاعلية منها: وضع تصنيف للمتاحف على غرار تجربتى المتحف البريطانى، ومتحف اللوفر، وتشجيع القطاع الخاص على إقامة متاحف خاصة بالفنون الشعبية والعلوم والتكنولوجيا، ويمكن الاسترشاد بتجربة متحف العريش للفنون الشعبية، والاهتمام بالمستنسخات، وغيرها من المبيعات ذات الجودة، والمدعمة بالكتالوجات العملية، وتوفير منافذ بيع ملائمة لها فى مكان خاص فى كل متحف، والاهتمام بالمتاحف النوعية مثل متحف الزراعة ومتحف الحشرات، وإقامة معارض سنوية، على هامشها أنشطة ثقافية مكثفة، وتأسيس متاحف نوعية جديدة خاصة بالأثاث والموسيقى، وغيرها. وفى هذا الصدد يمكن أن تستضيف مصر معارض عن تراث الصين وأمريكا اللاتينية والهند لتحقيق تواصل أفضل مع الحضارات الإنسانية الأخرى.[SecondQuote]
هذا مجرد مثال لما يمكن طرحه فى إطار مساندة الجهود المبذولة لدعم الثقافة والعلوم والمتاحف، وهناك قضايا أخرى مثل النشر، والثورة الرقمية، وهى من المجالات التى لمكتبة الإسكندرية بصمة فيها، ليس محلياً أو إقليمياً فقط، بل دولياً.
■ كشفت الفترة الماضية عن اختراق فكرى وثقافى من بعض الجماعات الإرهابية للشباب.. فكيف يمكننا استدراك ذلك؟
- مواجهة الإرهاب لها أبعاد كثيرة «سياسية وأمنية واقتصادية وثقافية»، وجميعها تتكامل للوصول لهدف أساسى هو حماية شباب الأمة من وباء الفكر الظلامى، والممارسات اللاإنسانية التى تمارس باسم الإسلام، وهو برىء منها. فى مجال المواجهة الثقافية تُعد المعرفة الصحيحة المدخل الحقيقى للمواجهة، هذه المسألة تنبهنا إليها منذ سنوات قبل ثورة 25 يناير، عندما أطلقنا فى مكتبة الإسكندرية مشروع «إحياء كتب التراث العربى والإسلامى فى القرنين التاسع عشر والعشرين»، وأصدرنا حتى الآن 50 كتاباً، ونستهدف ضعف هذا الرقم فى الفترة المقبلة، وأتحنا مجاناً النشر الإلكترونى لهذه السلسلة المهمة من الكتب التى تعين الأجيال الشابة على الاطلاع على الإبداعات الفكرية للعلماء العرب والمسلمين -فى مصر وخارجها- لإثبات أن الإسلام لا يتعارض مع المدنية والحداثة وحرية الرأى والتعبير وحرية الاعتقاد وحقوق المرأة، بل على العكس كان سباقاً فى إقرار هذه الحقوق، والعمل على تعزيزها.
الفكر يواجه بالفكر، والرأى يجابه بالرأى، والحجة تقارع الحجة، هذه مسئولية المثقفين فى المجتمع، لمواجهة أفكار التكفير والإقصاء والإرهاب، هذه جميعها ليست من الإسلام فى شىء، ولا بد أن تدرك الأجيال الشابة ذلك من خلال فتح نوافذ المعرفة الصحيحة لهم، وتمكينهم من ممارسة التفكير النقدى.
■ من موقعك الجديد.. ما الصورة التى تود نقلها لصنّاع القرار عن الواقع الثقافى المصرى؟
- من خلال اللقاءات التى جمعتنى مع المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، لمست منه اهتماماً بالثقافة والعلوم وإحياء التراث والمتاحف، والرغبة الجادة فى تطوير المنظومة الثقافية للمجتمع المصرى. وإدراكاً منه لأهمية العمل فى هذه المجالات شرفت باختيارى مستشاراً له، ولدى تصور شامل عملت على تطويره خلال السنوات الماضية تحت عنوان «مستقبل الثقافة فى مصر» يشمل تحديث كل مجالات العمل الثقافى بمعناه الواسع، بالنظر إلى الإمكانات المحلية، والخبرات الدولية المتاحة التى يمكن بالطبع الإفادة منها.
■ لماذا اخترت العمل دون مقابل؟
- هذه ليست المرة الأولى التى أعمل فيها متطوعاً، ولن تكون الأخيرة؛ لأننى أرى أن هذا واجب وطنى، وجزء من الرسالة الثقافية للمثقف فى مجتمعه، وهناك كثير من الخبراء والمستشارين يفعلون ذلك، خصوصاً الذين قضوا شطراً من عمرهم فى مؤسسات دولية لا همَّ لهم الآن سوى تقديم شىء لهذا البلد الذى يحتاج إلى العمل أكثر من الكلام، وبالمناسبة فى مكتبة الإسكندرية أودعت تبرعات على مدار السنوات الماضية ما يقرب من 4 ملايين جنيه، ووضعت القواعد فى المكتبة التى تجعلنى أنا وزملائى نضع الهدايا التى تصلنا فى إطار العمل فى خزينة المكتبة.. هذه تقاليد مهنية وأخلاقية ينبغى على كل مؤسسة عامة التحلى بها.