في ذكرى ميلاد سندريلا مصر الجديدة.. حكايات يسرا مع الزواج والأمومة

كتب: سيد المليجي

في ذكرى ميلاد سندريلا مصر الجديدة.. حكايات يسرا مع الزواج والأمومة

في ذكرى ميلاد سندريلا مصر الجديدة.. حكايات يسرا مع الزواج والأمومة

هي نموذج للمرأة القوية في مواجهة عشرات التجارب القاسية التي عاشتها، هي نموذج للمرأة المتفائلة في مواجهة الأزمات المالية ومحنة المرض، هي نموذج للمرأة الجميلة على مستوى الشكل والروح، ورغم ذلك لا تحب النظر في المرآة، وهي نموذج للفنان الراقي الخالي من تشوهات النجومية، والأهم أنها سندريلا حقيقية ويشهد على ذلك شوارع مصر الجديدة، هي سيفين محمد نسيم الشهيرة بـ يسرا.

يسرا.. اسم تمتلك صاحبته رصيدًا مميزًا على المستوى الشخصي والفني، تتمتع بخفة ظل بنت البلد رغم ملامحها الخوجاتي، منحها الله جاذبية وقبولاً يمنحانها جواز مرور لقلب كل من يشاهدها، النجومية لم تفقدها البساطة في التعامل مع خلق الله، والثراء لم يحرمها من الإحساس بـ«اللي بيكملوا عشاهم نوم»، لأنها عاشت سنوات من عمرها لا تملك سوى ساندوتش فول أو طعمية، هي الأقرب لهؤلاء لأنهم الأقرب إلى الله، يعيشون في رحابه مثلما عاشت في سنوات الظلم والقهر والفقر.

يوميات يسرا في شوارع مصر الجديدة

سيفين محمد نسيم الشهيرة بـ«يسرا»، من مواليد 10 مارس، عاشت في مصر الجديدة، وشوارعها تشهد على ذكريات سنوات عمرها الأولى، وقتها لم تكن تشغل بالها بغياب الأب، فقد كانت والدتها هي كل شىء في حياتها، لا تفارقها سوى في أوقات لعبها مع خالد صالح سليم وشقيقه هشام، وكانت والدتهما صديقة والدتها، ووالدهما لاعب الكرة الشهير بالنادي الأهلي هو أقرب صديق لخالها «إيهاب»، لكن والد يسرا قرر انتزاعها من هذه الحياة، وحصل على حكم قضائي بضمها لحضانته بعد انفصاله عن والدتها، فانتقلت للعيش معه وكان عمرها 14 سنة وفق تصريحات تليفزيونية، وفي منزل الأب عاشت سنوات من الرعب.

تعلمت يسرا في منزل الأب أن تتحدث مع الله كثيرا، إليه تشكو.. وتطلب منه أن يعينها على الاحتمال، كانت ممنوعة من الذهاب للمدرسة، لكنها ذاكرت واجتهدت وتفوقت، وفي المقابل مزق الأب الشهادة وقرر منعها من استكمال تعليمها، وحرمها من حلم الالتحاق بالجامعة الأمريكية، وقتها كانت مضطرة للصبر، مستسلمة لقضاء الله دون أن تيأس من رحمته، كان عليها أن تحتمل، وتنتظر لحظة الخلاص، وتحقق لها ما أرادت بعد 7 سنوات.

يسرا تتخلى عن المحاماة بسبب شادية

عادت يسرا إلى أحضان أمها حين بلغت عامها الـ21، ظلت برفقتها هي وجدتها، وظل الثلاث لمدة عامين لا يملكن ميزانية لطعامهن اليومي أكثر من 50 قرشا، يشترين بها ساندوتشات فول وطعمية، لكنها كانت سعيدة لأنها تخلصت من الخوف والقهر اللذين سيطرا على سنواتها السابقة، وسعت إلى استكمال تعليمها، وأرادت أن تصبح محامية، لكنها غيرت رأيها وقررت أن تصبح ممثلة، بعد أن شاهدت النجمة الشهيرة في ذلك الوقت «شادية» وهي تجلس في النادي، وكان الجميع يتعامل معها باهتمام وتقدير، وقتها اقتربت منها يسرا، ولكنها لم تجرؤ على الحديث معها.. فظلت تنظر لها بإعجاب، وحين وقعت عليها عيون شادية، نادتها، وسألتها عن اسمها، والمهنة التي تحلم بالعمل بها، فقالت لها «كنت عايزة أبقى محامية، بس دلوقتي عايزة أبقى زيك»، فضحكت النجمة الشهيرة وقالت لها «أنت هتكوني ممثلة هايلة».

سعاد حسني تهدي يسرا أول بطولة سينمائية

 بدأ مشوار «يسرا» مع الفن من خلال المشاركة كوجه جديد في بعض السهرات التليفزيونية والإذاعية، لكن القدر منحها دور البطولة سريعا، حين اعتذرت سعاد حسني عن فيلم «ألف بوسة وبوسة»، وهو الجزء الثاني لفيلم «خلي بالك من زوزو»، وقررت الراقصة ومنتجة الفيلم نجوى فؤاد إسناد الدور للوجه الجديد يسرا، وقبل عرض الفيلم للجمهور كانت صاحبة الوجه السينمائي البريء ضيفا مميزا فيما لا يقل عن 7 أو 8 أفلام سنويا، وحظيت باهتمام كبار النجوم مثل رشدي أباظة الذي تعتبره أكبر صديق دعمها على المستوى الشخصي والفني، وسعى إلى أن تعرف البهجة طريقها للفتاة التي عاشت سنوات من الظلم والحرمان.

يسرا في أول تجربة زواج وحمل

لم تحقق يسرا حلم الحصول على شهادة جامعية، واكتفت بما تعلمته من الدنيا، والخبرة التي حصلت عليها من نجوم في الكتابة مثل صلاح جاهين ووحيد حامد، ونجوم في الإخراج مثل حلمي رفلة ويوسف شاهين، ونجوم في الفن مثل شادية ونجوى فؤاد،  لكنها سعت لتحقيق كل أحلامها المؤجلة، امتلكت منزلا يوفر لوالدتها الراحة ويزيل عنها سنوات المعاناة، امتلكت حب الناس لتجد من يدافع عن سمعتها، وامتلكت نعمة الرضا التي تعينها على تقبل محنتها المتكررة مع المرض، بعد إصابتها بالربو، وبقي أن تحقق حلم الأمومة، فكانت أول تجربة زواج لها من رجل الأعمال الفلسطيني فادي الصفدي وقت تصويرها لفيلم «حرب الفراولة» عام 1993، وهي التجربة التي انتهت سريعا، لكنها منحتها فرصة الاقتراب من عالم الأمومة، وظلت تتابع بشغف نمو الجنين في أحشائها، لكن الحلم لم يكتمل، وتعرضت للإجهاض، ودخلت في نوبة اكتئاب، لكنها تجاوزت الأزمة، وقالت لمن التفوا حولها في هذه المحنة «واضح إن ربنا مش كاتب لي أخلف».

قصة حب يسرا وخالد سليم

كانت يسرا تستعد لتقديم مسرحية "كعب عالي" في عام 1996، وقتها التقت خالد سليم، عدة مرات بعد أن اختفى عن عيونها لمدة 20 عاما في الغربة، لكن لقاء حاسما جمعهما في فرح ابنة خالته، وفي هذا اللقاء أدرك كل منهما أنه بحاجة للاقتراب أكثر من الآخر، فتعددت لقاءاتهما، وكان يوصلها للمسرح يوميا خلال البروفات، وتناثرت وقتها الشائعات عن زواجهما سرا، إلى أن أعلنا الزواج عقب وفاة صالح سليم عام 2002، ولم تخفِ الزوجة وقتها أن زوجها لا يرغب في الإنجاب، خاصة أنهما تزوجا في سن تجعل من الإنجاب مغامرة لا يحتملان تبعاتها.

تمتلك يسرا رصيدا فنيا مميزا، فهي صاحبة طلة عزيزة على خشبة المسرح، وحضور طاغٍ في دراما رمضان التليفزيونية، ولا يخلو مشوارها من الأعمال الإذاعية، لكن حضورها السينمائي هو من صنع مكانتها المميزة بقلوب محبي الفن في مصر والوطن العربي، وهي صاحبة رصيد لا حصر له من الأفلام المهمة، منها (امرأة واحدة لا تكفي، وسيدة القاهرة، والراعي والنساء، وطيور الظلام، وشبابٌ يرقص فوق النار، وقصرٌ في الهواء، والجنة تحت قدميها، ومايوه لبنت الأسطى محمود، وشيطان الجزيرة، وعشاق تحت العشرين، والبنت الكبرى، وبياضة، وعمل إيه الحب في بابا، ودائرة الشك، والإنسان يعيش مرة واحدة، وحكمت المحكمة، وليلة شتاء دافئة، وعلى باب الوزير، وحدوته مصرية، وأرزاق يا دنيا، ودرب الهوى، والأفوكاتو، ولا تسألني من أنا، وعصفور له أنياب، وبستان الدم، واللعيبة والتعويذة، والمولد، وأيام الغضب، وإسكندرية كمان وكمان، والإرهاب والكباب، وامرأة آيلة للسقوط، ومرسيدس، وضحك ولعب وجد وحب، والمهاجر، وطيور الظلام، وعيش الغراب، ودانتيلا، والوردة الحمراء،  ومعالي الوزير، وإسكندرية نيويورك، وجيم أوفر، وصاحب المقام).

حصلت الفنانة يسرا على العديد من الجوائز بما يزيد على 50 جائزة وتكريما موزعة خلال مسيرتها الفنية، لكنها تعتبر حب الناس هو أهم جائزة ونعمة في حياتها، ودائما ما تقول إن الناس هم عزوتها، ومن دافعوا عنها وقت أن حاول البعض تشويه سمعتها، هم رصيدها الذي تهتم كثيرا بتنميته، تتواصل مع البسطاء وهي تؤمن بأنهم الأقرب إلى الله، تعينهم على حاجتهم، ويعينونها على التمسك بنعمة الرضا والتفاؤل، لكن كل واحد منهم قصة ونموذج في الجدعنة والتحمل، يذكرونها بنفسها في سنواتها الأولى، وتذكرهم بأنهم قادرون على التغلب على أي شيء لتحقيق أحلامهم.


مواضيع متعلقة