دينا عبدالفتاح تكتب: .. «العاصمة الإدارية».. مشروع رائد يعزز التجربة التنموية للدولة

دينا عبدالفتاح تكتب: .. «العاصمة الإدارية».. مشروع رائد يعزز التجربة التنموية للدولة
- العاصمة الإدارية
- التجربة التنموية
- التطور العمرانى
- دعم الناتج المحلى
- العاصمة الإدارية
- التجربة التنموية
- التطور العمرانى
- دعم الناتج المحلى
تواصل الدولة المصرية كتابة التاريخ، وصياغة وجود مختلف لها على خريطة الاقتصاديات العالمية، وتمضى من مشروع عملاق إلى آخر، وسط عالم أنهكته التحديات، وضربته الحروب، وأثّرت على استقراره الصراعات الدولية، ولكن على الرغم من ذلك، ما زالت دولتنا المصرية مستقرة، بفضل الله سبحانه وتعالى، وبفضل القيادة السياسية القوية التى كان لها بُعد نظر فى حساب كل شىء، ورؤية مسبقة أثبتت للعالم أجمع صحتها وأنها كانت الطريق الأصوب لإنهاء عقود من التراجع الاقتصادى للدولة.
ومع اقتراب التشغيل الرسمى شبه الشامل لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة، مع انتقال المقرات الإدارية الرئيسية للحكومة إليها، فإن الدولة المصرية على موعد مع حدث ضخم، سيعزِّز من تسويق اسمها على مستوى العالم، وسيُثبت للعالم أجمع أنه وسط الحروب التى تعانى منها الدول المتقدمة، ووسط أزمات التضخم وسلاسل التوريد التى ضربت اقتصاديات العالم، فإن مصر مستمرة فى طريقها، ماضية نحو إنجاز جديد، ليوثق سنوات طويلة من العمل والجد والابتكار والتحدى.
«دعم الناتج المحلى» و«تعزيز كفاءة الإدارة المحلية» و«صناعة مركز لجذب الاستثمار العالمى» على رأس 6 انعكاسات اقتصادية للمشروع العملاق
ويمثل مشروع العاصمة الجديدة نقلة نوعية للدولة فى كل شىء، وهناك مجموعة كبيرة من الانعكاسات الاقتصادية له، يمكننا تلخيصها فيما يلى:
أولاً: دعم الناتج المحلى الإجمالى
يساهم مشروع العاصمة الإدارية الجديدة فى دعم الناتج المحلى الإجمالى منذ إطلاقه فى عام 2015، حيث دفعت عمليات التنفيذ الكبيرة للمشروعات الاستثمارية المختلفة التى تتم على أرض العاصمة تنشيط معدلات نمو قطاعات التشييد والبناء والخدمات العقارية بشكل كبير، واتجهت أغلب شركات المقاولات للعمل بهذا المشروع العملاق، وعززت من قوتها الإدارية والتنفيذية والفنية، الأمر الذى دعم بشكل كبير نمو الناتج المحلى الإجمالى للدولة، خاصة فى الفترات الصعبة التى تزامنت مع انتشار جائحة كورونا بين عامى 2020 و2022.
ومن المتوقع أن يواصل المشروع دعمه للناتج المحلى الإجمالى بوتيرة أسرع مع بدء التشغيل التدريجى للمشروع، وبالتالى عمل المشروعات الخدمية الكبرى به، سواء الإدارية أو السياحية أو الخدمية وغيرها، الأمر الذى سيعزز أيضاً من تطور قيمة الناتج المحلى الإجمالى ويصنع تنوعاً أكبر فى أنشطته.
ثانياً: تكوين مركز عالمى لجذب الاستثمار
يُعد الاستثمار فى العاصمة الإدارية الجديدة من أهم الفرص الاستثمارية التى تتجه إليها أنظار العالم فى السوق المصرية، خاصة فى ظل تنوع المشروعات بها، بين المشروعات السكنية، والمشروعات الإدارية والتجارية، والمشروعات الخدمية، وهو ما يجعل هناك فرصاً استثمارية متنوعة فى الكثير من المجالات.
كما تُعد العاصمة الإدارية من أكبر المشروعات القومية، وأصبحت مصدراً لجذب الاستثمارات الأجنبية المختلفة وعنصراً مهماً لجذب النقد الأجنبى للدولة، الأمر الذى سيدعم بشكل كبير توافد الشركات العالمية للعمل فى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد تشغيل مرحلته الأولى، وتعظيم الثقة فى المشروع، وبدء حصد عوائده الاقتصادية والاجتماعية، مع التزايد المتوقع فى الفرص الاستثمارية المربحة المتولدة عنه.
ويأتى جذب مشروع العاصمة للشركات العالمية فى ظل أنه يُعد مشروعاً عصرياً يواكب التطورات التقنية فى العالم، ويراعى البعد البيئى لجعله مشروعاً متكاملاً، ومثالاً على ذلك بدأت الصين فى الاستثمار فى منطقة المال والأعمال والبرج الأيقونى الذى يُعد أكبر بناء فى أفريقيا، كما تستثمر فرنسا لتنفيذ أكبر مول ترفيهى وسياحى فى العاصمة الإدارية الجديدة بدراسة واستشارات فرنسية، والذى سيتم ربطه بمول باريس الذى تمتلكه إحدى الشركات الاستثمارية أيضاً، ناهيك عن دخول الشركات الإماراتية، ومنها شركة «بيئة»، فى إدارة المخلفات الصلبة بطريقة ذكية، وغيرها من الشركات الكبرى التى قررت دخول مشروع العاصمة والاستثمار فيه.
ثالثاً: تعزيز كفاءة الإدارة الحكومية
تعمل الدولة على انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة لتحقيق نقلة نوعية فى الأداء الحكومى، لتصبح حكومة رقمية، حيث تعمل وزارة الاتصالات على رقمنة دورات العمل وتطوير أساليبه باستخدام تطبيقات متخصصة، مع العمل على رقمنة مليار وثيقة حكومية متداولة من خلال أرشفة جميع الأوراق والملفات المتداولة داخل الحكومة، والتى تشمل تحليل أنواع الوثائق الحكومية بكل جهة، وإدخال الهيكل التنظيمى، وإنشاء باركود موحد، وتجهيز هذه الوثائق ومسحها ضوئياً وفهرستها، ثم مراقبة الجودة وتخزينها.
الدولة تبدأ عهداً جديداً فى «التحول الرقمى» مع أولى مراحل تشغيل المشروع.. و«تخفيض السلطات التقديرية للموظفين» يُحجّم من الأخطاء الإدارية
كما تتضمن تنفيذ وحدات التحول الرقمى فى كل الوزارات والهيئات بالحكومة، لدعم التشغيل الرقمى للجهات الحكومية، بالإضافة إلى تدريب وتنمية قدرات العاملين على المهارات الرقمية المطلوبة لمواكبة بيئة العمل الجديدة، وإتاحة الخدمات الرقمية المقدمة للمواطنين، حيث لا يحتاج المواطن للتوجه إلى العاصمة لإجراء الخدمات الحكومية، ويمكنه أداؤها من خلال منصة مصر الرقمية، وتم إطلاق أكثر من 60 خدمة على منصة مصر الرقمية ضمن خطة تستهدف رقمنة كافة الخدمات الحكومية مع نهاية 2023.
وستساهم رقمنة الحكومة فى تعزيز كفاءة إدارة الحكومة وتخفيض معدلات الخطأ إلى الحدود الدنيا، كما سيوفر مركز البيانات الضخمة «Big data» لمتخذى القرار كافة البيانات اللازمة لاتخاذ القرارات الصائبة وقياس مدى نجاح واستجابة الاقتصاد لتلك القرارات.
رابعاً: تعزيز أداء التكنولوجيا فى السوق المصرية
ترفع العاصمة الإدارية شعار «التكنولوجيا هى المستقبل»، فالمدينة تعتمد بشكل كامل على الذكاء فى إدارة مختلف مناحى المدينة بداية من الشوارع والمحاور المؤدية، وأصبحت العاصمة خير شاهد على انطلاق التحول الرقمى كمدينة ذكية، من خلال إقامة بنية تحتية معلوماتية قوية وفقاً لأحدث تقنيات علوم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتحقيق التحول الرقمى بكفاءة.
ومثال حى على تعزيز التكنولوجيا فى العاصمة، «مدينة المعرفة» التى تضم «جامعة مصر المعلوماتية»، والتى تُعد أول جامعة معلوماتية متخصصة فى أفريقيا والشرق الأوسط، وتهدف إلى تقديم خدمات تعليمية متميزة بالشراكة مع كبرى الجامعات الدولية المرموقة فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مما يجعلها قادرة على مواكبة التطورات السريعة والهائلة وإنتاج المعارف من خلال البحوث العلمية المتقدمة والمبتكرة وحل مشكلات المجتمع.
كما تضم مدينة المعرفة أول مركز إبداع فى الجيل الصناعى الرابع فى مصر، ويستهدف المركز التوعية بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتطبيقاتها العملية بالمصانع الذكية، وتبنِّى التكنولوجيا المتقدمة فى التصنيع المحلى، وتقديم الدعم اللازم فى مجالات تحفيز الابتكار الصناعى وتصميم المصانع الذكية بما يسهم فى نقل المعرفة وتطوير القطاع الصناعى.
خامساً: الحد من التكدس فى القاهرة الكبرى
صُممت العاصمة الإدارية لتكون أحد أبرز مشروعات التطور العمرانى فى العالم، حيث من المتوقع أن تستوعب المرحلة الأولى منها حوالى 7 ملايين مواطن، لينمو عدد سكان العاصمة الإدارية الجديدة بعد ذلك إلى 18 مليوناً بحلول العام 2030، بالإضافة إلى 40 مليوناً بحلول العام 2050، ما سيُدخل مفهوماً جديداً للحياة فى مصر، وزيادة الحيز العمرانى وتفريغ القاهرة من التكدس والازدحام، كما يساهم فى حل أزمة السكان.
كما يؤدى نقل الجهاز الحكومى إلى العاصمة الإدارية إلى تخفيف التكدس المرورى والزحام الناتج عن احتشاد الهيئات الحكومية وأجهزة الدولة فى القاهرة، ونقل السفارات والقنصليات الأجنبية يساعد على الحد من الاختناقات المرورية، خاصة الناتجة عن التدابير الأمنية لحماية البعثات الأجنبية.
سادساً: تعزيز الشفافية والحوكمة
فى إطار استراتيجية الدولة لبناء القدرات الرقمية للعاملين بالجهاز الإدارى، واستكمالاً لجهود الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، تسعى الدولة لتنفيذ مجموعة متكاملة من البرامج المعرفية والمهارية والتدريبية لبناء القدرات الرقمية للعاملين المنتقلين للعاصمة الإدارية الجديدة، بالإضافة إلى تعزيز الأداء الحكومى ودعم آليات الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد بكافة صوره، عن طريق تخفيض حجم السلطة التقديرية للموظف، وميكنة جميع المعاملات الحكومية، وزيادة فاعلية الرقابة على المؤسسات والأجهزة المختلفة، من خلال رقمنة جميع المراسلات والمعاملات للوزارات وأجهزة الدولة المختلفة، واستخدام الأساليب الحديثة فى الحوكمة.
وستُسهم هذه الفلسفة الجديدة فى إحداث نقلة نوعية كبيرة فى ممارسات الشفافية والحوكمة، وستخفض من معدلات الخطأ فى الممارسات الإدارية إلى الحدود الدنيا، الأمر الذى سيتولد عنه المزيد من الوفورات الاقتصادية والعوائد الاجتماعية شديدة الأهمية.