محافظ الدقهلية.. رسوم بلا نظافة
ليس شرطاً أن يُثبت الحاكم الإدارى حزمه بجلد المواطنين، لأن القيادة السياسية لم تطلب عصر المواطن أو كسره بحزمة الإجراءات التعسفية، مثل قرار محافظ الدقهلية بتعميم رسم نظافة سنوى قدره 1200 جنيه لكل باب صاج فى أى بناية قروية أو حضرية.
قرار السيد محافظ الدقهلية يسرى على كل فتحة محل فى أى منزل ريفى أو بندر فى عموم مدن وقرى وعزب المحافظة، سواء كان على شارع عمومى أو فى زقاق أو «حارة سد».
قد لا يعلم السيد محافظ الدقهلية أن البناء فى الريف المصرى خلال الأعوام الثلاثين الماضية كان يتم باستنساخ العشوائية والغيرة المجتمعية، فى غياب «التنظيم»، أو بالتنسيق مع موظفى المحليات، بأن يتم تحرير محضر لصاحب البناية، ويظل المحضر خاملاً، ثم يخرج من شرنقته بعد انتهاء صلاحية «الرشوة»، وذهاب طعمها السحت فى بطون آكليها.
80٪ من المحلات التى تقع أسفل بيوت الريفيين والحضريين فى قرى مصر ومدنها، وليس الدقهلية وحدها، عبارة عن خانات خاملة، لا هى تحتضن أنشطة تجارية، ولا هى ظلت كما هى رقماً محايداً، بل تحولت إلى مسببات لأعباء لم تكن فى الحسبان.
موظفو المحليات التابعون لأقسام النظافة، سواء فى مجالس المدن، أو فى رئاسات الأحياء، يحملون دفاتر الرسوم ويسيحون فى شوارع القرى، ولم تعد عطايا الثوم والبصل والقشدة والسمن البلدى تشفع لأصحاب البنايات بالرأفة، لأنه ليس بيد الموظف أن يتغافل عن «باب صاج» أغلق به صاحب البيت فتحة محل، «طاقة النور» لمستقبل مشروع تجارى للولد حين يكبر.
تحصيل رسوم نظافة على محلات لا تعمل يشبه تحصيل رسوم نظافة على حاويات قمامة تسيل فى شوارع القرى والمدن، لتجسد شعار «رسوم بلا نظافة»، أو «رسوم اللانظافة»، ولم ينجح أحد معها بإقناع السيد محافظ الدقهلية بقصر تفعيل قراره على المحلات المشغولة، أو التى تحمل نشاطاً تجارياً، تنجم عنه مخلفات واجبة الرفع والإعدام.
هذا القرار لا يوازيه ولا يقابله قرار فى أى من محافظات مصر، ليظل السيد محافظ الدقهلية «سيد قراره» الذى لا يرأف بقرويين جفت ضروعهم وزروعهم لأسباب تتعلق بالتغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية على البيت والغيط.
لا أظن أن القيادة السياسية تدعم قرار محافظ يصر على جلد أصحاب المحلات التى تجسد آمالاً مستقبلية، وفى رأيى أن هذه القرارات والممارسات لا تتفق مع رؤى رئيس دولة يعمل ليل نهار لرفع حالة الرضا، وهذا يتطلب تخفيفاً للأعباء، والنظر بعين الرحمة لمواطن ليس باستطاعته مسايرة الرغبة الجامحة فى تعظيم مداخيل صناديق المحافظة.
أشد على أيدى المحافظ، ليس محافظ الدقهلية فقط، لتحصيل حقوق الدولة من رسوم خدمات حقيقية يراها المواطن بعينيه، وتحميل المحلات والمطاعم والشركات النشطة تجارياً، ومصانع البطاطس المعبأة والمقرمشات والفشفاش، رسوم النظافة، وغيرها مما تدعمه اللوائح والقوانين العامة المنظمة لعمل المحليات.
لكن التعليمات التى يحملها موظفو أقسام النظافة فى المحليات تحمل فى طياتها غلظة وقسوة تسيل من أفواههم تهديدات وتلويحات بالغرامة والحبس، وتلك لا يقابلها سوى أنين محبوس، ودموع تسيل، وشفاه تلهج بالدعاء لله، بأن تصل شكاواهم إلى رئيس يعمل ليل نهار لصالح رفع العبء عن كواهل هذه الطبقات، ولترسيخ شعار «تحيا مصر».