«عم عيسى» يعيش في الشارع منذ 55 عاما: «راضي بحالي ومعرفش حاجة عن أهلي»

«عم عيسى» يعيش في الشارع منذ 55 عاما: «راضي بحالي ومعرفش حاجة عن أهلي»
وحيدًا مُشردًا، مُتكئًا على عصاه بسبب فقدان بصره، يحفظ اسمه ويتذكر أفراد أسرته جيدًا، وتظهر على ملامحه علامات تقدّم العمر، اتخذ من الشارع مأوى له منذ قرابة الـ55 عاما، ويعيش في غرفة صغيرة تحدّها الصفائح الحديدية من الجوانب بأحد منازل سيدي غازي بمحافظة كفر الشيخ.
عم عيسى بطل حرب
يعيش «عم عيسى» منذ نكسة 67 في سيدي غازي بكفر الشيخ، وبعد الانتصار في حرب 1973، وعودة المهاجرين إلى محافظاتهم، بقى صاحب الـ73 عامًا في الشارع مُشردًا، لا يعرف من أهله أحدًا.
يقول سامي القزاز لـ«الوطن»، إنّه اقتطع من منزله مكانًا ليعيش فيه عم عيسى بدلًا من بقائه مشردًا على الأرصفة.
وأوضح «القزاز» وهو أحد الأشخاص الذين يترددوا على «عم عيسى» بشكل يومي، أن الأخير فقد بصره منذ فترة قريبة، وفضّل أن يكون مسكنه بين غرفته المتهالكة والقهوة بين أهالي القرية، خوفًا من ارتطامه بأي شيء: «مش عايز يقعد في بيت لوحده عشان خايف حد ينساه»، مضيفًا: «احنا عاملينله مصطبة وبنيجي كل أسبوع نحمّيه ونغيرله هدومه وجايبلينه غطا عشان البرد».
وبكلمات مُتعلثمة، بدأ «عم عيسى» حديثه لـ«الوطن»، موضحا أنّه يعيش وحيدًا منذ أيام الحرب، ولم يتزوج أو يُرزق بأي أطفال، إلا أنّه يتذكر أسرته جيدًا: «أبويا اسمه علي وأمي اسمها مريم، وليا أخوات اسمهم رمضان وجمال بس محدش فيهم بيسأل عني»، مؤكدًا أنّه لم يراهم منذ أيام الحرب.
عم سعد وعم سامي وبدراوي، هم أبرز من ترددت أسمائهم على لسان «عم عيسى»، كونهم هم القائمين على الاهتمام به ورعايته، وعند سؤاله ماذا يتمنى، أجاب: «أنا مبسوط وراضي الحمد لله»، موضحا: «محدش من أهلي بيسأل عني حتى لو عرفوا مكاني مفيش فايدة، لو عايزين يجوا هيجوا».
عم عيسى يقضي وقته مع كوب الشاي والسيجارة
يقضي «عم عيسى» وقته بين أهالي قريته، ويكتفي بشرب كوب من الشاي مع السيجارة على القهوة؛ إذ يعكف من حوله على خدمته بين الحين والآخر، فمنهم من يُحضر له طعامًا، وآخرون يتجاذبون معه أطراف الحديث، فيما يحرص البعض على إعطائه بعض النقود لينفق بها فيما يريد: «لما حد بيديني فلوس بحب أكل بيها لحمة أو كفتة أو شوية رز، ولما بعوز حاجة بنده عليهم بيجولي على طول».
ويقول «عم سامي» أحد القائمين على رعايته، إنّ أهل الخير دائمًا ما يغدقون عليه بالملبس والمأكل بشكل يومي: «كل أسبوع بيجيله لبس جديد وأهل الخير كلهم حواليه، عشان الناس كلها عارفاه من زمان»؛ إذ كان الأخير يعمل في مهنة النقاشة بالقرية ويعيش من قوت يومه، قبل أن يتقدم به العمر.