نائب رئيس «الوفد»: الحزب يؤدى دوراً وطنياً.. والصراعات تستنزف الجهد وقد تؤدى إلى احتراب داخلى

كتب: يسرا البسيوني

نائب رئيس «الوفد»: الحزب يؤدى دوراً وطنياً.. والصراعات تستنزف الجهد وقد تؤدى إلى احتراب داخلى

نائب رئيس «الوفد»: الحزب يؤدى دوراً وطنياً.. والصراعات تستنزف الجهد وقد تؤدى إلى احتراب داخلى

قال الدكتور خالد قنديل، نائب رئيس حزب الوفد عضو مجلس الشيوخ، إن الحزب يؤدى دوراً وطنياً كبيراً، والصراعات الداخلية فى أى مكان تستنزف الجهد والوقت، وقد تؤدى إلى احتراب داخلى، مشيراً إلى أهمية وضع الأجيال الجديدة فى موقف المسئولية، لأنها ضرورة مُلحة، ولا بد من إدارة الخلافات بشكل يغلّب مصلحة الوطن والحزب.

وأضاف «قنديل» فى حوار لـ«الوطن»، أن كل الأحزاب فيها مندسون وشخصيات مفرطة فى تضخيم الذات ومتسلقون، وهؤلاء يجدون فى الخلافات مادة سهلة للتفجير ويجب تكريس العمل بروح الفريق، مؤكداً أن استيعاب متغيرات الزمن والسياسات وموازين القوى يمكن أن يعيد الحزب إلى مكانته ويصبح حزب الأمة الجامع لكل القوى الوطنية الصادقة.. وإلى نص الحوار: 

استيعاب السياسات وموازين القوى يعيد «الوفد» إلى مكانته ويصبح حزب الأمة الجامع لكل القوى الوطنية

كل الأحزاب فيها مندسون وشخصيات مفرطة فى تضخيم الذات ومتسلقون وهؤلاء يجدون فى الخلافات مادة سهلة للتفجير ويجب تكريس العمل بروح الفريق.. ولا بد من إدارة الخلافات بشكل يغلّب المصلحة العامة

المنافسة على مقعد القيادة طبيعية واتفاق المرشحين على توزيع المهام والعمل المشترك هو الطريق الأنسب للنجاح ويجب ألا تتحول المنافسة إلى التجريح والتحشيد

من وقت إلى آخر يعانى حزب الوفد من الصراعات الداخلية.. فما أسباب ذلك؟

- وجود خلافات داخلية مسألة طبيعية، ولذلك أسباب متعدّدة، حتى أثناء مفاوضات الوفد المصرى بقيادة الزعيم سعد زغلول، كانت هناك محاولات لشق الصف، وتحويل الاختلافات أو تباين الآراء البسيط والطبيعى إلى صراع يقوض الوفد المصرى أثناء مفاوضاته مع الاحتلال، وهنا تكمن أهمية التفرقة بين الاختلافات الطبيعية، وتعدّد وجهات النظر التى تفتح آفاقاً متعدّدة، وتكشف جوانب لم يكن بإمكان شخص واحد ملاحظتها، وبين تحول الخلاف إلى صدام أو صراع يستغله المتربصون وأصحاب المصلحة فى حدوث تصدعات وخلافات، ولهذا من الضرورى الاهتمام بكيفية إدارة الخلافات بشكل يغلّب المصلحة العليا على النزعة للتفرّد وتضخّم الذات وإلغاء الآخرين، فالطريقة الأولى التى تغلّب روح الجماعة والفريق بتنوع أفكاره ظاهرة إيجابية، بينما الحالة الثانية سلبية.

وقد تغلب الزعيم سعد زغلول على تباين بعض الآراء التى يتّجه بعضها إلى التشدّد، والأخرى التى تؤثر التروى بالمناقشة والتشاور والتوافق الذى يُفضى إلى التقارب، وهو ما يحتاجه حزب الوفد حالياً الذى يواجه صعوبات وتحديات أكبر، فى ظل مناخ عام معقّد، وتتعدد مشارب القيادات الحالية، التى نشأت فى ظل غياب العمل الحزبى، والقطيعة الطويلة التى كان فيها قيادات الحزب يحرصون على غرس منظومة من القيم والأعراف التى جعلتهم يتغلبون على الكثير من محاولات تفكيك حزب الوفد وتحجيم دوره، وهم القيادات الذين حرصوا على أن تظل شجرة الحزب مورقة دوماً، ولا تتوقف عن إنجاب وتقديم شخصيات لها وزنها وتأثيرها ومواهبها ومزاياها، وإذا لم يتم تقدير مكانة كل شخصية حسب عطائها، فإن الخلافات البسيطة تتحول إلى صراعات، أما النزوع إلى التفرّد بالقرار والاحتكار، فإنه أسرع الطرق وأسهلها لتفجير الخلافات وتعميق الفجوات، بما يسهل استغلالها، سواء من أطراف فى الخارج أو الداخل، فكل الأحزاب فيها مندسون أو شخصيات مفرطة فى تضخيم الذات أو متسلقون، وهؤلاء يجدون فى الخلافات مادة سهلة للتفجير، والحكمة هنا تقتضى تحويل الطاقات إلى خدمة الحزب ومساعدته على نشر أفكاره ومبادئه وتوجّهاته، وتوظيف كل الطاقات والمواهب والطاقات فى هذا الاتجاه، بدلاً من جعلها مادة للاشتعال الذاتى والتدمير الداخلى، ولهذا يجب الاستفادة من كل طاقة، ووضعها فى مكانها المناسب، وتكريس العمل بروح الفريق والتوافق.

المنافسة على مقعد القيادة طبيعية واتفاق المرشحين على توزيع المهام والعمل المشترك هو الطريق الأنسب للنجاح ويجب ألا تتحول المنافسة إلى التجريح والتحشيد

هل ترى أن أداء «الوفد» لا يزال محتفظاً بزخمه التاريخى كمنحاز لصوت الشعب؟

- لا يمكن الوصول بسرعة إلى المكانة التى كان يتبوأها حزب الوفد فى فترة التوهج الوطنى، والالتفاف الجماهيرى الواسع على حزب الوفد ممثل الأمة المصرية، فقد جرت مياه كثيرة، وحدثت تبديلات وتغييرات فى الوضعين الداخلى والخارجى، وظهرت أجيال جديدة فى ظروف ونشأة مختلفتين، ولهذا لا ينبغى أن نكون أسرى للزمن القديم، وأن نراعى المتغيرات الكثيرة التى مرت بها الأمة، وألا ننصاع وراء معارك الماضى الذى ذهب، وأن نستفيد منه كخبرة فى التعامل، وليس كمعارك دونكيشوتية لا تجدى شيئاً، سوى إثارة الأحقاد والضغائن، وعودة حزب الوفد إلى مكانته التى تستند إلى مدى قدرة قياداته على إقناع أوسع الأعداد بأنها جديرة بثقة الجميع.

فحزب الوفد هو بيت الأمة، وقادر على استيعاب مختلف التوجّهات فى إطار الوطنية المصرية، والمبادئ الجامعة، فقد كان الحزب يضم كبار الملاك وأصحاب مصانع ومشروعات، ويضم الطليعة الوفدية ذات التوجه الاشتراكى، ويجمعهم العمل الوطنى من أجل التحرّر والتقدّم وسيادة الحق والعدل، وبالعمل وفق هذه المبادئ واستيعاب المتغيرات فى الزمن والسياسات وموازين القوى يمكن لحزب الوفد أن يستعيد مكانته، ويصبح حزب الأمة الجامع لكل القوى الوطنية الصادقة.

ما مدى توافق الأجيال بالحزب على خططه وأهدافه.. وهل يتم استيعاب حماس الشباب؟

- لدينا أجيال تنتمى إلى خلفيات وتجارب وإرث وأعراف مختلفة، ينبغى وضعها فى الحسبان، ويمكن الاستفادة من تنوع خبراتها، واختلاف مزاياها، بدلاً من أن تكون مادة للتباين والاختلاف والصراع بين الأجيال، وذلك عبر احتواء الأجيال السابقة للأجيال الجديدة، وتفهم اندفاعاتها وطموحاتها، وإثراء تجربتها، وعدم التهكم عليها أو التقليل من شأن حماسها أو اتهامها بالسطحية، والافتقار إلى الخبرة، فالتعامل معها يجب أن ينبنى على الثقة والتقدير المتبادل، وإدراك أن للشباب مزايا وخبرات ولهم مواهبهم، وأن المزج من الخبرات بين الأجيال يمكن أن يصبح من عوامل الإثراء والقوة.

هل تعتقد أن مركزية الحزب بالقاهرة تؤثر سلباً على أداء مقاره بالمحافظات وتحجّم أدوارها؟

- مركزية العاصمة قد تكون على حساب أداء المحافظات، وهناك مبررات لكى تحتكر القيادة فى العاصمة اتخاذ القرار، فالعاصمة أكثر قرباً من مراكز صُنع القرار، وأكثر معرفة ودراية بما يحدث، وتتعرّض لضغوط لا تقدّرها المحافظات، ولهذا من السهل التعالى على المحافظات وتهميش دورها، لهذا على اللجنة العليا أن يكون بها مندوب عن عدة محافظات رئيسية على الأقل، وأن ينقل وجهات نظر المركز فى المحافظات، وكذلك رأى المحافظات، وأن ترفع المحافظات تقارير عن أنشطتها، وأن تقوم الشخصيات المركزية بزيارات منتظمة إلى المحافظات، وهذا يعمّق العلاقة، ويزيد الترابط، ويضيف خبرات ومعارف، ويضيق الفجوة بين القيادة والجماهير على أرض الواقع.

لا بد من إدارة الخلافات بشكل يغلّب المصلحة العامة

ما ملامح العلاقة بين أعضاء الهيئة العليا للحزب؟ وهل يتوفر احترام الأدوار والمسئوليات؟

- العلاقة بين أعضاء الهيئة العليا يجب أن تتسم بروح الفريق، مثلما كانت العلاقة بين فريق المفاوضين بقيادة الزعيم التاريخى سعد زغلول، والزعيم الرمز النحاس باشا، الذى كان يحرص على أن تكون القيادة كلها من النجوم اللامعين، فكلما كانت القيادة من المواهب، والمتمتعة بالوعى والثقافة كانت مكانتها كبيرة، فالزعيم الحقيقى هو القادر على جمع اللامعين، بل يحرص على أن يكونوا كذلك، وليس باستبعاد المواهب، والتوجّس من أن يكون بينهم من يريد أن يحل محله أو ينافسه أو يشارك فى التآمر عليه، فمثل هذه الروح تخرب أى حزب بأقصى سرعة، والتواصل الدائم بين القيادات، سواء بشكل رسمى أو غير رسمى والتواصل الدائم ليس فقط بكثرة الاجتماعات الروتينية، والمهلكة للوقت والجهد، ولكن بطرق مختلفة، سواء بتقنية الفيديو كونفرانس عبر منصات التواصل، أو الاتصال التليفونى المستمر، أو التجمعات غير الرسمية، بما يضفى أجواءً من الألفة وروح الأسرة والعمل الجماعى، ويذيب أى ترسبات ويزيل أى احتقان، ولا يدع للنميمة والفتنة مجالاً بين قيادات الحزب، وأن يتم توزيع المهام وفق مؤهلات ومواهب كل شخص، واعتبار كل نجاح لشخص نجاحاً للجميع وللحزب والأمة، وهذا هو أهم شىء.

كل الأحزاب فيها مندسون وشخصيات مفرطة فى تضخيم الذات ومتسلقون وهؤلاء يجدون فى الخلافات مادة سهلة للتفجير ويجب تكريس العمل بروح الفريق

كيف ترى الصراع المتكرر على منصب رئيس الحزب ووجود تكتلات متعصّبة لكل فريق؟

- من الطبيعى أن تكون هناك منافسة، سواء على مقعد القيادة أو غيره، وإن كان الطريق نحو التوافق، وعقد الجلسات بين من ينوون الترشح، وأن يتفقوا على توزيع المهام والعمل المشترك هو الطريق الأنسب فى الوقت الراهن، وألا تتحول المنافسة إلى التجريح والتحشيد المتبادل من أجل إزاحة فريق لآخر، فالمكان للجميع، ولا ينبغى اللجوء إلى التهميش والإزاحة، وإنما التجميع والتوحد عبر التوافق، فهذا هو طريق البناء، أما الإزاحة، واعتبار المعركة معركة وجود، وبذل كل الطاقات فى الإساءة والعراك الداخلى فهو انتحار للحزب، وإساءة إلى قياداته، ومنع تفريخ وإظهار مواهب وقيادات جديدة، وتنفير للشخصيات المحترمة من دخول الحزب أو العمل داخله حتى لا يصيبها الأذى فى سمعتها، وخوض هذا النوع من المعارك.

إدارة الحزب

لا يمكن بالطريقة الحالية فى إدارة الحزب أن يصل إلى المكانة التى يصبو إليها، والجدير بها، فما زالت الصراعات الداخلية تستنزف الجهد، وهنا تكمن الخطورة الأكبر، ويصبح الحزب ساحة احتراب داخلى، وليس طاقة للعمل الوطنى الجماعى، والإدارة الحكيمة هى التى تدرك كيف تدير الطاقات والمعارك، والقادرة على قراءة المشهد السياسى، وتتّخذ القرار المناسب، الذى يدفع إلى الثقة فى الذات، ويزيد التماسك الداخلى والاحترام الخارجى.

 


مواضيع متعلقة