مدير مركز «الأزهر للفلك الشرعي»: المنجمون والعرَّافون يكذبون ويتلاعبون بعقول الناس.. ومعرفة الغيب والمستقبل بيد الله وحده

كتب: إسلام لطفى  

مدير مركز «الأزهر للفلك الشرعي»: المنجمون والعرَّافون يكذبون ويتلاعبون بعقول الناس.. ومعرفة الغيب والمستقبل بيد الله وحده

مدير مركز «الأزهر للفلك الشرعي»: المنجمون والعرَّافون يكذبون ويتلاعبون بعقول الناس.. ومعرفة الغيب والمستقبل بيد الله وحده

 د. أحمد عبدالبر: جلب الحبيب ورد المطلقات والعرافة المغربية أكاذيب.. ولا علاقة لها بالعلم أو الدين

أكد الدكتور أحمد عبدالبر، مدير مركز الأزهر العالمى للفلك الشرعى وعلوم الفضاء، أن الترويج لفكرة «جلب الحبيب ورد المطلقات والعرافة المغربية» كذب ولا علاقة له بالعلم أو الدين.

وأضاف «عبدالبر»، فى أول حوار لـ«الوطن»، أن 60% من الناس يُتابعون التنجيم والأبراج و«حظك اليوم»، مؤكداً أن النساء يقتنعن بالتنجيم والأبراج و«حظك اليوم» بنسبة 44%، بينما الرجال 36%، لافتاً إلى أن نصف عدد الشباب يقتنعون بما يتضمنه «حظك اليوم»، وهى نسب مرفوضة علمياً وشرعياً وترفضها الديانات السماوية، مشيراً إلى أن شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، هو صاحب فكرة تدشين المركز لحسم القضايا المعاصرة للفلك الشرعى، مؤكداً أن حدوث الزلازل لا علاقة له بتوقعات المنجمين. وإلى نص الحوار:

60% من المواطنين يُتابعون الأبراج وحظك اليوم و44% من النساء و36% من الرجال يقتنعون بـ«التنجيم»

كثير يُتابعون الأبراج وحظك اليوم والتنجيم.. فما نسبة الذين يقتنعون بمثل هذه الأمور سواء على السوشيال ميديا أو أى وسيلة أخرى؟

- وجدنا أن نسبة متابعى التنجيم والأبراج على مواقع التواصل تجاوزت الـ60%، وهى نسبة مقلقة لذلك حاولنا التأكد من كل المصادر الموجودة، لأن هذا شىء غريب جداً، خاصة أنه بعيد تماماً عن العلم والأديان، لأن كل ما يقولونه ليس له أصل علمى أو شرعى حتى يصدق به الناس، لذلك فإن المركز يتصدى لهذه النسب التى تتزايد كل يوم، خاصة فى وجود «حظك اليوم»، المنتشرة فى الصحف والمجلات، إضافة إلى الخط الساخن للخدمات والقنوات الفضائية التى تتحدث عن «جلب الحبيب ورد المطلقات والعرافة المغربية» وغيرها، وهذا يُسمع مراراً وتكراراً فى داخل كل بيت مما يدفع الناس للاهتمام من الشباب والنساء.

وهذه النسبة زادت كثيراً بالنسبة للنساء، بنسبة 44% عن الذكور الذين كانت نسبتهم 36%، وهذا يعنى أن النساء تأخذهن العاطفة دائماً، والعقل الوهمى يُسيطر دائماً على العقل الباطن، خاصة إذا كان الأمر يخص أمراً واقعياً، فمثلاً برج السرطان رومانسى ويحب الآخر، فالعراف يخرج يتحدث عن هذا الأمر وعن علاقات الحب والغرام، خلال ديسمبر الماضى لاحظنا مدى توقع الناس للكوارث التى ستحدث فى العام الجديد، وزادت فى الآونة الأخيرة حينما ظهرت على مواقع التواصل، ففى بداية كل عام يظهر علينا أشخاص يتحدثون أن الأرض ستتعرض إلى كارثة أو خير أو شر أو غيره، وليست هذه المشكلة إنما الإشكالية أنه قد ظهرت مجموعة كبيرة جداً من المراهقين من الشباب والنساء الذين ينتظرون ظهور عراف أو ما يُعرف بالفلكى المنجم الذى يُعطى تفاصيل عمَّا سيحدث فى العام الجديد، ولكن بالتأكيد أن أى شخص يتحدث عن الغيب المحجوب أو المستقبل يدفع الناس للاهتمام وأن الناس تهتم بما سيقوله هذا الرجل.

 المنجمون ينتشرون طليعة كل عام ميلادي لكسب المال والشهرة.. وحدوث الزلازل لا علاقة له بتوقعاتهم

وفى الفترة الأخيرة لاحظنا كثرة برامج العرافين أو المنجمين طليعة كل عام ميلادى، بما يُخبر الناس بما سيكون فى أحوالهم وأرزاقهم وحياتهم الاقتصادية والاجتماعية، وما سيحدث بوجه عام للكرة الأرضية من خير أو شر، وكان لزاماً على المركز أن يعقد الملتقى أو المؤتمر العلمى الأول لصناعة التنجيم والأبراج، لكى نوضح الفرق العلمى بين الفلك والنجوم والأبراج والحكم الشرعى لمن يتبع هؤلاء، ويعطى فى الوقت ذاته دراسة فلسفية مع علماء النفس والاجتماع، الذين يبحثون عن كيفية تأثير العرَّاف والسيطرة على العقل داخل كل أسرة، ومن ثمَّ كان لِزاماً على المركز أن يخرج بتوصيات لنشر الوعى المجتمعى تجاه الانحرافات الفكرية والسلوكية داخل المجتمع، والحد من انتشار التنجيم فى وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة، ونشر ثقافة أنَّ اتباع عراف أمر وهمى ومضلل وليس له علاقة بالعلم أو الدين، وكل ما فى الأمر أنه يلعب بالكروت والطالع، ويمتلك الأدوات المقنعة التى تُسيطر على العقول، التى يُفهم منها أن هذا الرجل ملم بعلم الغيب أو المستقبل، رغم أن هذا كله بيد الله وأخفاه عن كل الخلائق، ولا يوجد أحد على الكرة الأرضية على الإطلاق أو فى أى ديانة سماوية له أن يتكلم بكلمة الغيب أو أن يعلم ما يحدث بعد عام أو حتى ساعة من الآن، ونأمل فى المستقبل أن تصدر لنا نشرة دورية عن المركز، حتى تكون بمثابة كتاب توعوى للناس فى كل المواسم التى تطرأ علينا من وقت إلى آخر، حينما يظهر المنجمون فى العام الميلادى وتثور شبهة هنا أو هناك.

من خلال هذه النسبة المرتفعة.. لماذا يقتنع الشباب بالتنجيم و«حظك اليوم»؟

- معظم الشباب أو المراهقين يتمنى أن يعيش حياة سعيدة، ليس بها مشكلات أو أى شىء يدخله فى اكتئاب أو ملل من حياته، ولذلك كل منهم يُحاول استطلاع ما سيكتبه له الغد أو الغيب فى حياته ومستقبله ورزقه، وكيف ستكون حياته، سعيدة أو حزينة أو ما شابه ذلك، وبالإضافة إلى ذلك يُحاول المراهقون معرفة الوقت الذى ينتهى فيه فيروس كورونا ومدى تأثيره على حياتهم الشخصية، وكم من الوقت يستمر وكذلك ماذا عن الزلازل والكوارث التى تحدث من وقتٍ لآخر وكل المشكلات، ووجدنا أن مضامين الأبراج للمراهقين بصفة خاصَّة تطوَّرت ووصلت إلى نسبة 45- 50%، ما يعنى أنَّ نصف عدد الشباب يقتنعون بما تقوله الأبراج و«حظك اليوم» وبعض البرامج التليفزيونية، ولكن مهما كانت النسبة مرتفعة أو حتى 1% على اقتناع بما يقوله العرَّاف أو الساحر أو الدجال الذى يظهر فى التليفزيون أو يكتب حظك اليوم، فهى نسبة مرفوضة علمياً وشرعياً، وكل الأديان تحرم ذلك، ونعتبره تطرفاً سلوكياً وتطرفاً فى الفكر، ونسأل لماذا لا تقتنع الدول المتقدمة فى علوم الفلك والفضاء بما يقوله المنجمون؟ لذلك استعنَّا بالأنبا أرميا، الأمين العام المساعد لبيت العائلة المصرية، حتى يوضح ما تقوله المسيحية عن هذا الأمر، واستعنَّا ببعض الفقهاء حتى يعطوا صورة كاملة بما تقوله الديانة الإسلامية.. وكل ذلك يُعطى صورة كاملة أنَّ الأديان السماوية ترفض الاعتقاد بالمنجم والساحر، لأنَّ العلم الحديث يرفضها ومن يُريد أن يتعلم الفلك فله أصوله وأدواته وكُتبه وعلماؤه، لكن الدجالين والمنجمين يسعوْن إلى كسب المال والشهرة بأمور لا يعلمها إلَّا الله.

ما الأسباب التى دفعت الأزهر إلى تدشين مركزه العالمى للفلك الشرعى وعلوم الفضاء؟

- الأزهر ليس بعيداً عن علوم الفلك الشرعى، التى كانت تُدرَّس فى ثلاثينات القرن الماضى فى الكليات الأصيلة بجامعة الأزهر والشريعة والقانون وأصول الدين واللغة العربية، وهذا العلم ليس بعيداً عن جامعة الأزهر، لأنّه يوجد فى كلية العلوم قسم الفلك وعلوم الفضاء والأرصاد الجوية الذى أنشئ فى عام 1990، وكان يوجد أيضاً فى بعض الأقسام بكليات الهندسة، ولكن كل هذه الجهود والأفكار الخاصة بإنشاء المركز، كانت باستشراف الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، حيث كان لِزاماً أن يسعى فى استراتيجيته لدمج العلم الشرعى بالعلم التجريبى، حتى يواكب ما تتطوَّر به الأدوات العصرية ومستحدثات العصر.. ومن هنا كانت فكرة شيخ الأزهر لإنشاء المركز، حيث يجمع بين العلم الشرعى والعلم التجريبى لحل المشكلات الحياتية التى تطرأ على كل الأمم فى كل زمان ومكان، والاستعانة بعلماء قسم الفلك والأرصاد بكلية العلوم بجامعة الأزهر وأساتذة الشريعة والعقيدة، وهذا المركز هو نتاج تعاون ثلاثى بين مجمع البحوث الإسلامية وجامعة الأزهر ووكالة الفضاء المصرية، وفق بروتوكول وقع فى ديسمبر 2020، وفى خلال 3 أشهر من توقيعه تمَّ أخذ قرار بأن يُترجم هذا البروتوكول إلى إنشاء المركز، برعاية شيخ الأزهر، واستشرافه بكل ما يخص البشرية، سواء كان فى علوم الشريعة أو التجريبية، حتى يحسم فيها القضايا المعاصرة للفلك الشرعى، حتى يكون مركزاً مختصاً بعلوم الفلك الشرعى وعلوم الفضاء ويتكامل مع مؤسسات الدولة، لبيان الشراكة المجتمعية بين مؤسساتها حتى يتعاون الجميع فى القضايا التى تخص الأمة، سواء كانت علمية أو علمية شرعية، حتى يكون الرأى فيها رأياً راجحاً راجعاً إلى المختصين، حتى يتبين لهم الرأى الرشيد.

من خلال الرصد والتحليل.. ما أغرب الأمور التى لاحظتموها فيما يخص التنجيم والأبراج؟

- خلال الفترة الأخيرة حدث زلزال وشعر به الناس، وكان ذلك بعد الحلقات التى تمت إذاعتها للمنجمين طليعة العام الحالى، الأمر الذى دفع الناس بالقول إن المنجم صادق حينما توقع أنه ستحدث كوارث خلال 2022، رغم أن هذا كذب حتى وإن صدق أو صدف، ومن المؤسف أنَّ كل جهود العلماء فى المعهد القومى للبحوث الفلكية وعلماء الفلك تُهدم فى مقابل أن عرافاً خرج من يومين يقول إن هناك زلزالاً وبعده حدث، فكل هذه الأمور تكون مدروسة جيداً وبشكل مناسب ولائق، ونتساءل: ما الأدوات العلمية التى يتبعها العراف، خاصة أنه لا يُحسب على الجيولوجيين أو الفلكيين أو العلميين أو المهندسين.

كيف ترى ربط العرَّافين بين حركة النجوم والكوارث التى تحدث فى حياة الناس؟

- هؤلاء يدَّعون أنَّه إذا جاء كوكب كبير مثل المشترى ودخل فلك الأرض، يكون توقعاً بالشر، خاصة فى ظل ضخامته وقوته وحركته الكبيرة، ويدَّعون أيضاً أنه إذا دخل كوكب زحل، فله من الجمال والحركات والألوان فيستبشرون خيراً، لكن الأمر الحقيقى أن هذه الكواكب تدور حول بعضها كل كوكب فى فلك، وكل كوكب فى مدار وكلها تدور حول الشمس، فهؤلاء المنجمون يصطنعون صنعة ويشبهون علم الفلك وعلم النجوم، وإذا دخل الكوكب فى شهر مايو، يقولون إن مواليد هذا الشهر سيتعرَّضون إلى أزمات وضائقات مالية ومشكلات نفسية، ويقولون إن المشترى كوكب «نحس»، ونجد أنَّ القدماء وفى العصور الوسطى كانوا يستعينون بالمنجمين، فالفكر الخاطئ موجود منذ القدم، ولكن فى العصر الحديث زاد تغوله ودخوله على الكثير من الوسائل.

رفع الوعي

نُحاول أن نحد من هذا التغول والانتشار للمنجمين برفع نسب الوعى المجتمعى، لاتجاه هؤلاء وما يحدث، ولذلك على الإعلام أن يتحرى الدقة فيمن يستضيفهم على شاشاته، والنجوم لها حركات فى الفضاء، وعلماء الفلك يُحاولون التعامل مع حركتها عن طريق خط الضوء الذى يأتى من النجم، ونرصده حتى نرى التطورات التى تحدث داخله، سواء من حركته أو استكماله البنائى، سواء كان كيمياء أو فيزياء أو غيرهما، وهذا هو المنطق العلمى أو علم الفلك التجريبى الذى نعمل به.


مواضيع متعلقة