مسنة وابنتها يعملان على عربة طعام لسداد قروضهما البنكية: لازم نعافر

كتب: تامر نادر

مسنة وابنتها يعملان على عربة طعام لسداد قروضهما البنكية: لازم نعافر

مسنة وابنتها يعملان على عربة طعام لسداد قروضهما البنكية: لازم نعافر

في زاوية بأحد شوارع حي الدقي، وخلف «طاسة» حديدية كبيرة الحجم تمتلئ بالزيت المغلي، تقف «حميدة»، التي تجاوزت العقد السادس من عمرها، بجسدها النحيف، متحاملة على صحتها الضعيفة، لتسارع بتشكيل قطع عجينة الطعمية، وطهيها وتقديمها لزبائنها، حتى تتمكن من الحصول على المال لتسديد القرض سحبته من أحد البنوك لزواج ابنتها الصغرى ويثقل كاهلها منذ ذلك الحين.

«حميدة» تتحمل مسئولية أبنائها الخمسة بعد وفاة زوجها

حميدة محمد، 60 سنة، من أبناء عزبة أولاد علام بحي الدقي محافظة الجيزة، تغمر وجهها الدموع أثناء انهماكها في إعداد الطعمية والبطاطس وتجهيزها للزبائن، فور تذكرها رحيل زوجها منذ نحو 20 عامًا، تاركًا لها 3 بنات وولدين لم يزد عمر أكبرهم وقتها عن 10 سنوات، دون حتى أن يترك لها معاشًا ثابتا يسندها.

بعد وفاة الزوج، لم تجد «حميدة» خيارًا أمامها، سوى أن تُصبح أمًا وأبًا في وقت واحد، لذا تخلت عن راحتها وحياتها لأجل أبنائها، فقسمت يومها بين العمل في البيت كربة منزل وأم، والخروج إلى الشارع والعمل خلف عربة طعام تقدم الفلافل المختلفة كالطعمية والبطاطس والباذنجان للزبائن.

«حميدة» تتمكن من تزويجها بناتها بعربة الفلافل

استمرت الأم الستينية على ذلك المنوال لأعوام، حتى تمكنت أخيرًا من زواج اثنين من بناتها، ولكن مع زيادة الضغوط قبل عامين، احتاجت لسحب قرضًا بقيمة 20 ألف جنيه من أحد البنوك لإتمام زواج ابنتها الصغرى، وحتى الآن تمكنت من سداد 5 آلاف حنيهًا من قيمة القرض.

آلام جسدية تزعج «حميدة» خلال عملها  

«لازم أقاوح علشان فلوس الناس»، يعتبر ذلك هو المبدأ الذي تسير عليه السيدة الستينية، إذ تواظب  على نظام يومها بشكل ثابت، إذ تستيقظ كل يوم في الثالثة فجرًا وتظل في الشارع خلف عربتها على قدميها النحيفتين حتى الساعة الواحدة ظهرًا، لإعداد الطعام وتقديمه للزبائن من أمامها، محاولة جني ما تتمكن به من سداد باقي أموال البنك وتساعد ابنيها على الزواج: «عندي ابني الكبير 30 سنة والصغير 21 لسه مش قادرين يتجوزوا».

غرفتين متواضعتين من الطين اللبن بأحد شوارع عزبة علام، هو مسكن «حميدة» الذي تسكنه برفقة ابنيها، الذي يحتاج إيجارا يصل إلى 230 جنيهًا شهريًا، بالإضافة لمستحقات فواتير المياه والكهرباء، وما زاد من معاناة الأم الستينية أثناء عملها، أنها تعاني من مشاكل في النظر والتهابات في العظام تسبب لها آلامًا كثيرة تُزعجها خلال رحلة كفاحها اليومية.

«سميحة» ترث حظ والدتها «حميدة»

وإلى جوار «حميدة»، خلف عربة الطعام، تقف ابنتها سميحة فاروق، صاحبة الـ43 عامًا، والتي لم تختلف روايتها كثيرًا عن والدتها؛ بعد وفاة زوجها أيضا، وتحاول العمل أيضًا لجني بعضًا من المال تتمكن معه من سداد قرضًا بقيمة 60 ألف جنيهًا كانت سحبته من أجل زواج أحد أبنائها: «جوزي إتوفى من سنتين وعندي ابنين في سن 28 و25 سنة»، بحسب «سميحة».

رغم حصول «سميحة» على تأمين شهري بقيمة 1600 جنيه بعد وفاة زوجها الذي كان يعمل بإحدى الشركات، إلا أنها لم تحصل منه سوى على 600 جنيهًا فقط وباقي المبلغ يذهب للبنك كقسطٍ شهري: «لحد دلوقتي بسدد في الفوائد بتاعة القرض»، بينما تسكن في شقة في نفس الشارع مع والدتها تدفع لها 500 جنيهًا كإيجار شهري بخلاف قيمة فواتير المياه والكهرباء.


مواضيع متعلقة