تخفيض تلوث الهواء.. هدف استراتيجية 2030

08:20 م | الثلاثاء 18 يناير 2022

استهدفت الحكومة فى استراتيجية التنمية المستدامة 2030، عدداً من الأهداف المختلفة، أبرزها تقليل نسبة تلوث الهواء بمعدل 50%، وفقاً لمعدلات التلوث المعلنة عام 2015، وحسب رئيس قطاع نوعية البيئة بجهاز شئون البيئة، فقد نجحت الوزارة فى خفض النسبة بمعدل 25% حتى اليوم، وبالتالى تحقيق نصف المستهدف فى وقت قياسى.. «الوطن» توجهت إلى منظومة إدارة جودة الهواء التابعة للإدارة المركزية لنوعية الهواء بقطاع نوعية البيئة، لمعايشة ورصد الآليات التى قامت بها الوزارة لتحقيق هذا المعدل من الانخفاض، وفقاً لمنظومة تعتمد على المعايير الدولية، بجانب القيام بمعايشة داخل مصنع حلوان للأسمدة، باعتباره أحد المصانع المربوطة بشبكة الانبعاثات الصناعية.

منظومة إدارة جودة الهواء فى جهاز شئون البيئة تضم 3 إدارات منبثقة عن الإدارة الأم، وهى إدارة الهواء المحيط، وإدارة الانبعاثات الصناعية، وإدارة الإنذار المبكر، المسئولة عن إدارة وتحسين جودة الهواء فى مصر، خاصة فى القاهرة الكبرى والدلتا.

وحسب تأكيدات المسئولين عن المنظومة، توجد 6 ملوثات حدّدتها منظمة الصحة العالمية، نظراً لما لها من تأثيرات على الصحة العامة، إذا زادت على الحدود المسموح بها فى القانون، وهى أول أكسيد الكربون، والأوزون الأرضى، وثانى أكسيد الكبريت، وثانى أكسيد النتروجين، والرصاص، والجسيمات الصلبة مثل الأتربة التى يقل قطرها عن 10 ميكرون، لأنه كلما قل قطر الأتربة زاد ضررها على الإنسان.

«منظومة الجودة»: 3 إدارات لمواجهة التلوث.. وشبكة قومية لرصد الانبعاثات

داخل غرفة منظومة إدارة جودة الهواء فى جهاز شئون البيئة، وقف المهندس محمد سعيد مدير الإدارة المركزية لنوعية الهواء، يتابع سير العمل داخل الغرفة أولاً بأول، يتنقل بين الإدارات الثلاث المنبثقة عن الإدارة الأم؛ وهى: إدارة الهواء المحيط، وإدارة الانبعاثات الصناعية، وإدارة الإنذار المبكر، المسئولة عن إدارة وتحسين جودة الهواء فى مصر وخاصة فى القاهرة الكبرى والدلتا، التى تشهد كثافات سكانية كبيرة، يقف أمام الشاشة المثبتة على جدار الغرفة، ومن خلالها يتابع سير العمل داخل المنظومة.

«سعيد»:3 نقاط لرصد غاز الأمونيا

وقال: «الإدارة المركزية لنوعية الهواء هى إدارة تابعة لقطاع نوعية البيئة بجهاز شئون البيئة، وإحدى مهامها إدارة منظومة جودة الهواء، وهذه الإدارة تتكون من 3 إدارات؛ هى: إدارة الهواء المحيط وهى المسئولة عن الشبكة القومية لرصد الهواء المحيط، وإدارة الانبعاثات الصناعية والمسئولة عن الشبكة القومية لرصد الانبعاثات الصناعية، وإدارة الإنذار المبكر وهى المنظومة المسئولة عن تجميع هذه الشبكات فى نظام واحد أحلل منه مؤشرات وتوقعات للعوامل الجوية، وشغل الإدارة يمكن متابعته على مدار الساعة من خارج الوزارة، وكل موظف له حساب يمكنه من الدخول على الشبكة ومتابعة عمليات الرصد».

«يحيى»: رصدنا ملوثات ساعدتنا فى الحد من التلوث

ويقول المهندس يحيى سعيد السيد، مدير إدارة الهواء المحيط، إن مهام الإدارة والشبكة القومية التابعة لها تضم الشبكة 116 محطة لرصد ملوثات الهواء المحيط، ولدينا نوعان من المحطات: محطة لحظية ترصد الملوثات وترسلها إلى قاعدة البيانات الموجودة بوزارة البيئة وعليها 63 محطة، والنوع الثانى من المحطات يقوم بجمع عينات من الهواء يتم من خلالها سحب الهواء على فلتر لمدة 6 أيام، ثم بعد ذلك نقوم بأخذ الفلتر لتحليله ومعرفة نسب الملوثات وما إذا كانت حدودها مطابقة للمنصوص عليه فى قانون البيئة من عدمه».

وتابع: «يتم متابعة عمل المحطات أولاً بأول، حيث يتم الرصد بشكل لحظى، وفى حالة وجود قراءات عالية على الحد المسموح يتم التواصل مع العاملين بالمحطة لمعرفة السبب، وهل هذا الارتفاع فى القراءات ناتج عن وجود حرق مكشوف أو عمليات هدم، ويقوم بإرسال صورة لمعرفة السبب لحل المشكلة بشكل سريع»، مشيراً إلى أن محطات الرصد كان لها دور كبير فى حل بعض المشكلات، وذلك عندما قامت إحدى محطات الرصد بمدينة الصف بقراءة عالية، وعندما أجرينا مسحاً لمعرفة السبب، اكتشفنا وجود موقف عشوائى وطريق غير ممهد كانت السيارات تسير عليه بسرعة عالية ما أدى إلى تصاعد الأتربة بكميات كبيرة، وهو ما جعلنا نتواصل مع وزارة النقل، وتم إدراج رصف الطريق فى خطة 2022.

«هيام»: نعتمد على بيانات أقمار «ناسا»

بجوار مكتب مدير إدارة الهواء المحيط، توجد المهندسة هيام صابر، مدير إدارة الإنذار المبكر، التى التحقت بجهاز شئون البيئة قبل 15 عاماً، تجلس خلف مكتبها، وتقوم بتجهيز تقريرها اليومى، الخاص برصد البيانات التى تمكنها من التنبؤ بالعوامل الجوية لمدة 3 أيام متتالية، وفقاً للمعلومات التى يتم الحصول عليها من مسح الأقمار الذى تقوم به وكالة ناسا للفضاء يومياً، وقالت: «تقوم الإدارة بمتابعة 58 نقطة دراسة موزعة على 8 قطاعات تغطى الجمهورية، وهى القاهرة الكبرى والدلتا والصعيد وشمال سيناء والصحراء الغربية وساحل البحر الأحمر والساحل الشمالى، ويتم رصد هذه المناطق من خلال مسح الأقمار التابعة لوكالة ناسا، ولدى الوزارة حساب على موقع الوكالة يمكنها من خلاله الحصول على هذه البيانات بشكل يومى، ومن خلال هذه البيانات يتم تحديد النقاط التى تشهد عمليات حرق سواء حرق مخلفات زراعية أو بلدية».

وأضافت «هيام»: «من خلال رصد عمليات الحرق يتم التواصل مع إدارة التفتيش بجهاز شئون البيئة، للتواصل مع فروع الجهاز فى المحافظات، للتوجه إلى أماكن الحرق من خلال تطبيق إلكترونى محمل على هواتف فرق التفتيش»، مشيرة إلى أن الإدارة من خلال نماذج البيانات العالمية التى تحصل عليها ومن خلال النماذج العددية والرياضية يمكنها تحليل هذه البيانات بشكل علمى وتوقع حالات الجو لمدة 3 أيام متتالية، وهو ما يساعد على إدارة منظومة الهواء بشكل جيد خاصة فى الأوقات التى تشهد سكوناً فى الرياح ما يؤدى إلى وجود ما يسمى بأزمة تلوث الهواء الحاد.

والتقط المهندس محمد سعد، رئيس الإدارة المركزية لنوعية الهواء الحديث، لشرح ما المقصود بأزمة تلوث الهواء، قائلاً: «أزمة تلوث الهواء الحاد، ناتجة عن الأنشطة البشرية مع وجود سكون فى حالة الرياح التى تكون وظيفتها الأساسية تشتيت الملوثات الناتجة عن الأنشطة البشرية سواء عمليات الهدم أو الحرق المكشوف للمخلفات سواء الزراعية أو البلدية أو الانبعاثات الصناعية، وجميع هذه الملوثات تتصاعد، وفى الوقت نفسه يتم تركيزها فى الهواء نتيجة سكون الرياح، ومن هنا يأتى دور منظومة الإنذار المبكر التى من خلالها يتم التوقع بالأحوال الجوية لمدة 3 أيام سابقة، ومن خلال البيانات التى نحصل عليها من وكالة ناسا عن نقاط الحرق، يتم توجيه فرق التفتيش إلى هذه المناطق للحد من هذه الملوثات التى لا أستطيع منعها، لأنها ناتجة عن النشاط البشرى والنشاط البشرى لا يمكن إيقافه، ولكن إذا تمكنت من تخفيفها أو التقليل منها يعد نجاحاً ولو قدرت أقلل منها».

«أميرة»: ربط 86 مصنعاً للصناعات الثقيلة من خلال 430 مدخنة

مصدر آخر من التلوث، تتابعه وزارة البيئة أولاً بأول، وهو الانبعاثات الصناعية، التى قامت الوزارة بتخصيص إدارة له وكذلك شبكة من المحطات، حسب المهندسة أميرة جمال، مدير إدارة انبعاثاث المنشآت الصناعية بالإدارة العامة لنوعية الهواء بقطاع نوعية البيئة، التى قالت: «شبكة الانبعاثات الصناعية تقوم برصد الانبعاثات الصادرة من مداخن الصناعات الثقيلة مثل صناعات الأسمنت والأسمدة والحديد والصلب ومحطات توليد الكهرباء والزجاج وتكرير البترول، من خلال وضع مستشعرات على المداخن، يتم من خلالها متابعة هذه الانبعاثات لحظة بلحظة من خلال توصيلها إلكترونياً بمجمع البيانات المرتبط لدينا بالغرفة الرئيسية لقاعدة بيانات جهاز شئون البيئة عن طريق شبكة تليفون محمول أو خط إنترنت ثابت».

وأضافت: «كل صناعة من الصناعات الثقيلة لها حدود تختلف من صناعة إلى أخرى، وهذه الحدود لها ملحق خاص بها وهو الملحق رقم 6 فى اللائحة التنفيذية لوزارة البيئة، ومن خلال الشبكة أقوم برصد هذه الحدود لحظة بلحظة، والشبكة تربط 86 شركة بإجمالى 430 مدخنة، حيث إن المدخنة الواحدة يمكن أن تضم أكثر من مستشعر، حيث إن لكل مادة ملوثة مستشعر خاص بها، وعلى سبيل المثال يوجد مستشعر لرصد الجسيمات الصلبة مثل الأتربة، وآخر لاستشعار النوكس، وأخرى لثانى أكسيد الكبريت، بالإضافة إلى الظروف المرجعية مثل الضغط والحرارة، وأنواع المستشعرات تختلف باختلاف طبيعة ونوع الصناعة نفسها».

فى الوقت الذى كانت «أميرة» تجلس خلف مكتبها لمتابعة الانبعاثات الصادرة عن430 مدخنة لعدد 86 شركة، كان المهندس إيهاب فتحى، رئيس قسم البيئة فى مصنع حلوان للأسمدة، على الجانب الآخر يتابع الانبعاثات الصادرة عن مدخنته المرتبطة بشبكة الانبعاثات الصناعية لوزارة البيئة، للتأكد من الانبعاثات الصادرة عن مصنعه فى الحدود المسموح بها للقانون، وقال: «نحن من أوائل المصانع التى ارتبطت بالشبكة القومية للانبعاثات الصناعية لوزارة البيئة، حيث تم ربطها بالوزارة فى نهاية 2006، والمصنع يقوم بإنتاج اليوريا كأحد المغذيات الأساسية للنبات، ولابد من متابعة بيئة العمل بشكل جيد، ويتم التواصل مع الوزارة أولاً بأول وإبلاغهم فى حال حدوث مشكلة أو عطل فى المستشعرات وكذلك قبل إجراء عمليات الصيانة، حيث إن عمليات الصيانة قد ينتج عنها بعض الغازات التى تؤثر على قراءات المستشعرات».

وأضاف المهندس عادل أحمد سعيد، رئيس قطاع الإنتاج بالمصنع أنه تم إضافة جديدة للقراءات الخاصة بالمصنع، عبارة عن وضع 3 نقاط لرصد غاز الأمونيا، وهو أحد الغازات السامة فى حال استنشقها الإنسان، وتعد المكون الرئيسى فى صناعة اليوريا، وهو ما جعل المصنع يقوم بربطها بشبكة الانبعاثات الصناعية لوزارة البيئة، لزيادة أمان بيئة العمل فى المصنع.