«ميتا» السحر الأخير

جيهان فوزى

جيهان فوزى

كاتب صحفي

هذه هى خلاصة «ميتا فيرس» كما ساقها موقع «تليجرام»، أنقله كما وردنى، ولكم الخيار برفضه أو قبوله.

«ما حدث ليس مجرد تغيير اسم الفيس بوك، بل ما حدث أكبر؟ مارك زوكربيرج قرر أن يضم كل تطبيقات التواصل الاجتماعى (فيس بوك، وواتساب، وإنستجرام، وغيرها) فى شركه واحدة اسمها «Meta». ولو استسلمت البشرية له فسيتغير شكل الحياة قريباً، لكن كيف ذلك؟!

تخيل أنك جالس فى بيتك، تستطيع أن تذهب إلى عملك، وتدخل مكتبك، وبعدها تتسوق مع أصدقائك، وفى نهاية اليوم تحضر حفلة فى أفخم الفنادق، ثم تعود فى سيارة ليموزين جائعاً إلى بيت خرب، فهل تخيلت ذلك؟ هذا ما سيحدث فى الأيام القادمة! «مارك» أعلن أن شركته الجديدة ستغير شكل الإنترنت تماماً، وسيتم تطوير برامج الـ«3D» والنظارات الخاصة بها وإصدار «مقبض» سيكون معك فى بيتك، وهذا يعنى أنه عندما ترغب فى مقابلة أصدقائك مثلاً، ستدخل إلى مكان افتراضى تختاره، حديقة أو مقهى أو حتى قصر، ثم تقوم باختيار اللباس الذى تحبه والشكل الذى ترغبه، النظارات التى سترتديها ستأخذك من بيتك إلى المكان الافتراضى الجديد بتقنيات تكنولوجية مرعبة، ستجعلك تعيش الحالة الافتراضية وكأنها حقيقة بنسبة مائة بالمائة، أما المقبض أو القفاز الذى فى يديك فسيجعلك تلمس الأشياء حولك وتشعر بها!

الموضوع يبدو للوهلة الأولى رائعاً وجديداً وممتعاً، لكن الشىء المخيف أنك ستعيش فى عالم افتراضى لن تستطيع مغادرته أو الخروج منه، لأنه يلبى غرورك ويُشبع رغباتك، الأمر أصبح أكبر من مجرد موبايل نمسكه فى أيدينا ونفتح التطبيق ثم حين نكتفى نغلقه، بل سنكون نحن داخل التطبيق، وجزءاً منه وسنقابل أناساً، ونزور أماكن بعيدة، ونفعل ما نرغب به دون رقيب أو حسيب، كل ذلك وأنت مُستلقٍ على ظهرك فى سريرك ودون أن تغادر بيتك.

سيطرة التكنولوجيا على البشر ستكون أضخم وأشمل، وبالذات فى الخصوصية والرغبات، والموضوع بالتأكيد يحوى تفاصيل عديدة سنعرفها الأيام القادمة، ولكن الحقيقة الواضحة أن العالم كله يتحكم فيه شخص واحد اسمه «مارك زوكربيرج». كان لا بد أن يكون هناك تدرُّج حتى يقبل الناس العقد الاجتماعى الجديد دون معارضة للشروط المجحفة لهذا العقد، بل إنهم لم يمنحوا الفرصة لانتقاد كل ما يحيكونه للبشرية، فلم يبخل حكام هذا العالم بربطه بشبكة عنكبوتية من الكابلات والخيوط وصولاً للواقط ومراكز البث حتى يصلوا بكل ذلك لهاتفك الصغير المحمول لتشتريه بأبخس الأثمان، كما وفروا لك الإنترنت بصورة شبه مجانية، ولم يتوقف كرمهم معك عند هذا الحد، بل أنشأوا مواقع سمُّوها مواقع تواصل اجتماعى بالمجان، فيكفى أن تشترك باسمك ولقبك ورقم هاتفك لتصبح مستفيداً من هذه المنظومة، بل يمكنك أن تجنى الأرباح من خلال متابعيك أو بالمشاهدة فقط، وزادوا على كل ذلك برامج ترفيهية وألعاباً ومباريات مباشرة وبيع وشراء من دون أن تدفع فلساً واحداً، أصبح الناس يتنافسون على الاشتراك فى هذه المواقع وتحقيق المتعة والاستفادة وكل ذلك بالمجان، لكنهم لا يعلمون أنهم فى الأخير هم السلعة، حكام العالم عطلوا هذه المواقع لبضع ساعات فغضب الناس لأنهم أصبحوا لا يستطيعون العيش من دونها! إنها فقط إشارة ليبدأ عهد جديد من العبودية المطلقة ويكون فيه البشر مجرد رقم إلكترونى.

«الميتا» التى أعلنها مارك كفكرة، ليست وليدة اليوم، وإنما هى مخطط طويل منذ سنوات، بل هى التتويج الكبير لخطتهم، سيستمر كرمهم وسخاؤهم وسيوفرون أجهزة تطبيق «الميتا» من نظارات وساعات وماسكات بسعر التكلفة كما صرّح «مارك»، لأن استفادتهم ليست ببيع الأجهزة وإنما باشتراك وانخراط البشرية فى مشروعهم الدولى، هذا المشروع الذى سيجلس الشخص فيه فى مكانه، فقط يلبس تلك الشاشة ثلاثية الأبعاد، ليعيش عالماً من السحر يعيش فيه من أجل إسعاد شخصيته الرقمية، فيبحث عن المطعم الذى سيأكل فيه وعن المرأة التى سيعاشرها وعن الفندق الذى سيبيت فيه، وربما ستكون له عمارة من عشرة طوابق وموظفون وسيارات فارهة ويقضى عطلته فى جزر الكاريبى ويركب أغلى اليخوت. لكن فى الحقيقة هو لم يغادر بيته، وربما هو فى حالة جوع رهيبة، وربما هو يعيش كل ذلك السحر وهو يبيت فى الشارع! الأمر جدُّ خطير، ولن يخضع مشروعهم الاستعبادى الحديث للقوانين الوطنية وإنما سيخضع فقط لمعايير مجتمعهم.

المشروع هو متاهة بلا نهاية من الأفكار، فيمكن أن يُدخلوا أى شىء فيه كالصلاة مثلاً، أو الذهاب للحج وأنت لم تغادر منزلك، وستكون الحرية الجنسية هى عنوانه، وسيفرضون به المثلية والبيدوفيليا، وسيحاربون الإسلام أشد محاربة، وسيصبح معه كل شىء مباحاً. إنه الجنون بمعنى الكلمة، وسيربطون جنونهم بكل شىء من صحة وتعليم وكل جوانب الحياة حتى يرغموا الناس على الانضمام إلى هذا العالم السحرى».