ما حكم تشريح جسد الإنسان بعد وفاته؟.. مفتي الجمهورية يجيب

كتب: أحمد البهنساوى

ما حكم تشريح جسد الإنسان بعد وفاته؟.. مفتي الجمهورية يجيب

ما حكم تشريح جسد الإنسان بعد وفاته؟.. مفتي الجمهورية يجيب

أجاب الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، على سؤال حول مشروعية تشريح جسد الإنسان بعد وفاته، سواء كان ذلك لصالح مصلحة الطب الشرعي أو العملية التعليمية بكليات الطب.

وأعاد موقع دار الإفتاء نشر الفتوى التي تحمل رقم 15011، على صفحته الرئيسية، ويستعرض التقرير التالي جزءا منها.

حكم تشريح جثة الميت

وفي الإجابة التي نشرها موقع دار الإفتاء، قال الدكتور شوقي علام، إن تشريح جسد الإنسان بعد وفاته سواء كان ذلك لصالح مصلحة الطب الشرعي أو العملية التعليمية بكليات الطب جائزٌ شرعًا، إذا ما روعيت فيه بعض الشروط الشرعيَّة، التي منها:

1- أن يكونَ هذا العمل في حدود الضرورة القصوى التي يقدرها الأطباء الثقات بمعنى أنه إذا كانت جثة واحدة تكفي لتعليم الطلاب، فلا يصح أن يتعدى ذلك إلى أخرى.

2- وأن يكون صاحب الجثة قد تحقق موته موتًا شرعيًّا، وذلك بالمفارقة التامة للحياة، ولا عبرة بالموت الإكلينيكي؛ لأنه لا يعد موتًا شرعًا.

3- مراعاة الإجراءات المنظِّمة لهذا الأمر طبيًّا، والتي تضمن ابتعاد هذه العملية من نطاق التلاعب بالإنسان الذي كرَّمه الله ولا تجعله عرضة للامتهان، أو تحولـه إلى قطع غيار تباع وتشترى، بل يكون المقصد منها: التعاون على البر والتقوى وتخفيف آلام البشر، وأن يكونَ ذلك في ظروف تليق بالكرامة الإنسانية.

تشريح جثث الموتى من الوسائل التي بها اهتم الباحثون على مَرِّ الزمان

وتابع مفتي الجمهورية، في إجابته على سؤال مشروعية تشريح جثة الميت، قائلا إنه: يعتبر تشريح جثث الموتى من الوسائل التي بها اهتم الباحثون على مَرِّ الزمان للتعرف على طبيعة الإنسان والكشف عن الأمراض والأغراض العلاجية؛ فقد عرفه قدماء المصريين وقاموا بتشريح أجساد موتاهم من أجل تحنيطها، كما استخدمه أطباء المسلمين الأعلام -كأبي بكر الرازي (ت: 311هـ) وابن سينا (ت: 427هـ)، وابن النفيس (ت: 687هـ) وغيرهم- وبرعوا فيه مع تدوين وتسجيل ما اكتشفوه من أسرار جسم الإنسان والحيوان والنبات في مؤلفاتهم الماتعة النافعة.

وأوضح «علام» أنهم حازوا «قصب السبق في معرفة الأعضاء والعظام والكشف عن تفاصيلها بصورة دقيقة؛ كما فعل العلامة ابن الهيثم (ت: 430هـ) في تشريح العين وتمكنه من الوقوف على أوصاف أجزائها».

وأوضح مفتي الجمهورية، أن التشريح والشرح في اللغة: قطع اللحم على العظام قطعًا، ويطلق في الاصطلاح: على العلم الذي يبحث فيه عن أعضاء الإنسان وكيفية تركيبها من أجل معرفة كمال صنع الله تعالى، والوقوف على أسباب الأمراض ومظاهرها وتيسير التداوي والعلاج منها.

فوائد علم التشريح

ولفت «علام» إلى أنه «قد أجمل العلامة ابن النفيس فوائد علم التشريح في (شرح تشريح القانون (1/ 21-22، ط. المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة) فقال: [انتفاع الطبيب بهذا العلم، بعضه في العلم، وبعضه في العمل، وبعضه في الاستدلال، أما انتفاعه في العلم والنظر، فذلك لأجل تكميله معرفة بدن الإنسان؛ ليكون بحثه عن أحواله وعوارضه سهلًا، وأما الانتفاع بالعمل فمن وجوه:

أحدها: أنه يعرف به مواضع الأعضاء فيتمكن بذلك من وضع الأضمدة ونحوها، حتى يسهل نفوذ قواها إلى الأعضاء المتضررة.

وثانيها: أنه يعرف به مبادئ شعب الأعضاء ونحوها، ومواضع تلك المبادئ فيتمكن من عرض لها خروج عن ذلك بخلع أو نحوه.

وثالثها: أنه يعرف به أوضاع الأعضاء بعضها من بعض فلا يحدث عند البط - شقُّ القرحة والخُرَّاج - ونحوه قطع شريان، أو عصب، ونحو ذلك، وكذلك لا يقطع ليف بعض العضلات في البط ونحوه، وذلك لأجل تعرفه مذاهب ألياف العضل.

وأما انتفاع الطبيب بهذا الفن في الاستدلال، فذلك قد يكون لأجل سابق النظر، وقد يكون لغير ذلك، أما الأول: فكما إذا احتاج الطبيب إلى قطع عضو، فإنه إن كان عالمًا بالتشريح تمكَّن حينئذ من معرفة ما يلزم ذلك القطع من الضرر الواقع في أفعال الشخص فيُنذِر بذلك، فلا يكون عليه بعد وقوع ذلك الضرر لائمة، وأما الثاني: فكما إذا كان يستدل به على أحوال الأمراض] اهـ.

واختتم المفتي إجابته على السؤال، بقوله: «قرر جمهور الفقهاء من الحنفيَّة وبعض المالكيَّة والشافعية وهو المتجه عند الحنابلة على الجملة، مشروعية تشريح المرأة الحامل التي ماتت لإنقاذ مولودها الحي من بطنها».


مواضيع متعلقة