من تكسير الجبل إلى صناعة «الرحى»: مشوار «شعبان» مليء بالحجارة

من تكسير الجبل إلى صناعة «الرحى»: مشوار «شعبان» مليء بالحجارة
- الرحى
- استخدام الرحى
- صناعة الرحى
- تكسير الحجارة
- مهنة تكسير الحجارة في الجبل
- الرحى
- استخدام الرحى
- صناعة الرحى
- تكسير الحجارة
- مهنة تكسير الحجارة في الجبل
عاش جُل حياته بين الصخور يكسرها كمقاتل يواجه عدوه الأبدي، ملقيا ما حطمه منها خلف ظهره غير عابئ بشيء إلا انتصاره على ما كان يقف أمامه صلدا لا يلين، بكل ضربة تنزل فيها مطرقته على صخرة أو حجر يشتد معها قلبه كالصخور التي يكسرها، يحيل هذه الكتلة الكبيرة الصلدة الممسكة ببعضها البعض إلى قطع صغيرة يمكن استخدامها، إلا أن سنوات عمره التي قاربت على الثمانين منحته لمسة خاصة ونظرة مغايرة للحياة، أحالت حياته من أداة كسر للصخور إلى فنان ماهر صانع «رحى». الصخور تزوره وتتلمسها يديه لتزيل حوافها المدببة وتحيلها إلى جسم ناعم يدب فيها الحياة ملقيا بداخلها القمح والشعير.
72 عاما هي سنوات عمر شعبان الحمدي، ابن محافظة سوهاج، الذي قضى عمر في مهنة تكسير الحجارة في الجبل، لكسب الرزق، تلك المهنة التي بدأها طفلا في سن 14 عاما، ومنها ساعد أسرته، وتزوج، وأنفق على أبنائه، حتى قرر بعد أكثر من نصف قرن من العمل في تلك المهنة أن يغيرها، لمهنة أخرى فريدة من نوعها.
المرض يمنع «شعبان» من العمل في تكسير الحجارة
مشكلات صحية عديدة عاني منها «شعبان» على مدار الأعوام الماضية، أعجزت يده عن الإمساك بالمطرقة وتكسير الحجارة في المهنة التي لم يكن يعرف غيرها، ليضطر للبحث عن مهنة أخرى، تساعده في توفير نفقات معيشته ولأسرته حتى لا يجد نفسه في ذلك السن عالة على الآخرين، «قررت اشتغل في صناعة الرحى».
يعلم الرجل السبعيني أن تلك المهنة أوشكت على الاندثار، لكنها كانت الخيار الوحيد أمامه للعمل، «لقيت نفسي مش عارف أشتغل غير تكسير الحجارة، لحد ما جت في بالي الشغلانة دي، أهو برضو بتعامل فيها مع الحجارة»، فقرر الاعتماد على زبائنه القلائل الذين لا يزالون يستخدمون «الرحى»، في منازلهم.
مراحل عديدة تمر بها صناعة «الرحى» التي ينتجها «شعبان»، والتي تبدأ بشراء الحجارة من الجبل، ويكون تكلفة الحجر الواحد ما يقرب من 50 جنيها، ثم يبدأ في عملية نحتها حتى تكون مهيئة لعملية الطحن، «مكسبي في قطعة الرحى الواحدة اللي بتتباع ميزدش عن 15 جنيها، عشان عايز أشتغل».
زبائن قلائل يعتمد عليهم في بيع «الرحى» الذي يصنعه لأبناء قرية العيساوية مسقط رأسه في سوهاج، «مش ببيع كثير يعني حوالي قطعتين في الأسبوع، والحمد لله راضي برزقي، وربنا يسترنا في الدنيا دي».