اليوم العالمي للغة العربية ..الـ«ض» تـتـراجـع

اليوم العالمي للغة العربية ..الـ«ض» تـتـراجـع
- اللغة العربية
- اختيار المعلمين
- المدارس الخاصة والدولية
- اللغات الأجنبية
- اللغة العربية
- اختيار المعلمين
- المدارس الخاصة والدولية
- اللغات الأجنبية
فى أيام الاحتلال والإمبراطوريات العظمى، سعت الدول الاستعمارية إلى فرض لغاتها القومية على الشعوب المحتلة، توطئةً لإسقاط اللغة الأم، ومحو الشخصية الوطنية، وفرض هيمنتها، لأن المستعمر يعى جيداً أن اللغة هوية الشعوب، ومؤشر على الولاء ومعيار للانتماء، لذلك ينص الدستور المصرى على الحفاظ على اللغة الأم. واللغة العربية واحدة من أكثر اللغات انتشاراً، حيث يتجاوز عدد الناطقين بها 400 مليون نسمة من سكان المعمورة، وتحتل مكانة سامية لدى المسلمين كونها لغة القرآن والتشريعات، لكن واقع اليوم يجعلنا نأسى للمستوى الذى وصلت إليه اللغة فى المجتمع، إذ إن عقلية الجيل الحالية تقول بوجوب اعتماد اللغات الأجنبية كالإنجليزية، باعتبارها لغة العلم والتكنولوجيا والأبحاث، وحتى فى الأحاديث الدارجة، فى حين يعتبرون اللغة العربية شيئاً عتيقاً يصلح لقواعد النحو والصرف وقصائد الشعر على الأكثر.
ولا يخفى على أحد ما يعانيه واقع اللغة من تردٍّ وتراجع الاهتمام بها فى الحياة اليومية، حتى إن معلم اللغة العربية بات مادة للتندر فى الأعمال الفنية، وصارت مادة اللغة العربية فى ذيل اهتمامات دارسيها فى المدارس، ما أدى إلى تراجع مستوى الخطاب والذوق العام، وسيادة نوع من أغانى المهرجانات بكلماتها المبتذلة.. وأصبحنا نجد الشباب يتفاخرون بالحديث بالإنجليزية، والأسر تشجع أطفالها على هجران اللغة. ومع ذكرى الاحتفال باليوم العالمى للغة العربية، فى 18 ديسمبر من كل عام.. وقرار الأمم المتحدة إدخال العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل فى المنظمة الدولية، التى اختارت لهذا العام 2021 موضوع «اللغة العربية والتواصل الحضارى»، الذى يعتبر نداءً للتأكيد مجدداً على الدور المهم الذى تؤديه اللغة فى مد جسور الوصال بين الناس.. تناقش «الوطن» واقع اللغة وترصد مظاهر ضعفها وآليات العمل من أجل النهوض بها.
أكاديميون: «العربية» أصبحت في المرتبة الثانية.. ومطلوب مناهج مشوِّقة
أكد عدد من أساتذة اللغة العربية فى الجامعات المصرية أن وضع تدريس اللغة العربية فى المدارس الخاصة والدولية مريب، لأن الاهتمام باللغات الأخرى يأتى على حساب اللغة العربية، مشددين على ضرورة تطوير آليات تدريس جديدة فى المدارس وزيادة الحصص التعليمية للغة فى المدارس غير الحكومية، وضرورة وجود مستشارين من الجامعات فى المدارس ومتابعة مدى الاهتمام باللغة وقياس وتطوير مستوى المعلمين.
وقال الدكتور جودة مبروك، عميد كلية الآداب بجامعة بنى سويف سابقاً، إن اللغة العربية تعانى حالياً قصوراً وعدم اهتمام، فهى بعيدة عن الحياة اليومية ولغة الفنون ولغة رجل الشارع العادى ودور العلم، موضحاً أن المؤسسات التعليمية، خاصة قبل الجامعية، استبدلت بها اللغة الإنجليزية وهو ما أثر عليها بالسلب.
«مبروك»: لا بد من اختيار معلميها بعناية
وأضاف «مبروك» أن حظ اللغة العربية فى المدارس الخاصة والدولية قليل للغاية إذا ما قورنت باللغات الأخرى، متابعاً: «لا نلوم المدارس الأجنبية والخاصة على قلة اهتمامها باللغة العربية بقدر ما نلوم أنفسنا على السماح بذلك»، مؤكداً أن هناك ضرورة مُلحة لعودة اللغة العربية لغة أولى وليست لغة ثانية، والمدارس غير الحكومية كثيراً ما تقرر مناهج تقوية إضافية على الطلاب فى اللغات الأجنبية.
وأوضح أن إضافة مناهج كمستويات تقوية للطلاب فى اللغات الأجنبية تُعتبر هى الاهتمام الأوحد لهذه النوعية من المدارس، وهذه المستويات تعتبر ازدواجية للمقرر الرئيسى، وهو ما تفتقده مادة اللغة العربية، وقال: «تدريس اللغة العربية يعتمد فقط على المقرر الرسمى دون أى تحسينات أخرى».
وأوضح أن هناك العديد من الأدوار التى يجب أن تقوم بها وزارة التربية والتعليم لإعادة مكانة اللغة العربية، تتمثل فى وضع مناهج مشوقة للطلاب وإعداد مدرس اللغة العربية إعداداً جيداً ليصبح مؤهلاً للتدريس، فالمدرسون تنقصهم الخبرة، مؤكداً أن خريج الجامعة غير مؤهل للتدريس ولا بد من اختيار معلمى اللغة العربية بعناية، وهناك ضرورة لعودة الأنشطة الكلامية كالمسرح والخطابة والإلقاء والاستماع لأنه نادراً ما يتحدث المعلم العربية الفصحى فى الفصل.
وشدد على ضرورة أن يكون معلم اللغة العربية حاصلاً على درجة علمية بجانب الشهادة الجامعية، سواء دبلوم الدراسات العليا أو درجة الماجستير وهو ما يساعد فى رفع مستوى تدريس اللغة العربية وعودتها لمكانتها الأولى، خاصة فى المدارس الخاصة، وكذلك موجهو اللغة العربية يجب أن يكونوا حاصلين على درجة الدكتوراه.
وشددت الدكتورة عزة شبل، أستاذ اللغة العربية بجامعة القاهرة، على ضرورة زيادة عدد ساعات تدريس اللغة العربية فى المدارس الخاصة والدولية، وتعزيز تعاون بين أساتذة الجامعات والمدارس لخلق نوع من التقييم المستمر لمستوى التدريس فى العملية التعليمية.
«عزة»: توفير مستشارين من أساتذة الجامعات
وأضافت «عزة» أن التعاون بين المدارس وأقسام اللغة العربية فى الجامعات يسهم فى تقوية ورفع مستوى تدريس اللغة لدى المعلمين والطلاب، موضحة أنهم بمثابة مستشارين تعليميين لتقييم المناهج فى المدارس وربطها بسوق العمل، مؤكدة على ضرورة توفير دورات تدريبية للمعلمين بصفة مستمرة: «حينما يتوقف المعلم عن تحصيل العلم تتوقف عجلة الزمن».
وقال الدكتور نور عابدين، أستاذ اللغة العربية المساعد بجامعة الإسكندرية، إن مستوى تدريس اللغة العربية فى المدارس الدولية يحتاج إلى مزيد من الاهتمام لكى تكون على قدر المساواة مع اللغات الأخرى، لأن الوضع الحالى يؤثر على أجيال هذه المدارس بالسلب، موضحاً أن طبيعة هذه المدارس تهتم بتدريس العلوم الأخرى باللغات الأجنبية على حساب اللغة العربية، وهو ما يجب أن يعاد إليه الاهتمام بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، لأن تنوع العلوم واللغات هو مطلب أكاديمى يدل على نجاح المؤسسة لكن إغفال اللغة هو أمر غير صحيح.
«عابدين»: تحتاج لإعادة نظر.. وإغفالها غير صحيح
وأضاف أن المدارس الخاصة تهتم بتدريس اللغة العربية وتفعيل أنشطتها بقدر معقول، على عكس المدارس الدولية، مؤكداً أن الاهتمام باللغة العربية كمادة وثقافة أمر لا بد منه فى أى مؤسسة تعليمية على أرض مصرية، مشدداً على ضرورة إعادة النظر فى تدريس اللغة العربية فى المدارس الدولية.
وطالب بضرورة إعادة النظر فى مناهج اللغة العربية فى الوقت الحالى، لأنه لا بد من وضع مناهج تساير التطورات الراهنة وتكون قائمة على أكاديميات واضحة واتباع أساليب تدريس جديدة والابتعاد عن الأساليب التقليدية.
وأشار إلى أن الشارع المصرى مثقف واعٍ حتى الذين لم يُكملوا المراحل التعليمية، والدليل على ذلك استخدام بعض العبارات الثقافية فى التهنئة والترحيب والتحية، موضحاً أن الإشكالية تكمن فى التوعية بأهمية اللغة العربية لتحويل مسار الثقافة المصرية إلى الأفضل، خاصة مع ظهور الكثير من الأغانى التى أدت إلى ابتذال اللغة بدرجة كبيرة ووصلت بها إلى الدرك الأسفل.