«فاضل» أنجب «أحمد» بعد 17 عاماً من الانتظار ثم استشهد ابنه فى مذبحة «كرم القواديس»

«فاضل» أنجب «أحمد» بعد 17 عاماً من الانتظار ثم استشهد ابنه فى مذبحة «كرم القواديس»
الشهيد أحمد فاضل، شهيد حادث «القواديس» الإرهابى.. أنجبه والده بعد 17 عاماً من الزواج، عاش خلالها على أمل أن تتحقق المعجزة ويرزقه الله بطفل بعد أن ملّ من الطب والأطباء، فقدّر الله وتحققت المعجزة. كان ينظر إليه بقلب فرح وهو يرى نجله يشتد عوده ليصبح رجلاً يمكن أن يعتمد عليه والده فيما تبقى له من عمر، كان يخاف عليه من كل شىء، ورغم قسوة الحياة وضيق الرزق أصر على أن يتعلم ويكون مثل أفضل شباب قريته، حفظ القرآن الكريم، أحبه حباً لم يحبه لباقى أشقائه الذين جاءوا من بعده، استعاد ذكرى فرحته حين سمع صوت بكاء أول طفل ينجبه حين علم باستشهاده فوقع على الأرض فاقداً الوعى.
كان لا يناديه إلا بالأستاذ، فهو خريج الشريعة والقانون وكان يتمنى أن يكون وكيل نيابة كبيراً ليفتخر به أمام أهل قريته، بعد حصوله على تقدير كبير فى الكلية، وكان روح أمه التى انهارت منذ علمها بنبأ استشهاده.
سكن جسد الشهيد أحمد فاضل على مصطفى، 24 عاماً، القبر بجوار ابن خاله الذى استشهد أيضاً أثناء خدمته العسكرية بعد أن انفجر فيه لغم أرضى وأصبحت العائلة تلقب فى القرية بعائلة الشهيدين، فلم تنل هذا الشرف أى عائلة أخرى فى قرية كفر دميرة الجديدة بمركز طلخا فى الدقهلية.
بجلبابه البسيط وقدميه الحافيتين جلس عم فاضل، والد الشهيد، على أريكة أمام منزله وبجواره شقيقته تحاول مواساته لكن لا أحد يقدر على إسكاته، يصمت لحظات، ثم تمتلئ عيناه بالدموع ويصرخ: «يا ابنى يا ولدى يا أستاذ، خبر أسود، كنت شايل شنطتك وبتجرى فى الشارع زى الرهوان رايح الجيش يا ابنى كنت رايح لقضاك، مية نار فى كبدى من جوه يا ابنى، عريسك راح يا جميلة»، ثم يصمت محاولاً كتمان حزنه، لكنه لم يستطع.
حمل أحمد شنطة سفره وذهب لاستكمال مهمته فى جيشه التى كانت ستنتهى يوم 5 نوفمبر المقبل، وكله أمل أن يعود مرة أخرى ليستكمل تشطيب شقته، وطلب من والده ألا يقوم بأعمال النقاشة فى الشقة حتى يعود، فسيكون أمامه 20 يوماً قبل أن يتزوج من ابنة خاله التى خطبها منذ ثلاث سنوات.
«وعدنى أن يحضر لى زيتوناً من العريش فعاد لى فى قطعة خشب»، هكذا عبّر شوقى أمين، خال الشهيد، عن انتظاره لعودة ابن شقيقته، وتابع قائلاً: «لم يدخل مسجد بالقرية إلا وكان إماماً للمصلين، فالجميع كان يحبه ويحترمه، وما حدث من تفجير هو إهمال من الدولة والمكان ده اتضرب أكتر من مرة واحنا انتخبنا الرئيس السيسى ليطهر البلد، اللى يضرب أخوه المسلم ويقتله يبقى مش مسلم، فالمسلم لو قتل الكافر بدون حق يروح النار معقول مسلم يقتل مسلم؟».[FirstQuote]
وأضاف: «ابنى أيضاً استشهد وكان باقى له 4 شهور وينتهى من الجيش وأعطونا شوية فلوس (كأننا بنشترى فرخة) ولو ملأوا لنا البيت كله فلوس لا يكفى حزن أهله عليه، مين مسئول عن اللى بيحصل؟ الشهيد أحمد فاضل انتخب السيسى وبصم وعلّم بإصبعه على السيسى الذى يقبض على الإخوان كل فترة ويرجع يسيبهم لنا تانى، بالله عليه لم نطلع ابننا محروق من بطنه من الخشبة، ترضى مين لا يمكن ترضى بشر، هل السيسى مبسوط بكده؟ جيشه بيتحارب بالنار، أمال هو جيش ليه؟ دا لو بنحارب إسرائيل لن يحدث لنا ذلك، وكل هؤلاء يستشهدون فى وقت واحد؟ نريد العدل والقصاص».
«حبينا بعض 3 سنوات، وكنا ننتظر انتهاء الخدمة العسكرية لنتزوج وكان يصارحنى بأن الخدمة فى العريش صعبة قوى لكن لم يقل هذا الكلام لأبيه أو أمه فكان دائماً يُظهر أمامهما أنه مبسوط فى الجيش»، هكذا نطقت خطيبة الشهيد بكلمات لم تكد تخرج من بين شفتيها من شدة الحزن، بعد أن فقدت عريسها وابن خالها، وتابعت: «كلمنى قبل الحادث بيوم واحد ولم يتحدث فى أى شىء غير إنه سلم علىّ وعلى أمى وأبى، كان طيب قوى ومحترم، ولذلك كنت أحبه»، ثم صمتت ولم تتحدث، منهمرة فى البكاء.