بريد الوطن .. انتصارات مؤلمة (قصة قصيرة)

بريد الوطن .. انتصارات مؤلمة (قصة قصيرة)
جلس فى غرفته المعتمة، يحدِّث نفسه، فقد فاض به الكيل، ذلك الشاب المفعم بالحيوية ضد أشياء لم يدرك حقيقتها ويصدقها إلا من خلال كثرة المواقف الصعبة التى أحرقته من الداخل، إنها نهايات لم يقبل بها ولكنه كان فى حاجة ماسة إليها لوضع حد لتأوهات نفسه، اعتبرها معارك صامتة كان من نتائجها سلسلة من الهزائم الداخلية المتتالية، صراعات شرسة تسببت فى ضجيج صامت جعلته يسير بملامح باهتة وتجاعيد حزن.
ها هو الآن يضع حداً فاصلاً لكل ما يمر به من معاناة، ويوقف سيل انهياراته وانكساراته، ويحقق انتصارات لأشياء أنهكت روحه وكوامن نفسه، لكنها انتصارات حزينة لم يكن يتمنى حدوثها بهذا الشكل ضد من خذلوه وكان يعتبرهم من أعز أصدقائه وأحبابه، ليوقف سقم خيبات الأمل معهم، ويُنهى عزلته التى فرضوها عليه بسبب كثرة الصفعات ليبحث عن محطة يستقر فيها بوعى ويجد فيها الراحة والأمان، فقد أدرك الخيط الرفيع الفاصل بين الحزن واليأس، حيث إن كل حزن سيمر مهما كانت مرارة الفترة التى يمر بها، ويأتى عوض الله له بشكل خفى ليدهشه، أما اليأس فيقتل كل شىء فيه أمل، حيث إنه وأد للذات وهو على قيد الحياة.
الآن يُنهى ألم الفراق واستنزاف الطاقات، ويحتوى بمهارة صدى أى أوقات عصيبة بداخله، ويحاول أن يرمم هذه الشروخ، وأيضاً ليستشعر نسائم التغيير، ويضع حداً لأحلام لم يجد فيها نفسه، ويجدد من دمائه بأحلام بديلة، وهو يحاول أن يسابق الزمن متناسياً كم عمره! حيث يجد فيها حريته ومتنفسه ويرى حقيقة ذاته من خلالها.
عصام كرم الطوخى - كاتب ومؤلف
يتشرف باب «نبض الشارع» باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com