وزير الري: التعامل الأحادي في ملء وتشغيل السد الإثيوبي والتغيرات المناخية أبرز تحديات المياه في مصر

وزير الري: التعامل الأحادي في ملء وتشغيل السد الإثيوبي والتغيرات المناخية أبرز تحديات المياه في مصر
أكد د. محمد عبدالعاطى، وزير الموارد المائية والرى، أن التعامل الأحادى فى ملء وتشغيل السد الإثيوبى، من جانب أديس أبابا، والزيادة السكانية والتغيرات المناخية ومحدودية الموارد من أبرز تحديات قطاع المياه فى مصر.
«عبدالعاطي» للدبلوماسيين المجريين: عدم وجود اتفاق قانوني عادل وملزم حول السد أحدث أضراراً كبيرة على دولتي المصب
وأضاف «عبدالعاطى»، فى محاضرة أمام الدبلوماسيين المجريين بالأكاديمية الدبلوماسية المجرية، تحت عنوان «إدارة المياه فى مصر وتغير المناخ.. الفرص والتحديات»، بمقر الخارجية المجرية، إن عدم وجود اتفاق قانونى عادل وملزم بشأن سد النهضة، وإدارة السد بشكل منفرد، وإصدار بيانات مغلوطة تسبّب فى حدوث أضرار كبيرة على دولتى المصب.
واستعرض الوزير خلال محاضرة ألقاها مساء أمس ، على هامش مشاركته فى مؤتمر «كوكب بودابست» بالمجر، الموقف المائى فى مصر، موضحاً أن مصر تعتمد بنسبة ٩٧% على مياه نهر النيل، وتصل احتياجاتها المائية إلى ١١٤ مليار متر مكعب سنوياً، تقابلها موارد مائية لا تتجاوز ٦٠ مليار متر مكعب سنوياً، بعجز يصل إلى ٥٤ مليار متر مكعب سنوياً، ويتم سد هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام المياه، واستيراد محاصيل زراعية بما يعادل ٣٤ مليار متر مكعب سنوياً، مشيراً إلى قيام الوزارة بتنفيذ الكثير من المشروعات الكبرى التى تهدف إلى زيادة قدرة المنظومة المائية على التعامل مع التحديات المائية بدرجة عالية من المرونة والكفاءة، وتحقيق الكثير من الأهداف، مثل ترشيد استخدام المياه، وتعظيم العائد من وحدة المياه، وتحسين إدارة المنظومة المائية، والتأقلم مع التغيرات المناخية، مثل مشروعات تأهيل الترع والمساقى والتحول للرى الحديث وإنشاء محطات معالجة ثلاثية للمياه بطاقة تصل إلى ١٥ مليون متر مكعب يومياً، وإنشاء ما يقرب من ١٥٠٠ منشأ للحماية من أخطار السيول، وتنفيذ أعمال حماية للشواطئ بأطوال تصل إلى ١٢٠ كيلومتراً، والعمل فى حماية أطوال أخرى تصل إلى ١١٠ كيلومترات.
وتحدّث «عبدالعاطى» عن الموقف الراهن لمفاوضات السد الإثيوبى، وما أبدته مصر من مرونة كبيرة خلال مراحل التفاوض، لرغبتها فى التوصّل إلى اتفاق عادل وملزم فى ما يخص ملء وتشغيل السد، مشيراً إلى ضرورة وجود إجراءات محدّدة للتعامل مع حالات الجفاف المختلفة، فى ظل اعتماد مصر الرئيسى على نهر النيل، لأن مصر قامت بمحاولات كثيرة لبناء الثقة خلال مراحل التفاوض، إلا أن ذلك لم يقابل بحُسن نية من الجانب الإثيوبى، مع تأكيد أن أى نقص فى المياه سيؤثر على الملايين من العاملين بقطاع الزراعة، ما سيُسبب مشكلات اجتماعية وعدم استقرار أمنى فى المنطقة ويزيد الهجرة غير الشرعية.
وأكد تعمّد الجانب الإثيوبى إصدار بيانات مغلوطة وإدارة السد بشكل منفرد، مما تسبّب فى حدوث أضرار كبيرة على دولتى المصب، بخلاف الأضرار التى تعرّضت لها السودان نتيجة الملء الأحادى فى العام الماضى، والمعاناة من حالة جفاف قاسية أعقبتها حالة فيضان عارمة بسبب قيام الجانب الإثيوبى بتنفيذ عملية الملء الأول، دون التنسيق مع دولتى المصب، ثم قيام الجانب الإثيوبى بإطلاق كميات من المياه المحمّلة بالطمى خلال شهر نوفمبر ٢٠٢٠، دون إبلاغ دولتى المصب، مما تسبّب فى زيادة العكارة بمحطات مياه الشرب بالسودان.
وأكد أن الندرة المائية والتغيرات المناخية تزيد صعوبة الوضع فى إدارة المياه فى مصر وتجعلها شديدة الحساسية تجاه أى مشروعات أحادية يتم تنفيذها فى دول حوض النيل، دون وجود اتفاقيات قانونية عادلة وملزمة لتنظيم هذه المشروعات والحد من تأثيراتها السلبية على المياه فى مصر.
وأكد أن دول منابع النيل تتمتع بوفرة مائية كبيرة، ولا توجد مشكلة مياه لديها، وتصل كمية الأمطار المتساقطة على منابع النيل بين ١٦٠٠ و٢٠٠٠ مليار متر مكعب سنوياً من المياه، لكن هناك حاجة إلى تحسين عملية إدارة المياه بهذه الدول، مشيراً إلى امتلاك إثيوبيا مياهاً جوفية متجدّدة تُقدّر بـ٣٠ مليار متر مكعب سنوياً، وهى تقع على أعماق قليلة تصل إلى ٣٠ متراً فقط.
وشدّد على أن مصر ليست ضد التنمية فى دول حوض النيل، لأنها تدعم التنمية فى دول حوض النيل والدول الأفريقية من خلال الكثير من المشروعات التى يتم تنفيذها على الأرض، وقامت مصر بإنشاء الكثير من سدود حصاد مياه الأمطار، ومحطات مياه الشرب الجوفية مع استخدام الطاقة الشمسية فى عدد كبير منها، وتنفيذ مشروعات لتطهير المجارى المائية، والحماية من أخطار الفيضانات، وإنشاء الكثير من المزارع السمكية والمراسى النهرية، ومساهمة الوزارة فى إعداد الدراسات اللازمة لمشروعات إنشاء السدود متعدّدة الأغراض لتوفير الكهرباء ومياه الشرب للمواطنين بالدول الأفريقية، بالإضافة إلى ما تقدمه مصر فى مجال التدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية من دول حوض النيل.
وأوضح أن مصر وافقت على إنشاء الكثير من السدود بدول حوض النيل، مثل خزان أوين بأوغندا الذى قامت بتمويله، والكثير من السدود فى إثيوبيا، مثل سدود تكيزى وشاراشارا وتانا بلس، التى لم تعترض مصر على إنشائها، ولكن إنشاء سد بهذا الحجم الضخم، دون تنسيق بينه وبين السد العالى سابقة لم تحدث من قبل، مما يستلزم وجود آلية تنسيق واضحة وملزمة بين السدين، وهو الأمر الذى ترفضه إثيوبيا رغم أن مصر عرضت على إثيوبيا الكثير من السيناريوهات التى تضمن قدرة السد على توليد الكهرباء بنسبة تصل إلى ٨٥% فى أقصى حالات الجفاف.
مصر ليست ضد التنمية في دول حوض النيل.. وربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط ودول الحوض فرصة للتكامل الإقليمي
واستعرض «عبدالعاطى» مشروع الممر الملاحى بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط الذى يهدف لتحويل نهر النيل إلى محور للتنمية، يربط بين دول حوض النيل، ويشتمل على ممر ملاحى وطريق وخط سكة حديد وربط كهربائى وربط كابل إنترنت لتحقيق التنمية الشاملة لدول حوض النيل، مشيراً إلى أن هذا المشروع يحقق التكامل الإقليمى ويجمع دول الحوض، باعتبار أن النقل النهرى بين الدول من أفضل الوسائل القادرة على نقل حركة التجارة بمختلف أنواعها وأحجامها بتكلفة منخفضة واستهلاك أقل للطاقة ومعدلات أمان أعلى، مقارنة بوسائل النقل الأخرى، بحيث يتم التكامل مع وسائل النقل الأخرى، مع التأكيد على دور المشروع فى دعم حركة التجارة والسياحة بين الدول المشاركة فى ما بينها ومع دول العالم، والعمل على توفير فرص العمل، وزيادة إمكانية الدول الحبيسة للاتصال بالبحار والموانئ العالمية، ودعم التنمية الاقتصادية بالبلدان المشاركة وتقوية وضع المنطقة فى النظام الاقتصادى العالمى، فضلاً عن دعم التعاون والتكامل بين الدول المشاركة بجميع المجالات، الأمر الذى ينعكس على رؤية المشروع، التى تتمثل فى «قارة واحدة - نهر واحد - مستقبل مشترك».
وأكد أن التغيّرات المناخية أصبحت واقعاً وضربت الكثير من دول العالم وأحدثت فيها خسائر هائلة، وأن الندرة المائية والتغيرات المناخية تزيد صعوبة الوضع فى إدارة المياه فى مصر وتجعلها شديدة الحساسية تجاه أى إجراءات أحادية تقوم بها دول المنابع، مضيفاً أن مصر تتطلع لاستضافة مؤتمر المناخ القادم لعام ٢٠٢٢ (COP27) ممثلة عن القارة الأفريقية، وهى فرصة ذهبية لعرض تحديات القارة السمراء فى مجال المياه، مع وضع محور المياه على رأس أجندة المؤتمر.
وأشار إلى أنه تم إطلاق عنوان «المياه على رأس أجندة المناخ العالمى» على أسبوع القاهرة الخامس للمياه والمزمع عقده فى شهر أكتوبر من العام القادم ٢٠٢٢، مؤكداً أهمية أن تحظى التحديات المرتبطة بقطاع المياه بالاهتمام الدولى الكافى، خاصة فى الدول الأفريقية.