أبو الغيط بالمجلس العربي للمياه: الماء وسيلة للتعاون والتنمية لا سلاحا للسيطرة

أبو الغيط بالمجلس العربي للمياه: الماء وسيلة للتعاون والتنمية لا سلاحا للسيطرة
- أبو الغيط
- جامعة الدول العربية
- المياه
- المجلس الوزارى العربي
- أبو الغيط
- جامعة الدول العربية
- المياه
- المجلس الوزارى العربي
ألقى أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، كلمة في افتتاح الدورة الثالثة عشرة للمجلس الوزاري العربي للمياه، وجاء نصها كالتالي:
المهندس وليد فياض وزير الطاقة والمياه بالجمهورية اللبنانية، الحضور، يطيب لي بداية أن أرحب بكم في افتتاح أعمال هذا المجلس على المستوى الوزاري، الذي يعقد حضورياً هذه المرة ويسعدني اللقاء بكم مجدداً عن قرب والتشاور معكم وتلمس آرائكم بكل أخوية، واسمحوا لي أن أهنأكم لتوليكم رئاسة الدورة الحالية للمجلس متمنياً لكم التوفيق والنجاح.
كما أغتنم الفرصة لتقديم خالص الشكر للمهندس سعد بن شريدة الكعبي وزير الدولة لشئون الطاقة بدولة قطر على مجهوداته المقدرة لإدارة أعمال الدورة السابقة وحرصه على تنفيذ قراراتها في فترة لم تكن باليسيرة علينا جميعاً.
تأثير كورونا السلبي على القطاعات الحيوية مجهول.. علينا الانتباه
يأتي اجتماعنا اليوم في مرحلة دقيقة، تتسم أحياناً بضبابية الرؤية فبالرغم من البوادر الإيجابية التي نشهدها اليوم بعودة مظاهر الحياة تدريجياً إلا أن الآثار السلبية لجائحة فيروس كورونا المستجد وتأثيرها على عدد من القطاعات الحيوية ومنها المياه لا يزال غير معلوم بدقة.
كل ذلك يستدعي الحفاظ على أعلى درجات التأهب واليقظة لمواصلة جهودنا لمحو تداعياتها، والتفكير جماعياً في التعامل مع الحالات الطارئة مستقبلاً بالاستفادة من دروس هذه التجربة، عبر بناء سياسات مائية مستدامة تأخذ بعين الاعتبار البعد البيئي وتأثيراته.
مؤشرات الوضع المائي في المنطقة العربية مقلقة
إن مؤشرات الوضع المائي في المنطقة العربية مقلقة وأرقامها واضحة ولا تحتاج لمزيد من التبيان، إذ بسبب نقص المياه تُشكل الأراضي الصحراوية والمهددة بالتصحر الجزء الأكبر من الدول العربية، تصنف 60% منها كأراض متدهورة وشديدة التدهور، وهي نسبة في ارتفاع مستمر بسبب زحف التصحر وإستمرار مواسم الجفاف لفترات أطول.
60% من أراضينا متدهورة بسبب نقص المياه
وبالرغم من كل الجهود الكبيرة التي بذلتها الدول العربية لتحسين استفادة المواطن من خدمات المياه لا يزال ما يربو عن 40 مليون نسمة محرومين من هذا الحق الأساسي.
وفي هذا الصدد تشير التقديرات إلى أن تحقيق الهدف السادس من أجندة التنمية المستدامة في الوطن العربي يتطلب مضاعفة الإنفاق في مجال المياه لأكثر من 4 مرات، وهذا أمر غير متاح لكثير من دولنا خاصة في ظل هذه الظروف المالية الضاغطة والتي زادت الجائحة من شدتها.
يجب مضاعفة الإنفاق على المياه لأكثر من 4 مرات
لقد بدا جلياً اليوم أن التغير المناخي، الذي تعد المنطقة العربية للأسف من أكثر المناطق تعرضاً لتبعاته، ساهم في تعقيد التحديات وزيادة أزمة العطش التي نعيشها بتأثيره على قضية المياه بشقيها، فبالإضافة إلى تراجع المعدلات السنوية لهطول الأمطار، وجفاف بعض الأنهار وتراجع كميات المياه الجوفية غير المتجددة، ساهم التغير المناخي في ارتفاع منسوب مياه البحر وزحف الملوحة على الأراضي الزراعية كما في الدلتا والمناطق الساحلية.
يأتي ذلك بالإضافة إلى تواتر الظواهر الطبيعية العنيفة كالفيضانات والسيول الطينية الجارفة وما تخلفه من خسائر بشرية واقتصادية تهدد الأمن القومي العربي وتزيد من اتساع الفجوة الغذائية التي تعاني منها منطقتنا.
أبو الغيط يهنئ مصر على استضافة قمة المناخ العام المقبل
وفي هذا الصدد علينا إستغلال كل الفرص والوسائل التي تتيحها آليات التعاون الإقليمي والعمل الدولي متعدد الأطراف لشرح الأخطار التي تهدد الأمن المائي العربي.
واسمحوا لي هنا أن أهنئ مصر التي ستحتضن رسمياً قمة المناخ (COP27) العام المقبل، وأثق بفوز دولة الإمارات أيضاً باستضافة أعمال هذه القمة لعام 2023، وأرى أنهما فرصتان سانحتان لتسليط الضوء على قضايا البيئة العربية بما فيها الوضع المائي بكل تعقيداته.
حل أزمة المياه يتطلب جهداً عربياً موحداً لحماية الحقوق المشروعة من المياه العابرة للحدود
وكما تعلمون، إن حل أزمة المياه في المنطقة العربية، نظراً لخصوصيتها الجغرافية، يتجاوز معالجة البعد الفني لها ويتطلب جهداً عربياً موحداً لحماية الحقوق العربية المشروعة من المياه العابرة للحدود، إذ لا يجب أن تعتدي المشاريع المستحدثة في دول الجوار على الحق العربي في الحياة.
لا يجب أن تعتدي المشاريع المستحدثة في دول الجوار على الحق العربي في الحياة
وفي هذا الصدد، لا أملّ من تكرار موقف الجامعة العربية الذي عبّرتُ عنه مراراً وبوضوح في كل المنابر بضرورة وضع اتفاقات دولية ملزمة وعادلة حول استغلال المياه المشتركة وفق مسارات تفاوضية تجعل من الماء وسيلة للتعاون والتنمية المشتركة، لا سلاحاً للسيطرة إن هذا النهج هو السبيل الأوحد لبناء غد أفضل.
وفي هذه المواقف العصيبة تبرز أهمية وحدة الصف العربي إذ يقع على عاتقنا كعرب الحديث بصوت واحد لنقود تحالفاً يرسم مبادئ عادلة في تقاسم المياه، ويرسخها في قواعد ملزمة للجميع.
يجب وضع اتفاقات دولية ملزمة وعادلة حول استغلال المياه المشتركة وفق مسارات تفاوضية
وعلى صعيد آخر، إننا نحتاج لمواجهة هذه التحديات المتعاظمة والتي أشرت إلى بعضها آنفاً إلى وضع سياسات وطنية وإقليمية تأخذ في الاعتبار الترابط الوثيق بين مواضيع التغير المناخي والأمن المائي والأمن الغذائي والطاقة، وتشارك في تنفيذها كل القطاعات.
وأشيد هنا على نحو خاص بمبادرة مجلسكم الرامية إلى بناء شراكات مع قطاعات أخرى لمعالجة القضايا متعددة الأبعاد، وسعيه الحثيث لتنفيذ مخرجات الاجتماع المشترك بين قطاعي المياه والزراعة.
40 مليون نسمة محرومين من حقهم في المياه بالدول العربية
لقد اطلعت باهتمام كبير على الموضوعات التي سيتناولها مجلسكم، وهي مواضيع في غاية الأهمية لنا جميعاً كتحديث إستراتيجية الأمن المائي العربي ووثيقة المبادئ الاسترشادية لتعاون الدول العربية حول المياه المشتركة فيما بينها، والإحاطة المقدمة لحضراتكم حول التحضير للمنتدى العالمي التاسع للمياه المقرر عقده العام القادم في السنغال... وغيرها، وأثق بأن هذا المجلس سيخرج بقرارات تخدم أهدافنا المشتركة، وأتطلع إلى حشد الجهود وتضافرها لوضعها موضع التنفيذ.