دينا عبد الفتاح تكتب: .. لماذا ندخر؟!

كتب: دينا عبد الفتاح

دينا عبد الفتاح تكتب: .. لماذا ندخر؟!

دينا عبد الفتاح تكتب: .. لماذا ندخر؟!

يحتفل العالم اليوم بـ«اليوم العالمى للادخار» الذى يوافق 31 أكتوبر من كل عام، وبدأ الاحتفال به رسمياً منذ 97 عاماً وتحديداً يوم 31 أكتوبر 1924 بعد الإعلان عنه من قبل البروفيسور الإيطالى فيليبو رافيزا خلال المؤتمر الدولى الأول للجمعية العالمية لبنوك التوفير الذى انعقد فى ميلانو بإيطاليا فى هذا التاريخ.

ويعتبر الادخار أحد أهم المفاهيم الاقتصادية المرتبطة بالثقافة، التى تتمتع بتأثير كبير ومباشر على حياة المجتمعات المختلفة، ويعرف الادخار على أنه الجزء غير المنفَق من الدخل، بمعنى أنك لو كسبت دخلاً بواقع 5 آلاف جنيه شهرياً وأنفقت منه 3 آلاف يكون المتبقى لديك 2000 جنيه وهذا ما يطلق عليه حجم الادخار، أما معدل الادخار فيتم من خلال قسمة حجم الادخار على حجم الدخل، أى (2000/5000) ويكون حاصل هذه العملية الحسابية هو 40%.

وهذا يعنى أنك تدخر 40% من دخلك وتنفق 60% منه.

ومعدل الادخار لدى كل فرد من البديهيات التى ينبغى التركيز عليها؛ وذلك لأنها تؤثر تأثيراً مباشراً على الفرد والاقتصاد ككل، وذلك باعتبار أن مدخرات الفرد تساعده على تأمين مستقبله ومستقبل عائلته وتؤمن له احتياجاته المستقبلية فى الظروف الطارئة التى قد ينخفض أو ينقطع فيها الدخل، وقد تساعد مدخرات الفرد على بناء مشروع استثمارى أو المساهمة فيه على نحو يعزز من الدخل المستقبلى للعائلة.

أما على مستوى الاقتصاد ككل فيعتبر الادخار عنصراً رئيسياً فى تمويل الاستثمار، وكلما كان معدل الادخار مرتفعاً لدى الدولة مكّن ذلك الحكومة أو المخطط الاقتصادى من وضع مستهدفات استثمارية كبيرة تساعد بالطبع على زيادة الإنتاج وتحسين الدخول وتوليد فرص عمل جديدة وزيادة الصادرات وتحسن معدلات النمو والمستوى المعيشى للأفراد.

وتعكس هذه العلاقة 3 أرقام رئيسية؛ الأول هو معدل الادخار، وهو ذات الرقم الذى تم توضيحه على مستوى الفرد ولكن فى هذه المرة يحسب على المستوى الكلى، والثانى هو معدل الاستثمار الذى يعبر عن حجم الاستثمار مقسوماً على الناتج المحلى الإجمالى لذات الفترة، بينما الرقم الثالث هو فجوة الموارد ويتم حسابه على أنه الفارق بين معدل الادخار ومعدل الاستثمار.

وكلما نجحت الدولة فى تشجيع الأفراد على الادخار وتوجيه هذه المدخرات للقطاع البنكى من أجل تمويل الاستثمار، مكّن ذلك الدولة من وضع مستهدفات كبيرة لمعدل الاستثمار دون أن تكون هناك فجوة موارد متسعة.

ويمكن توضيح ذلك بأحدث أرقام كشف عنها البنك المركزى المصرى فى نشرته الإحصائية الشهرية التى توضح أن معدل الادخار فى مصر سجل فى أول 9 أشهر من العام المالى الماضى (يوليو 2020: مارس 2021) نحو 2.2% متراجعاً من مستوى 8.4% فى الفترة المناظرة (يوليو 2019: مارس 2020) وذلك بفعل جائحة كورونا التى ضربت الاقتصاد العالمى بالكامل خلال هذه الفترة.

ونتج عن هذا التراجع الحاد فى معدل الادخار المحلى عاملان؛ الأول هو عدم تمكن الدولة من وضع مستهدفات كبيرة للاستثمار، الأمر الذى دفع لتراجع معدل الاستثمار من 15.4% فى (يوليو 2019: مارس 2020) إلى 11.1% فى الفترة (يوليو 2020: مارس 2021) وهو الأمر الذى بالتأكيد سيؤثر على الإنتاج وتوليد فرص العمل والنمو الاقتصادى.

أما العامل الثانى فهو ارتفاع فجوة الموارد «رقم سلبى» فى الاقتصاد من -7% فى الفترة (يوليو 2019: مارس 2020) إلى -8.9% فى الفترة (يوليو 2020: مارس 2021)، وهو الأمر الذى يوجب على الدولة ضرورة بذل المزيد من الجهد فى استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية لتعويض تراجع الادخار المحلى.

وبالتالى فإنه مع تراجع الادخار المحلى اضطرت الدولة لتخفيض سقف مستهدفاتها للاستثمار، وزاد اعتمادها على الخارج فى تمويل هذا الاستثمار حتى لا تقوم بالضغط بشكل كبير على الموارد المحلية، وهو ما يوضح الأهمية الشديدة لمعدل الادخار المحلى.

لذا علينا جميعاً من واقع مسئوليتنا تجاه وطننا وأنفسنا وعائلاتنا أن نعزز من مدخراتنا وأن نبتعد عن البزخ أو الإنفاق غير المبرر، وأن نتوجه بمدخراتنا لمشروعات استثمارية مباشرة أو للقطاع البنكى من أجل إعادة إقراضها للمستثمرين؛ حتى تستمر عجلة التنمية ونحقق حلمنا المصرى فى التقدم والازدهار.


مواضيع متعلقة