«السيسى» للإسرائيليين: «حان وقت إنهاء الصراع»

«السيسى» للإسرائيليين: «حان وقت إنهاء الصراع»
افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، أعمال مؤتمر إعادة إعمار غزة، الذى تنظمه مصر بالتعاون مع النرويج، بحضور الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن»، ووزراء خارجية 30 دولة عربية وأجنبية، فضلاً عن ممثلى 20 منظمة إقليمية ودولية، وكان فى استقبال الرئيس لدى وصوله إلى مقر المؤتمر كل من سامح شكرى، وزير الخارجية، وبورجه برنده، وزير خارجية النرويج.[FirstQuote]
ورحب «السيسى» بالحضور فى بداية المؤتمر، ووجه لهم التحية والتقدير على استجابتهم لدعوة مصر والنرويج لحضور المؤتمر، وقال: نؤكد تضامننا جميعاً مع شعب فلسطين الشقيق فى محنته، ونسعى للاتفاق معاً على أفضل السبل لتوفير الدعم اللازم لقيادته الشرعية ولحكومته الوطنية فى جهودهما لإعادة إعمار قطاع غزة، الذى كان، وسيظل، جزءاً أصيلاً من دولة فلسطين التى نتطلع إلى استقلالها وتمتع شعبها بكامل حقوقه المشروعة على كل بقعة من أراضيها.
وأضاف «السيسى» أن هذا المؤتمر يُمثل خطوة مهمة لا غنى عنها لدعم الجهود المصرية التى انطلقت منذ اندلاع الأزمة الأخيرة فى غزة، لافتاً إلى أن مصر حملت على عاتقها مسئولية حقن الدماء والحفاظ على أرواح الفلسطينيين الأبرياء وصيانة مقدرات الشعب الفلسطينى، وواصلت مساعيها دون كلل منذ أن أعلنت مبادرتها لوقف إطلاق النار، حيث رعت عدة جولات تفاوضية خلال 51 يوماً من القتال، إلى أن نجحت رغم الصعاب التى أعاقت جهودها المخلصة فى التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار فى 26 أغسطس الماضى، موضحاً أن جهود مصر استمرت لمتابعة ذلك الإنجاز لضمان تثبيته، وهو ما تحقق من خلال دعوتها الطرفين «الفلسطينى والإسرائيلى» إلى استئناف المفاوضات غير المباشرة بالقاهرة فى سبتمبر الماضى، للتوصل إلى تفاهمات حول القضايا المعلقة، وتوافقهما على مواصلة المفاوضات خلال النصف الثانى من أكتوبر الحالى.

وزير الخارجية أثناء استقباله «كيرى» أمس «أ. ف. ب»
وتابع: بالتوازى مع ذلك، عملت مصر على رأب الصدع الفلسطينى من منطلق مسئوليتها تجاه رعاية جهود المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، وأثمرت مساعيها عن التوصل إلى تفاهمات حول قضايا المصالحة، الأمر الذى يعزز عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة وممارسة حكومة التوافق الوطنى لمسئولياتها نحوه، تأكيداً لوحدة الأراضى الفلسطينية تحت راية واحدة وعنوان وحيد للشرعية.
وأكد الرئيس أن مصر لم تكتفِ بأن تمارس دورها سياسياً، بل امتد جهدها ليشمل البعد الإنسانى عبر توفير احتياجات الأشقاء الفلسطينيين من المؤن الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى توفير العلاج للجرحى والمصابين بالمستشفيات المصرية، مشدداً على أن مصر ستظل ملتزمة بوفائها للشعب الفلسطينى وبمساندة قضيته العادلة، تعبيراً عن مواقف أصيلة وأخوة حقيقية تؤكد أن القضية الفلسطينية كانت وستظل قضية العرب الأساسية.
وأشار «السيسى» إلى أن ما قامت به مصر على تلك الأصعدة يؤسس أرضية مناسبة لتفعيل التحرك الدولى العاجل والمطلوب، بالتنسيق والتعاون مع الحكومة الفلسطينية، لإعادة الإعمار وإصلاح الأوضاع المأساوية التى خلفتها الأزمة الأخيرة، موضحاً أن إعادة الإعمار وتلبية احتياجات المواطنين فى غزة تستند إلى محورين أساسيين، هما «التهدئة الدائمة، وممارسة السلطة الوطنية لصلاحياتها فى القطاع»، مضيفاً: علينا جميعاً أن نرتكز عليهما وألا نخذل الشعب الفلسطينى الذى يُعلق على هذا المؤتمر آمالاً كبيرة، لكنها أكثر تواضعاً إذا ما جرى قياسها بإمكانيات المجتمع الدولى.
وأكد أن انعقاد مؤتمر إعادة إعمار غزة بالقاهرة يوجه دون شك رسالة مهمة إلى شعب فلسطين وإلى المنطقة والمجتمع الدولى بأسره، وهذه الرسالة لا تتعلق فحسب بالتعاطف والمؤازرة والاستعداد لبذل الدعم والمساندة، لكنها تتناول أيضاً ضرورة وضع حد لاستمرار الوضع القائم، وعلى استحالة العودة إليه، أو محاولة تحقيق استقرار مؤقت لن يدوم طويلاً، وتلك كلها استخلاصات صحيحة، يعززها اقتناعنا جميعاً بأن الطريق الوحيد لاستدامة السلم والأمن لكل شعوب المنطقة هو التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة وشاملة، استكمالاً لمسيرة السلام التى بدأتها مصر فى سبعينات القرن الماضى. فلا بديل عن هذه التسوية حتى يتسنى للشعب الفلسطينى التفرغ للبناء دون أن يخشى تدمير ما بناه بسواعده وبدعمكم، ووجه كلامه للحضور قائلاً: لا يخفى عليكم أن استمرار حرمان الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة طالما وفّر الذرائع، لمن يدعون الدفاع عنها، لزرع بذور الاستعداء والشقاق ولاختلاق المحاور ولمحاولة فرض الوصاية على شعب فلسطين الشقيق بدعوى دعمه لتحقيق تطلعاته، وبالتالى فإن علينا أن نعمل لكى نحرم كل هؤلاء من فرصة استغلال معاناة الشعب الفلسطينى لتحقيق أغراضهم، وفى ذات الوقت لنؤكد تمسكنا بالقيم والمبادئ الإنسانية وبالقانون والشرعية الدولية التى نتمسك جميعاً بها».[SecondQuote]
واستطرد الرئيس عبدالفتاح السيسى: ساهمت مصر ودعمت بشكل إيجابى كل المبادرات والتحركات الصادقة التى استهدفت تحقيق السلام فى الشرق الأوسط على أسس عادلة وسليمة، ومن هذا المنطلق أعربت مصر فى عدة مراحل عن تقديرها للجهود التى بذلتها الولايات المتحدة الأمريكية وآخرها تلك التى تعثرت فى شهر أبريل الماضى، كما أنها دأبت أيضاً على التحذير من عواقب تزايد التوتر والتصعيد غير المبرر قبل اندلاع القتال فى قطاع غزة، والذى مثل إنذاراً خطيراً لكل الأطراف من عواقب الانزلاق إلى دائرة العنف والتدمير.
وأكد أن مصر تدرك المخاطر والتحديات التى تحيط بمنطقتها، ومن منطلق دورها التاريخى والإقليمى ورؤيتها القائمة على مبادئ ثابتة وقيم راسخة، لذلك تدعو إلى السعى بإرادة وتصميم لتحقيق التسوية الشاملة والعادلة، وقال: هذه دعوة لا أوجهها لقادة وزعماء الدول فحسب، لكننى حريص على أن تسمعها شعوب المنطقة كلها، تلك الشعوب التى كابدت ويلات الحروب، وحزنت لسقوط الضحايا، وما زالت تضمد الجرحى وتسمع أنين المصابين. ومن هنا فإننى أنادى الإسرائيليين شعباً وحكومة «لقد حان الوقت لإنهاء الصراع دون إبطاء، للوفاء بالحقوق، لإقامة العدل حتى يعم الرخاء ويُحْصَد الأمان. كما أثق فى أنكم جميعاً تشاركوننى النداء إلى كل أم وأب، إلى كل طفل وشيخ، فى فلسطين وفى إسرائيل، كى نجعل من هذه اللحظة نقطة انطلاق حقيقية لتحقيق السلام الذى يضمن الاستقرار والازدهار، ويجعل حلم العيش المشترك حقيقة»، تلك هى الرؤية التى تضعها المبادرة العربية للسلام الذى نتطلع إليه، والذى يحتم علينا أن يكون ميراثنا للأجيال المقبلة.
من ناحية أخرى، التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى نظيره الفلسطينى محمود عباس «أبومازن» عقب الجلسة الافتتاحية لمؤتمر إعادة إعمار غزة، أمس، بحضور وفدى البلدين. وقال السفير علاء يوسف، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس الفلسطينى عبّر عن خالص شكر الدولة الفلسطينية لمصر، قيادة وحكومة وشعباً، على الجهود الدؤوبة التى بذلتها وما زالت لنصرة القضية الفلسطينية، والتى لم تتوقف عند حدود وقف إطلاق النار أو إقرار الهدنة وتحقيق المصالحة، ولكنها امتدت لتشمل المساهمة الفاعلة فى تنظيم واستضافة مؤتمر إعادة إعمار غزة، وهى الخطوة التى كان لها أكبر الأثر فى نفوس أبناء الشعب الفلسطينى.

«العربى» و«بان كى مون» فى المؤتمر أمس
وأضاف «يوسف» أن الرئيس السيسى أكد أثناء اللقاء أن القضية الفلسطينية ستظل قضية العرب الأساسية والمحورية، وأن مصر ستظل تواصل دورها وجهودها لمساندة الأشقاء الفلسطينيين، وصولاً إلى تسوية نهائية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، تضمن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها «القدس الشرقية».
من ناحية أخرى، التقى سامح شكرى، وزير الخارجية، صباح أمس، مع جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، فى مستهل أعمال مؤتمر القاهرة الدولى لإعادة إعمار غزة الذى تستضيفه مصر، وتناول اللقاء العلاقات الثنائية وسبل تطويرها فى مختلف المجالات بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين، ودعا «شكرى» إلى التعامل مع ظاهرة الإرهاب بمحاربة الأفكار التكفيرية وقطع التمويل عن التنظيمات الإرهابية.
وناقش الوزيران عدداً من القضايا الإقليمية والدولية المهمة فى مقدمتها القضية الفلسطينية، وسبل بدء العملية السياسية بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى بما يسمح بإطلاق عملية تفاوض جادة للتوصل لتسوية دائمة ونهائية استناداً إلى المرجعيات الدولية المتفق عليها لعملية السلام وبما يضمن عدم تكرار العمليات العسكرية على قطاع غزة.
واستعرض الوزيران الأوضاع بالمنطقة بما فى ذلك تطورات الأزمة السورية وأهمية التوصل لحل سياسى لها، فضلاً عن تناول الأوضاع بالعراق ودعم جهود الحكومة العراقية فى إدارة عملية سياسية تشمل جميع القوى السياسية العراقية بغض النظر عن الانتماءات الدينية أو العرقية والمذهبية.
كما جرى تناول تطورات الأوضاع السياسية والأمنية فى ليبيا، وأكد «شكرى» أهمية دعم المؤسسات المنتخبة فى ليبيا ومساندة الحكومة الليبية الشرعية التى أقرها مجلس النواب المنتخب وتمكين الحكومة الشرعية من تحقيق الاستقرار ومواجهة التنظيمات الإرهابية.
وتناول الوزيران أيضاً قضية الإرهاب فى ظل استشراء المنظمات الإرهابية بالمنطقة، حيث شدد «شكرى» على أن الإرهاب ظاهرة عالمية تهدد المجتمع الدولى برمته وضرورة التصدى لجميع التنظيمات الإرهابية دون استثناء، سواء كانت فى ليبيا أو سوريا أو العراق أو غيرها، باعتبار أنها تمثل خطراً شديداً على الاستقرار والتنمية فى المنطقة والعالم، وأكد «شكرى» أهمية وجود حل شامل فى التعامل مع هذه الظاهرة، يتضمن محاربة الأفكار التكفيرية، وقطع التمويل عن التنظيمات الإرهابية، ونشر قيم الإسلام المعتدل، وذلك إلى جانب الأدوات الأمنية.
تغطية خاصة:
توتر فى إسرائيل مع انطلاق «إعمار غزة»
«آشتون»: ندعم غزة بـ«450 مليون يورو».. والسعودية تقدم نصف مليار دولار