زاهى وهبى: معظم الفضائيات العربية «تسالى».. و«الإخبارية» تحكمها «أجندات»

زاهى وهبى: معظم الفضائيات العربية «تسالى».. و«الإخبارية» تحكمها «أجندات»
قال الإعلامى زاهى وهبى إن مصر بدأت تنهض من كبوتها من جديد، وإن أحداً لا يستطيع أن يحل محلها أو يأخذ دورها. وأضاف فى حواره مع «الوطن» أن ثورات الربيع العربى تحولت إلى كابوس عربى، وأنها تسعى لتفتيت الدول العربية. وأكد «زاهى» أن معظم الفضائيات العربية تميل للأسف إلى الترفيه والتسلية، وحتى القنوات الإخبارية واقعة تحت تأثير أجندات سياسية معينة تؤثر على توجهاتها. وأشار إلى أن الإعلام المصرى يكتفى بمخاطبة المصريين، وكذلك الإعلام اللبنانى والعربى عموماً. وألمح إلى أن الرد الرسمى العربى على العدوان الأخير على غزة كان مخجلاً.. إلى نص الحوار.
■ لماذا يشعر جمهورك باختفائك حالياً؟
- أبداً لستُ مختفياً ولا أظن أن المشاهدين يعتبروننى كذلك، لدىَّ برنامجى الثقافى الفنى على قناة الميادين.
■ لماذا اخترتها تحديداً؟
- اخترتها لكونها قناة جديدة وناشئة تضم مجموعة من أصحاب الخبرة الإعلامية والمهنية كغسان بن جدو وسامى كليب ولينا زهر الدين وغيرهم، ولأنها تبث من بيروت إلى كل الوطن العربى، أى قناة عربية شاملة وليست قناة قُطرية تُعنى بهذا البلد أو ذاك، وأيضاً لكونها قناة إخبارية تتحمل إنتاج برنامج ثقافى جاد أكثر من قنوات المنوعات، التى تبحث فقط عن التسلية والترفيه، فضلاً عن التزامها بقضايا وهموم الإنسان العربى وابتعادها عن لغة التحريض وبث أسباب التفرقة والفتن وما شابه.
■ لا يعلم الكثيرون أنك أول إعلامى عربى تعرض عليه قناة «الحياة» العمل بها فلماذا رفضت وقتها؟
- صحيح، تلقيت عرضاً مغرياً ومشكوراً من قناة الحياة فى 2007 وفكرت جدياً فى الانتقال إلى مصر والعيش والعمل فيها، لأن الإطلالة فى مصر يظل لها طعم خاص ومختلف، والإعلامى يكتسب خبرة مهنية عالية فيها، لكننى فى نهاية المطاف وبعد تفكير عميق والتشاور مع عائلتى قررت البقاء فى بيروت التى أعشقها رغم كل أوجاعها كما أسلفت.
■ يرى كثيرون أن الشاشة اللبنانية أصبحت ترفيهية فى المقام الأول.. ما رأيك؟
- نعم هذا صحيح إلى حد ما، إذ إن معظم القنوات العربية وليست فقط اللبنانية تميل إلى الترفيه والتسلية، ولا نستثنى سوى القنوات الإخبارية لكنها للأسف واقعة تحت تأثير أجندات سياسية معينة تنعكس عليها وعلى مصداقيتها.
■ لماذا فى رأيك تراجع الإعلام اللبنانى خاصة والإعلام العربى عموماً؟
- لقد غرق الإعلام اللبنانى فى القضايا المحلية وغابت عنه القضايا التى تهم المشاهد العربى إلا فيما ندر، وللإنصاف فإن هذا الواقع يطال معظم الفضائيات العربية، حيث بات إعلام كل بلد مقتصراً على مخاطبة أبناء بلده، كما أن مرحلة قنوات «البان آراب» أو القنوات التى تخاطب المشاهدين من المحيط إلى الخليج قد تراجعت كثيراً وحلت مكانها القنوات المحلية، وهكذا صرنا نرى الإعلام المصرى يكتفى بمخاطبة المصريين والإعلام اللبنانى يكتفى بمخاطبة اللبنانيين وكذا الإعلام الخليجى والمغاربى.
■ 750 شخصية استضفتها فى برنامجك الشهير «خليك بالبيت» ما الحلقة الأهم فيها؟
- من الصعب جداً اختيار شخصية واحدة من بين مئات الشخصيات العملاقة، خصوصاً أنه تسنى لى حتى الآن محاورة نحو ألفى شخصية على امتداد مسيرتى الصحفية والتليفزيونية، فكل ضيف من ضيوفى ترك فى نفسى أثراً ما، ولقد تعلمت من جميع الذين حاورتهم، ولهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى فيما اكتسبته من معرفة وخبرة.
■ ومن الضيف الذى فاجأك بالظهور معك رغم أنه قليل الظهور إعلامياً؟
- طبعاً سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، لأنها كما تعلمين مقلة جداً فى اللقاءات الإعلامية، أيضاً النجم الكبير عادل إمام، والراحلتان نور الهدى ولور دكاش، والفنانة المصرية فيروز التى كانت تمثل وتغنى وترقص منذ كانت طفلة، وعشرات المبدعين العرب من مختلف الأقطار الذين ظهروا فى برنامجى ولم يظهروا فى أى برنامج آخر، ومنهم من رحل عن هذه الدنيا وأذكرهم دائماً بالخير متمنياً لهم الرحمة.
■ هل يمكن أن تعيد مرة أخرى برنامجك «خليك بالبيت»؟
- لا أعتقد أن هناك إمكانية لإعادة تجربة «خليك بالبيت»، لأن لها وقتها وظروفها، والأفضل ما أفعله حالياً، أى تقديم برنامج آخر يختلف قليلاً عن «خليك بالبيت» لكنه فى المحتوى والمضمون يتلاقى معه كثيراً.
■ ما الخط الفاصل بين زاهى الشاعر والإعلامى؟
- الشاعر والإعلامى فى تجربتى وشخصيتى يلتقيان ويتناغمان ويتحاوران ويتصادمان ويتجاذبان حتى يشكلا ما أنا عليه الآن، وأتمنى أن يكون ما أنا عليه نافعاً للناس ولى، ولئن كان لا بد من تفصيل أقول: الإعلام مهنتى أما الشعر فهو حياتى.
■ أى علاقة كانت تربطك بالراحل محمود درويش؟
- تربطنى بالراحل الكبير محمود درويش صداقتان، الأولى نشأت مع شعره قبل أن ألتقيه، فهو من الشعراء الذين تركوا أثراً كبيراً فى وعيى وذاكرتى ووجدانى، وحين التقيته تعمّق هذا الأثر وتحوّل إلى صداقة جميلة ونبيلة جعلته يزورنى فى بيتى وأزوره فى بيته فى عمّان، وحين توفى شعرت بخسارة شخصية فادحة وركبت الطائرة فوراً إلى عمّان برفقة الفنان مارسيل خليفة لوداعه.
■ دائماً تعترف بأن غادة السمان لها تأثير مباشر فى تكوينك الأدبى.. كيف؟
- قرأت أدب غادة السمّان يوم كنت فتى وقد أعجبنى جداً شكلاً ومضموناً ودلّنى على آفاق رحبة للحداثة الأدبية، ومن خلالها تعرفت إلى الأدب الحديث.
■ ما رأيك فى رد الفعل العربى تجاه أحداث غزة؟
- غزة تقدّم نموذجاً رائعاً للمقاومة الفلسطينية فى أبهى صورها وتدفع أثماناً باهظة فى سبيل حرية فلسطين واستقلالها وهذا ليس جديداً على الشعب الفلسطينى الذى تُركَ وحيداً إلا من قلة قليلة لا تزال مؤمنة بعدالة القضية ونبلها، فالرد العربى الرسمى على العدوان الإسرائيلى مخجل ومُدان ومرفوض، ولا ينبغى أبداً التعامل مع القضية الفلسطينية من منطلق الأخطاء التى يرتكبها هذا الفصيل السياسى أو ذاك، لأن فلسطين أكبر من الأحزاب والتيارات والفصائل والحركات.
■ ماذا عن تجربتك فى السجون الإسرائيلية لمدة 9 أشهر؟
- كنتُ فتى فى السابعة عشرة من عمرى يوم وقع الاجتياح الإسرائيلى للبنان فى صيف 1982، وقد تم اعتقالى من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلى قرب مدينة صور فى جنوب لبنان، وهى تجربة أعتز بها وأفتخر لكننى أعتبرها متواضعة جداً أمام تجارب الأسرى والمعتقلين الذين أمضوا سنوات طويلة وراء القضبان، والمهم أننى تعلمت من تلك التجربة الكثير واكتشفت عن قرب مدى الوحشية والهمجية التى يمارسها العدو الإسرائيلى ومقدار الحقد الذى يكنه جنوده لكل عربى، كما أصبحت بعد خروجى من المعتقل أكثر انحيازاً للحرية والعدالة والمثل النبيلة التى دفع كثيرون حياتهم ثمناً لها.
■ كثيرون لا يعرفون أنك لبنانى تحمل جواز سفر فلسطينياً، كيف حصلت على هذا الجواز؟
- الرئيس الفلسطينى محمود عباس سمعنى أقول رداً على سؤال للزميل نيشان حين استضافنى فى أحد برامجه إننى أُفضّل جواز السفر الفلسطينى على جواز السفر الأمريكى، وكنت أقول قولى هذا كنوع من إشهار التأييد المعنوى للفلسطينيين المحرومين من وثائق السفر، وفوجئت فى صبيحة اليوم التالى بالسفير الفلسطينى فى الأردن عطاالله خيرى يتصل بى ويبلغنى بأن الرئيس الفلسطينى قرر منحى جواز سفر فلسطينياً تقديراً لمسيرتى ومواقفى الداعمة للشعب الفلسطينى، وهكذا كان ذهبت إلى عمّان حيث أقام الرئيس محمود عباس مشكوراً حفلاً صغيراً حضره الشاعر الكبير محمود درويش ونخبة من المثقفين الفلسطينيين وقدّم لى الجواز الذى أحمله كوسام على صدرى والذى كرّس انتمائى إلى فلسطين رسمياً حتى بت أسمى نفسى «اللبنانسطينى».
■ ما رأيك فى مصر ما بعد ثورتين؟
- لمصر مكانة كبرى فى قلبى، فمصر أم الدنيا وأرض الكنانة، وقد تربينا ونشأنا على مقولة: متى كانت مصر بخير أمسى العرب كلهم كذلك. وعلى الرغم من كل ما مرت به من ظروف وأحوال قاسية وصعبة، وأتمنى من أعماق قلبى أن تنهض مصر من كبوتها، وهى بدأت تفعل، وأن تحقق للشباب المصرى ما يحلم به وما يليق به، وأن تلعب دورها الريادى المأمول على الصعيد العربى.
■ ما الذى تتمناه لوطنك لبنان؟
- أتمنى للبنان واللبنانيين كل الخير والحب والأمن والأمان وراحة البال والاستقرار والازدهار والعودة لأن يلعب وطننا أيضاً دوره التنويرى، ولا خلاص لنا برأيى سوى بسقوط النظام الطائفى الذى هو أصل العلّة ومكمن الداء.
■ هل أصبح الربيع العربى كابوساً عربياً؟
- للأسف نعم، ثمة مَن سرق أحلام الشباب الأنقياء الأبرياء الذين خرجوا إلى الساحات والميادين، وثمة قوى إقليمية ودولية حوّلت الربيع عن مساره الحقيقى، ودفعت الأمور نحو حروب وصراعات مدمرة ودموية لتحقيق مطامعها عبر تفتيت العرب، وساهمت بتدمير العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان وحاولت تدمير مصر، ومَن يدرى غداً أين تضرب.