زوجة الشهيد حسين صالح تروي كواليس أيامه الأخيرة وسر «جواب عبدالناصر»

كتب: سمر صالح

زوجة الشهيد حسين صالح تروي كواليس أيامه الأخيرة وسر «جواب عبدالناصر»

زوجة الشهيد حسين صالح تروي كواليس أيامه الأخيرة وسر «جواب عبدالناصر»

دراما الواقع تفوق الحكايات المؤلفة بعناية، تلك البطولات التي اقترنت بحياة أحد الشهداء، وشكَلت حزنا دفينا داخل طفلة لم تشم رايحة أبيها ولم يدو صوته في مدارها، إلا أنها تركت فخرًا يؤنس أيامها بأب استشهد في أثناء الدفاع عن وطنه إبان حرب الاستنزاف ليكون أحد الممهدين بأرواحهم لنصر أكتوبر 73 ليؤرّخ يوم وفاته أيضًا مع يوم هام في تاريخ العسكرية المصرية.

30 يونيو 1970 استشهد على الجبهة

في نهار الثلاثين من يونيو عام 1970 كانت الزوجة «آمال» منشغل بالها بجنينها الجديد الذي يستقر في أحشائها بعد أن أثبتت التحاليل الطبية حملها في طفلها الثاني في الشهور الأولى، تتوقع نوع المولود وتتزاحم الأسماء في رأسها استعدادا ليوم تدوين شهادة ميلاده، اختارت وزوجها الأسماء، إن كان ذكرا «لؤي» وإن كانت أنثى «داليا» وحين جلست لتطعم طفلها الأول ذات الثلاث أعوام فقط، حينها، سمعت والدها يردد الحوقلة بينما كان يحادث أحد عبر سماعة الهاتف.

«سمعته بيقول في التليفون لاحول ولا قوة إلا بالله قلقت وسألته في إيه قالي مفيش حاجة، كان خايف عليا»، تقول زوجة الشهيد حسين صالح السيد العجمي، أحد شهداء حرب الاستنزاف وأكتوبر في بداية لقاء«الوطن» بها.

استشهد الرائد حسين صالح قبل أن يرى مولدته الثانية «داليا»

لم تصدق الزوجة حديث قلبها الذي انقبض خوفا على زوجها الرائد بالدفاع الجوي، حينها وتواصلت مع شقيقه عبر الهاتف لتتلقى صدمة الخبر التي نزلت على مسامعها كالصاعقة لاتزال تبكي حين رواية اللحظة رغم مرور 51 عاما عليها، «عرفت إنه استشهد وأنكرت في البداية وبعدها ربنا نزل عليا الصبر» تلاحقت ضربات قلبها ولم تتحكم في دموعها التي سالت وبكت حين عادت وصف اليوم.

حين كانت شابة في العشرينات من عمرها باتت أما وأبًا لطفلها الصغير«أمجد» وحين وضعت ابنتها الثانية أسمتها «داليا»، تساؤلات الصغار«فين بابا؟» كانت تدفعها دوما للتماسك من أجل استكمال مسيرته «كان طيب وحنين وكل زمايله بيحبوه وكنت بحكي لولادي عن أبوهم دايما» كي تظل سيرته باقية وحية ما داموا أحياءً «ضحى بدمه عشان أرض سينا وإبنه لما كبر اشتغل في مجال السياحة في سينا»، قالتها زوجة الشهيد وبكت.

عشرة أيام مضت على وضع مولودتها «داليا» حتى تم دعوتها إلى حفل تكريم بالإسكندرية جواب مكتوب من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، رئيس الجمهورية في ذلك الوقت، ونجمة الشرف تقديرا للشهيد وجهوده في الكتيبة التي كان يتولى قيادتها، لاتزال «نجمة الشرف» موضوعة في مدخل البيت وكأنها تتباهى بزوجها الشهيد أمام كل زائر.

بعد عام من استشهاد الرائد حسين صالح، جرى تخصيص الثلاثين من يونيو من كل عام عيدا لقوات الدفاع الجوي تقديرا لبطولته الباسلة في فترة ما قبل حرب أكتوبر، حين كانت الدولة تستعد بكامل طاقتها، حيث نجح في إسقاط طائرات للعدو، ونجحت الكتيبة التي كان قائدها في إحداث خسائر كبيرة في المعدات والأفراد لدى العدو واستشهد بعد أن أبلى بلاءً حسنا، وسطر اسمه في تاريخ الوطن.

 البدلة الميري للشهيد الرائد حسين صالح باقية

في دولاب غرفتها، لاتزال البدلة الميري للشهيد الرائد حسين صالح معلقة كما لو كان حيا، تعتني الزوجة الوفية بها تنفض غبار الزمن عنها من حين لآخر، حين تشتاق إليه تتحسسها بأناملها وتحدثه سرا وتبكي، تخبره بإنجازات حققها ابنهما الأكبر أمجد وابنتهما داليا، «كل ما أمسك البدلة أكلمه وأبكي كإن استشهاده كان لسه امبارح» لا يضمد جرحها سوى أنه شهيد في جنات النعيم.

مدرج في كلية الدفاع الجوي بالإسكندرية

«البدلة الميري ونجمة الشرف» آثار متبقية من «ريحة الحبايب» لا تفتر لهفة الزوجة عليهما أبدا، ظلت هكذا سنوات طوال حتى تم دعوتها هي وأبناء الشهيد إلى الإسكندرية لزيارة كلية الدفاع الجوي هناك وفوجئت بإطلاق اسمه على مدرج كامل تخليدا لبطولته «لقيت مدرج كامل في الكلية باسم الشهيد الرائد حسين صالح حاجة تانية من ريحته هتفضل عايشة معانا وهو حياتي ولسه عايش جوايا»، بحسب وصفها.


مواضيع متعلقة