تاريخ مئذنة الجامع العمري بالأقصر.. استخدمت في الصلاة والحروب

كتب: أماني خيري

تاريخ مئذنة الجامع العمري بالأقصر.. استخدمت في الصلاة والحروب

تاريخ مئذنة الجامع العمري بالأقصر.. استخدمت في الصلاة والحروب

مئذنة الجامع العمري أو الجامع العتيق بإسنا، اُنشئت في العصر الفاطمي، لُتصبح ضمن أفضل أعماله الإسلامية، وظلت تحافظ على جمالها حتى اليوم، حتى أن زلزال 1992 الشهير لم يؤثر عليها بشكل كبير، واُطلق على المسجد هذا الاسم نسبة إلى مسجد عمرو بن العاص، لكونه ضمن أقدم مساجد العصر الإسلامي في مركز إسنا جنوبي المحافظة، ومُؤخرًا تم إعلان خطة تطوير مئذنة الجامع العمري بإسنا أو الجامع العتيق بجنوب الأقصر، فضلًا عن إقامة مشروع إضاءة ليلي بمأذنة الجامع العمري، لإمكانية زيارتها ليًلا ولإضافة مظهر جمالي متميز لها.

 

المسجد العمري سُمى بذلك نسبة إلى جامع عمر وبن العاص

مئذنة الجامع العتيق أو الجامع العمري بمركز إسنا وهو ضمن أقدم وأهم المساجد التي تم انشائها، حيث اُطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى جامع عمرو بن العاص، وهو أول مسجد اُنشئ في القاهرة عصر الدولة الإسلامية، لذا تم إطلاق هذا المسمى على أقدم مسجد في كل منطقة أو أقيم في كل أنحاء مصر، بحسب محمد محيي، مفتش آثار إسلامي بمركز إسنا جنوب محافظة الأقصر الحديث، موضحًا موقع الجامع العمري بإسنا، حيث يقع على بعد حوالي 100متر من معبد الإله خنوم بمركز إسنا.

ويستكمل «محيي»، الحديث عن تاريخ إنشاء المسجد العمري قائلًا: «يعود إلى العصر الفاطمي عام  469 هـ، وهو العصر الذي أقيمت خلاله الكثير من المساجد الجديدة في كل أرجاء مصر، بينما تم إنشاء مئذنة الجامع العمري بإسنا في عام 474هـ، وذلك منصوص عليه في النص التأسيسي للمئذنة في عام  474هجرية  حيث أمر ببنائها أمير الجيش سيف الإسلام المستنصري، وبالتالي أصبح المسجد ضمن أهم مساجد الصعيد وأقدمها، وأصدرت وزارة الآثار قرار التسجيل الخاص بها وحمل رقم 10357 لسنة 1951»

 

مئذنة الجامع العمري بإسنا.. ارتفاعها 23,69 متر

ويوضح مفتش آثار إسنا، إرتفاع المئذنة حيث يبلغ ارتفاعها حوالي 23,69 مترًا، ورغم مرور الزمن والكثير من الأحداث حافظت على جمالها الإسلامي بعد الترميمات تمت في المسجد في عام 1295هـ، كما أن زلزال 1992 أثر في المئذنة حيث جعلها أكثر ميلًا ناحية الجنوب الشرقي، وتم تفادي زيادة الميل من خلال إقامة صلبات حديدية.

ويؤكد الأثري في حديثه على استمرار وضع المئذنة بهذا الشكل لمدة وصلت 10 سنوات، ثم تمت إزالة الصلبات الحديدية الموجودة من على تلك المئذنة حتى تحتفظ بميولها في شكل ثابت حتى لا تتزحزح، وبهذا أصبحت المئذنة ضمن أكثر المباني النادرة في مصر في حالة ميل ثابت متخذة مظهرا جماليا رائعا.

99 درجة بـ «سُّلُم» الجامع العمري بإسنا

وعن تفاصيل المئذنة من الداخل، يقول عمر محمد عبدالمقصود، مفتش آثار إسلامي بمركز إسنا، إنها تتميز من الداخل بوجود سَّلُم داخلي يدور حول عمود في الوسط، وتلتف من حوله درجات المئذنة من باب الدخول وحتى أرضية القبة، وتصل عدد تلك الدرجات إلى 99 درجة، اُنشئت من الطوب ولكن مقدمتها من الخشب.

ويتابع الحديث مشيرًا إلى إنشاء مئذنة أخرى بالوجه القبلي على غرار مئذنة الجامع العتيق، حيث تعتبر هذه المئذنة هي الشاهد الوحيد على براعة العصر الإسلامي في علم الفن والهندسة، خاصة مع إنشاء مزاولة على الضلع الغربي للمأذنة مصنوعة من الرخام تهدف معرفة مواقيت الصلاة.

وأشار إلى وجود لوحة تذكارية عن إنشائها مُثبتة على يسار المحراب ومكتوبة بالخط الكوفي، حيث نصت على «بسم الله الرحمن الرحيم (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش الا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)»، كما تم تدوين نصًا آخر عليها وهو «أمر بإنشاء هذه المئذنة الأجل المنتخب فخر الملك سعد الدولة تاج المعالى ذو العز بن حسام أمير المؤمنين أبو منصور ساركين الجيوشى نصره الله وظفره وأحسن عونه في شهور سنة أربع وسبعين وأربعمائة، ابتغاء مرضاة الله وثوابه ورجاء الدار الآخرة والأمن من عقابه وحشره مع مواليه صلوات الله عليهم أجمعين ورحم من ترحم عليهم آمين يا رب العالمين».

 

20 فتحة بـ مئذنة الجامع العمري بإسنا للتهوية

بخصوص عدد الفتحات الموجودة في المأذنة أوضح «عبدالمقصود»، أنها تصل لأكثر من 20 فتحة موزعة على المأذنة من الأعلى وحتى الأسفل بشكل منظم ودقيق، حيث صُمِمَت بهدف التهوية للمأذنة وما بداخلها وكذلك الإنارة والإضاءة من خلال الإعتماد على أشعة الشمس، وكذلك ضمن وظائفها الإعلان عن الآذان وتوقيت مواعيد الصلاة للمواطنين.

ويضيف، لم تكن تلك الوظائف هي الوحيدة الخاصة بالمأذنة لكن ضمن وظائفها الإسترشادية كذلك إرشاد السفن والمراكب كما تفعل المنارة، فضلًا عن تمتعها بوظيفة حربية أخرى، وهي الإعلان عن قدوم العدو لمساعدة الجنود على اتخاذ مواقعهم لحماية المنطقة قبل قدومهم.

 

خطة تطوير ومشروع إضاءة ليلي بـ مأذنة الجامع العمري

بخصوص خطة تطوير مأذنة الجامع العمري بمركز إسنا، أوضح حسين الحداد مدير منطقة الآثار الإسلامية والقبطية بإسنا وأرمنت، بانتظار بعض الموافقات لإدراج مئذنة الجامع العمري ضمن خطة التطوير الشاملة التي أعلنتها الوزارة والتي تضم تطوير المنطقة المحيطة بمعبد إسنا أو خنوم وكذلك وكالة الجداوي لعمل مسارات سياحية جديدة بتلك المنطقة مع تنفيذ مشروع إضاءة ليلي بالمأذنة، لتصبح بانوراما السياحية يتوافق حينها المعبد مع المئذنة والوكالة، لافتًا، إلى أن المئذنة بحالة إنشائية جيدة وآخر أعمال الترميم التي تمت بها حدثت في عام 1997.

والجدير بالذكر، بدأت أعمال التطوير بالمشروع العالمي لتطوير المعبد والمنطقة المحيطة منذ أكثر من عام، حيث يضم المشروع عملية إعادة تأهيل وترميم المعبد ووكالة الجداوي التاريخية وسوق القيسارية، فضلًا عن محيط المعبد نفسه، والمُسمى تحت عنوان «إعادة اكتشاف الأصول التراثية الثقافية بمدينة إسنا»، حيث يتم تنفيذه بالتعاون مع محافظة الأقصر ووزارة الآثار بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.


مواضيع متعلقة