«قابل السادات بالكلابشات».. «الوطن» تعيد نشر حوار صاحب شفرة حرب أكتوبر

«قابل السادات بالكلابشات».. «الوطن» تعيد نشر حوار صاحب شفرة حرب أكتوبر
- احمد ادريس
- البطل احمد ادريس
- صاحب شفرة حرب اكتوبر
- حرب اكتوبر
- صاحب الشفرة النوبية
- احمد ادريس
- البطل احمد ادريس
- صاحب شفرة حرب اكتوبر
- حرب اكتوبر
- صاحب الشفرة النوبية
ملامح بشرته السمراء كانت تختزل بين خطوطها أسرار حرب تأبى ذاكرة التاريخ نسيانها، حمل على عاتقه مستقبل أمة فكان عقلا مدبرا وخزينة أسرار لم تُفتح إلا بعد 40 عاما من الحدث، حفظ السر وأدى المهمة ورحل عن عالمنا أمس، عن عمر ناهز 84 عاما، بعد أن حفر اسمه في سجلات تاريخ بلد شارك في خط ملامح مستقبله، وغيّر بخطته موازين حرب أكتوبر المجيدة.
فكرة استخدام اللغة النوبية في التراسل بين الجنود
قبل عامين من رحيله، وتحديدا في مارس عام 2019، التقت «الوطن» بالبطل النوبي أحمد إدريس صاحب فكرة الشفرة النوبية بحرب أكتوبر، في إحدى القاعات بمقر ملتقى الشباب العربي الأفريقي، الذي أقيم بمحافظة أسوان تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، لفت أنظار الحضور حينها بملابسه المميزة، حيث الجلباب الأبيض والعمة الأسواني ملتفا بعلم مصر ونياشينه العسكرية التي حصل عليها بعد انتهاء الحرب، تحدث عن كواليس لقاءه بالزعيم الراحل أنور السادات، وكيف عرض على القيادات وقتها فكرة استخدام اللغة النوبية في التراسل بالحرب حتى لا يفهم العدو تفاصيلها.
البطل النوبي، جلس حينها يتحدث لـ«الوطن» بصوته فخور بما صنعه في الحرب، فهو الذي اقترح على القيادات وقتها فكرة استخدام اللغة النوبية في التراسل حتى لا يفهم العدو تفاصيلها، لكونها لغة تنطق ولا تكتب بحروف معينة، وعن تفاصيل الفكرة وكيف تطرقت إلى ذهنه قال «كان العدو بيفك شفرات المراسلات دائما وبدأت القيادات في التفكير في وسيلة لمنع العدو من فهم المراسلات التي تدور بيننا وفي لحظة فكرت في اللغة النوبي، فهي لغة لا يفهمها إلا من يجيد التحدث بها وترسل منطوقة ولا تكتب وبالتالي لن يستطيع أحد من العدو فهمها».
وصل إلى مكتب السادات بـ«الكلابشات»
حين عرض الرجل النوبي، الذي كان يحمل رتبة «صول»، فكرته على القيادات حينما كان ملحقا باللواء 15 مدرع عقب 1967 تحت قيادة اللواء «عدلي مصطفى سوكة» واللواء «تحسين شنن» الذي كان برتبة مقدم حينها وأصبح محافظا للسويس في وقت لاحق، انبهر الجميع بها وعرضوها على الرئيس الراحل محمد أنور السادات، «السادات طلب يقابلني وخدوني ليه في الكلابشات، كنت متكلبش في الحديد ومكنتش فاهم حاجة وواخدني على فين»، حسب تعبيره.
أسئلة عديدة دارت في رأي الجندي النوبي طوال الطريق، لحظات خوف وترقب عاشها حتى وصلوا به إلى القصر ووضعوه في مكتب وتركوه وحيدا وظل رأسه حائرًا يفكر ماذا ينتظره، وبعد وقت قليل فوجئ بالرئيس الراحل أنور السادت يدخل عليه، وصف وقت الانتظار بكلماته «ساعة ونص مروا عليا كإنهم 3 سنين ومكنتش مصدق إني قابلت الريس لما شوفته».
تفاصيل اللقاء الأول مع الرئيس السادات في مكتبه
لحظات اللقاء الأولى التي جمعته بالسادات يصفها الحاج أحمد إدريس بصوت مليء بالفخر، أغمض عينيه قليلا أصناء حديثه ليعود بالذاكرة أكثر من 50 عاما إلى الخلف، «أول ما شافني الريس حط إيده على كتفي وقال اقعد يا ابني وسألني عن نفسي متجوز ولا لأ وعندي عيال ولا لا»، ليذيب الجليد بينهما وبعدها بدأ يتحدث إليه عن فكرته واستخدام اللغة النوبي ليروي له «إدريس» القصة الكاملة لفكرته، «أول ما سمع الفكرة دخل في نوبة ضحك هستيري وسألته هو أنا قولت حاجة غلط يا ريس رد قالي لا» حسب تعبير الرجل النوبي.
سر الشفرة الذي أخفاه عن الكتيبة
اتفق «السادات» مع الحاج إدريس على أن يكتم السر وإلا سيعرض نفسه للمحاكمة، لينتهي لقاء «الشاويش» حينها، برئيس الجمهورية، وبعدها أمر السادات بإحضار 344 فردًا من أصول نوبية، يتدربون على الشفرات الجديدة داخل الجيش المصري، وينضم إليهم دون أن يعلم أيا منهم أن إدريس هو صاحب الفكرة، وتبدأ العمليات خلف خطوط العدو متخفين في أهوسة المياه يراقبون العدو في سيناء وينقلون تحركاته، وبالفعل نجحت الشفرة في تنفيذ عمليات مصيرية، وأضحى الرجل النوبي رمزا من رموز الحرب.
السيسي أول رئيس كرم «إدريس» بعد الحرب
«السيسي أول رئيس يكرمني بعد الحرب»، بهذه العبارة عبر الحاج إدريس عن اعتزازه وتقديره بما قدمه له الرئيس السيسي من تكريم لجهوده في الحرب في عام 2017 كأول رئيس بعد الراحل أنور السادات بعد أن أمر اللواء محسن عبدالنبي مدير الشؤون المعنوية آنذاك، بالبحث عن البطل النوبي لتكريمه وتخليد اسمه.
إدريس: السيسي لم شمل العرب وأفريقيا
تابع الرجل الثمانيني ما حدث في محافظته أسوان في الآونة الأخيرة بعد اهتمام الرئيس السيسي بها، وتدشين ملتقى للشباب العربي الأفريقي على أرضها، بعين المحارب الواعي، واصفا المشهد بقوله، «كنا زمان محدش يعرف عننا حاجة والرئيس السيسي هو الوحيد اللي اهتم بينا ولم شمل العرب وأفريقيا وهو ده المستقبل».
واعتبر رجل الحرب الراحل، أن ما قام به الرئيس عبد الفتاح السيسي من حيث لم شمل الشباب المصري والأفريقي على أرض أسوان بـ«الخطوة الذكية» الضرورية باعتبار أسوان بوابة مصر للقارة ومصر جزء لا يتجزأ من القارة، «أول رئيس يهتم بأفريقيا ودي خطوة مهمة لأن شباب دلوقتي هما قادة المستقبل».