واسيني الأعرج عن بوتفليقة: جاء بضجيج كبير.. ومات في صمت

واسيني الأعرج عن بوتفليقة: جاء بضجيج كبير.. ومات في صمت
- بوتفليقة
- وفاة بوتفليقة
- عبدالعزيز بوتفليقة
- الجزائر
- وفاة عبدالعزيز بوتفليقة
- واسيني الأعرج
- بوتفليقة
- وفاة بوتفليقة
- عبدالعزيز بوتفليقة
- الجزائر
- وفاة عبدالعزيز بوتفليقة
- واسيني الأعرج
تحدّث الروائي الجزائري واسيني الأعرج عن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الذي توفي اليوم عن عمر ناهز 84 عامًا، قائلاً إن الرئيس بوتفليقة رحمه الله، جاء بضجيج كبير، رافعًا لواء المصالحة الوطنية وتوقيف الحرب الأهلية، والتقليل من هيمنة شبح السلطة العميقة، وهو ما فعله في العهدتين القانونيتين الأولى والثانية (عشر سنوات)، ومات في صمت كبير، وعزلة تذكّر بأبطال ماركيز العسكريين.
وأضاف: «عشرون سنة من الحكم. عشريتان. العشرية الأولى أوقف فيها الحرب الأهلية حقيقة، حتى ولو كان ثمن ذلك غاليًا بالنسبة لضحايا الإرهاب، الذين كزوا على أسنانهم وقبلوا بحل يضمن على الأقل السلام للبلاد».
الأعرج يقيّم فترة حكم بوتفليقة
وذكر واسيني الأعرج عبر «فيسبوك»، أن الرئيس الراحل أنجز جزءًا مهمًا وحيويًا من البنية التحيتية للبلاد التي لم يمسسها تغير جوهري منذ الرئيس المرحوم هواري بومدين، مشيرًا إلى تجديد طريق السريع شرق - غرب، وبناء عشرات الجامعات حتى المناطق الصحراوية النائية، وتجديد المطارات وتحديثها، وعشرات السدود التي خففت كثيرًا من وطأة أزمات الماء، وغيرها.
وتابع: «لكن هل تسير الدولة دون تغيير في بنياتها السياسية ودمقرطة الحياة العامة واحترام القوانين؟.. لنقل أنه كان أكثر رؤساء الجزائر خبرة سياسية ودهاء وثقافة، ابن النظام بامتياز، لكن للأسف لم ينفعه ذلك في شيء. كان يظن أن تأصيل البنية التحتية كاف، ونسي بسرعة أن البنية التحتية، في ظل الفساد المالي، خلق طبقة من المتعايشين على حساب جودة المرافق المنجزة ومال الدولة حتى أصبحت هذه المجموعة من المرابين ورجال المال الفاسد، قوة تشبه المافيا، دون أن ينعكس ذلك استثماريًا على البلاد لأن المال الوطني كان يهرب بالملايين خارج البلاد».
وقال الروائي الجزائري: «كانت المجموعة تأخذ شرعيتها من رئيس تم تدمير صورته التي دخل بها كرجل دولة، وقام بفعل مضاد لثقافته السياسية بكسره للدستور وتدميره بكثرة الاستشارت، وتحويله إلى كومة أوراق لا قيمة فعلية لها. منذ تلك اللحظة بدأت عملية الانحدار نحو جهنم الذي دام حوالي عشر سنوات أخرى لم يكن فيها هو الحاكم الفعلي ولكن مافيا وجدت فيه الحاضنة الحامية لتمرير مشاريعها المالية والسياسية».
ويضيف: «كان وقتها الوحيد الأوحد في النظام القادر على توقيف السيستم الذي هلك البلاد منذ الاستقلال، والدخول في زمن آخر أكثر جدية وصرامة وقانونية وديمقراطية، ووطنية حقيقية، للأسف ذلك لم يحدث، التمركز الذاتي حول النفس لم يسمح له بالخروج من الشرنقة التي خيطت حوله برضاه. فقد بدأ العهدة الثالثة باختراق دستوري فادح، وكان بإمكانه أن يحول الدستور إلى وثيقة حقيقية، ويعلن من خلالها عن الجمهورية الثانية ويغادر تاركًا للجزائر مشروعًا عظيمًا في الحكم والسلطة. ذهب في الطريق المختصر».
وذكر الكاتب الجزائري: «تكونت مافيا مالية في حاضنته وكان عليها أن تدافع عن وجودها الحيوي، وكان من الصعب عليها التخلي عن السلطة حتى ولو اضطرها الأمر الدوس على قانون البلاد. كانت تعرف أن أي سلطة ستأتي ستجرها نحو المحاكم والسجون بسبب فداحة الفساد المالي وتخريب البلاد بمشاريع بدأ فسادها يظهر حتى قبل استلامها. خسر موعد الشبه بلينكولن، أو ميتيران، أو كاسترو، أو لومومبا، أو حتى جمال عبد الناصر. الانهيار الصحي عجَّل في الكشف عن الكوارث التي أخفتها العصابة التي أصبحت تحكم البلاد بالوكالة، فتحول الرئيس بوتفليقة إلى مجرد واجهة».
بلا قرآن.. كيف تعاملت الجزائر مع رحيل بوتفليقة؟
وعما آلت إليه البلاد قال الروائي الجزائري: «أصبحت المجموعات المالية الناهبة واضحة في المشهدية السياسية وتلح بأن الرئيس بخير ويتلقى التكريمات، بينما الرجل يسير على عربة لا يستطيع الكلام وحتى الصراخ، غير واع بكل ما كان يدور من حوله مع استهتار مفجع بشعب الأربعين مليون نسمة. شعب صبور حقًا عوّض مأساة الحكم بالنكتة، ووصل الانحطاط أدنى الدرجات حتى الحراك الذي أسقطه من أجل بناء الجمهورية الثانية، ليستمر النظام بنفس الممارسات ونفس المستعاشين بل أحيانًا بنفس الأشخاص، بعضهم كان متخفيًا ظهر للعلن».
وقال: «ماتت فكرة الجمهورية الثانية، النظام يريد أن يستمر حتى ولو كان ذلك على حساب البلاد نفسها ووحدتها. لكن هل يمكن لحراك أن يستمر بلا قيادة وبلا رأس؟ وهل يمكن لجمهورية ثانية أن تبنى بلا قيادة ثقافية وفكرية وسلطة متنورة، في ظل نظام عدوه رقم واحد هو المثقف؟ تلك قصة أخرى».
وذكر: «النظام بلا رحمة حتى مع أبنائه الذين بناهم على مدار السنوات المتلاحقة، وها هو موت رئيس جمهورية حكم عشرين سنة يمر كأنه لا حدث، لا قرآن كريم كما جرت العادة؟ ولا برامج خاصة؟ ولا حديث عن مراسم الدفن؟ هل سيُدفن في مقبرة عادية على مشارف تلمسان أو ندرومة، أم في مقبرة العالية حيث يجتمع رؤساء البلاد كلهم؟».
وأضاف: «احترام رئيس في موته هو جزء من احترام الدولة لنفسها.. هل يمكننا اليوم أن نعلن عن موت الدولة وتحولها إلى مجرد سلطة حاكمة تمارس قوتها خارج كل القوانين والضوابط القانونية والأعراف؟».