الدعوة عامة لتأمين أبناء الصحفيين!
غير مصدق.. ذهبت قبل أسابيع لعزاء الأخ والصديق العزيز عماد أبوعقيل.. توفى فجأة وأقيم العزاء فى سوهاج، وقبل أن نشد الرحال إلى هناك تقرر عزاء آخر لمحبيه وزملائه بالقاهرة.. وقد كان!
اقترب منا -وهو فى حالة حزن كبيرة للغاية لم تخصم منها الأيام التى مرت على الوفاة شيئاً- شقيقه الأكبر مرتضى أبوعقيل رئيس تحرير دار أخبار التعليم بكل إصداراتها وبعد تبادل المواساة قال: «ربما ظروفنا ولله الحمد أفضل من غيرنا.. لكن السؤال.. ماذا لو رحل فجأة زميل له مثل شقيقى من ظروف فى العمل؟ لديه أربعة من الأبناء ومرتبه كذا وبالتالى سيكون معاشه نسبة من هذا المرتب.. كيف سيكون حاله؟ هل ستكفى أسرته مكافأة صندوق التكافل التى تحدد حسب العضوية التى تتحدد أيضاً بعد عضوية النقابة؟ هذا إذا اشترك العضو أصلاً فكما تعرف الانضمام للصندوق اختيارى؟ أم هل سيكفيه معاش النقابة الذى حتى إذا أضيف إلى معاش الجريدة هل سيكفيان أسرة حتى من طفلين، لهما وأمهما احتياجاتهم ومتطلباتهم ومصاريف مدارسهما؟! هل سيكفى ذلك؟!».
كان الكلام مؤثراً.. أضاف حزناً فوق حزن.. وألما بعد ألم.. وذكّرنا على الفور بالرحيل الحزين للصهر والزميل حسام حسن الذى رحل قبل أشهر بظروف مشابهة.. حيث أسرتين وعدة أبناء.. أطفال بمراحل التعليم المختلفة وطفل لم يلتحق بالمدرسة بعد وأمامه مشوار طويل يحتاج إلى الكثير والكثير حتى يشتد عوده ويقف معتمداً على نفسه!
الأمر كله -منطقياً وعملياً- عام يخص أبناء المهنة كلها.. وليس زميلاً مقرباً أو زميلاً نعرف ظروفه، خصوصاً أن تفاوتاً كبيراً للأسف بين أحوال المؤسسات الصحفية لكن قد يجمعها كلها مسألة التأمين الأسرى والعائلى عند الرحيل المفاجئ والمبكر!
لم تمر أيام على الحوار السابق.. والاستدعاء المذكور لذكرى مؤسفة حتى توالت أنباء رحيل عدد من زملائنا الأعزاء من خيرة الصحفيين المصريين وأكثرهم قدرة على العطاء، حيث جمعهم صغر أعمارهم وجميعهم أقل من الأربعين.. حيث رحل الزميل ثروت بدوى رئيس قسم العقارات بجريدة «البورصة» وبعده بيومين وفى أول سبتمبر رحل الزميل أحمد عواد رئيس قسم الاتصالات والتكنولوجيا بجريدة «الشروق»، وبعده بأربعة أيام رحل الزميل محمد ياسين سكرتير التحرير بـ«الأخبار»، أما فى العام الماضى كان العدد مشابهاً بخلاف حالات الوفاة فى كبار الصحفيين وشيوخهم!
فضلاً عما جرى فى مايو الماضى حيث رحل بشكل مفاجئ أيضاً الكاتب الصحفى طارق غطاس الصحفى بجريدة «الكرامة»، وقبل رحيله مباشرة وفى يومين فقط فقدنا -كجماعة صحفية- ثلاثة من أبناء المهنة مرة واحدة بكل أسف، حيث رحلت الزميلة سعدية شعيب الكاتبة الصحفية بـ«الأهرام»، والزميل مدحت خطاب مدير تحرير «الأهرام المسائى»، ومحمود عرفات الصحفى الشاب بجريدة «الدستور» الذى توفى متأثراً بإصابته بفيروس كورونا وقبلهم بأسابيع الزميل مدحت إمام!
وبالطبع الرحيل قضاء الله الذى لا رادّ له.. وقدره الذى كتبه سبحانه على الجميع ولا نملك إلا التسليم والدعاء بالرحمة للجميع.. وكلامنا هنا ليس عن رعاية صحية أو خدمات قدمت أو لم تقدم.. رغم التقدير الكبير لأداء لجنة الرعاية الصحية بنقابة الصحفيين وبعض هؤلاء الزملاء لهم تأمين صحى إضافى فى مؤسساتهم الصحفية.. للقائمين عليه أيضاً كل التقدير.. إنما ما يعنينا هنا هو التأمين الذى يضمن حياة كريمة ولائقة للصحفيين عند تقاعدهم أو إصابتهم إصابات تمنعهم من العمل وبعض هذه الحالات تحدث لصحفيين فى شبابهم وفى مقتبل أعمارهم ولديهم بالتالى أطفال صغار.. أو فى حالة رحيلهم وقد تركوا أسراً ينبغى أن نطمئن ويطمئن الجميع أنهم سيعيشون حياة لائقة تمنع عنهم غدر الزمان وقسوة الأيام!
ماذا يمكن أن نفعل إذن أمام هذا التحدى؟ نحتاج بالفعل إلى تصور للتأمين على الحياة وعلى ضمانات تؤمن مستقبل أسر الصحفيين.. فهل نحتاج إلى صندوق آخر خلاف صندوق التكافل؟! هل نحتاج إلى تطوير صندوق التكافل نفسه -وقد أدى الزملاء به والمشرفون عليه دورهم على أشرف وأفضل ما يكون- بما يتلاءم مع الظروف الجديدة فلم يكن فى الحسبان مثلاً أزمة «كورونا»!
أم نحتاج إلى استثمار إمكانيات النقابة وقدرتها على جلب الأموال فى توفير مكافآت فورية كبيرة ومنجزة فى مثل الحالات السابقة؟ كالعودة لاستغلال أدوار النقابة غير المستغلة فى مشروع مستشفى للصحفيين أو تأجيرها لبنوك وشركات استثمارية أو العودة لأكشاك الصحف التى تتبع النقابة بكل أنحاء مصر أو أى أفكار أخرى مفيدة أو حتى كل أو أغلب ما سبق؟!
ليس لدينا تصور محدد غير الدعوة للتفكير الجماعى وطرح القضية للمناقشة، وبالطبع من المؤكد أن الأمر يشغل نقيب الصحفيين الدكتور ضياء رشوان وعدداً من مجلس النقابة المحترم، واعتقادنا يشغل أيضاً قيادات بالوطنية للصحافة وهو ما يستدعى دعوة هؤلاء جميعاً ومعهم نوابنا الصحفيون بمجلسى النواب والشيوخ -وكلهم أبناء مخلصون للمهنة- وبشكل عاجل لبحث الموقف ربما استطعنا تعويض أسر من رحلوا مؤخراً.