«السكان».. و«الإسكان»

عمرو حسن

عمرو حسن

كاتب صحفي

خلال العشرين عاماً الماضية كان عدد السكان يزيد بمعدل 2 فى المائة تقريباً سنوياً، ومع هذه الزيادة الكبيرة تواجه مصر اكتظاظاً سكانياً فى أغلب مدنها، وتؤثر أزمة الإسكان فى مصر على الملايين فى جميع أنحاء البلاد.

وقد استمرت قضية الإسكان على مدار عقود قضية حقيقية تواجه الدولة المصرية نتيجة عدم قدرة الدولة على ملاحقة الزيادة السكانية والتى أدت إلى توجه المواطنين نحو الإسكان غير المخطط لتظهر المناطق العشوائية وغير الآمنة على مدار العهود الماضية، ففى داخل الأحياء الفقيرة الموجودة داخل المراكز الحضرية الرئيسية فى الإسكندرية والقاهرة، ظهرت الجريمة وانعدام القانون كآثار جانبية رئيسية لهذه الزيادة فى السكن العشوائى، أصبحت الجرائم الصغيرة والجسيمة منتشرة على نطاق واسع.

لذلك فمع وصول الرئيس السيسى لسدة الحكم تم وضع استراتيجية للتعامل مع هذه الأزمة أو القنبلة الموقوتة تمثلت فى تطوير العمران وتحسين جودة الحياة فى الريف والحضر وتطوير العشوائيات وأيضاً تطوير عواصم المحافظات والمدن الكبرى وتم البدء فى المشروع الأكبر فى تاريخ مصر العمرانى وهو تطوير الريف المصرى (حياة كريمة).

وجاء توجيه القيادة السياسية منذ اللحظة الأولى بالتدخل الفورى للقضاء على العشوائيات والحق فى السكن الكريم كواحد من أهم حقوق الإنسان.

(والله ما هسيب الناس كده طول ما أنا موجود مكانى هنا، مش هنسيب أطفالنا يطلعوا كده).

السيد رئيس الجمهورية - مايو ٢٠١٧

لذلك فليس مستغرباً أن تكون الحكومة قد سلطت الضوء على الإسكان والتنمية وجعلتهما على محور جدول أعمالها منذ منتصف عام 2015 وتم الإعلان عن ذلك خلال مؤتمر التنمية الاقتصادية فى مصر الذى عقد فى شرم الشيخ.

وفى خُطى ثابتة بذلت الدولة الكثير من الجهود بالتعاون بين أجهزة ومؤسسات الدولة والمجتمع المدنى، للقضاء نهائياً على العشوائيات لأن ذلك سوف يسهم فى رفع الاقتصاد المصرى وتنميته، حيث تقف المناطق العشوائية حجر عثرة يهدد الاقتصاد المصرى، لصعوبة التخطيط لها بشكل مركزى، حيث لا يمكن أن تحدد الدولة حجم الإمكانيات والقدرات البشرية الموجودة بها، أما فى حالة القضاء على العشوائيات سيتم التحكم فى جميع العمليات التجارية التى كانت تنمو بطرق غير سليمة، الذى يترتب عليه تطوير الجانب الأمنى والاجتماعى، ورفع مستوى معيشة المواطن المصرى.

هذا إلى جانب التحكم فى التلوث البيئى الموجود فى العشوائيات الذى تنتج عنه مشكلات صحية واجتماعية، ويسهم فى زيادة الأعباء على كاهل الدولة بسبب التكاليف العلاجية والاجتماعية.

وأيضاً التخلص من العشوائيات سيسهم فى القضاء على المخاطر الكبيرة والسلوكيات البذيئة، بعد أن أصبحت منفذاً لخروج البؤر الإرهابية، والفن الهابط، والمخدرات، فضلاً عن انحدار الأخلاق والتعليم وكل الخصائص السكانية.

أيضاً ينتج عن وجود العشوائيات نقص الوعى الصحى والإنجابى والاجتماعى، كل ذلك يؤدى إلى زيادة فى الكثافة السكانية وتكون النتيجة استمرار الانحدار فى كل المستويات الصحية والاجتماعية والاقتصادية ونظل نلف وندور فى حلقة مفرغة.

وعلى ذلك حددت الحكومة المصرية جدولاً زمنياً للبدء فى هذه الثورة من البناء والتطوير وفقاً لبيان مجلس الوزراء فى 2015 وقد التزمت الحكومة منذ ذلك الحين بتنفيذ خطط البناء والتشييد.

وبالفعل استطاعت الدولة خلال 7 سنوات تحقيق المستحيل وقامت بتنفيذ وحدات سكنية تعادل ما تم تنفيذه خلال ۳۸ عاماً أى من عام ١٩٧٦ وحتى عام ٢٠١٣.

فنجد أنه فى الفترة منذ عام ١٩٧٦ حتى ٢٠٠٥ (٣٠ سنة) تم تنفيذ 1٫2 مليون وحدة سكنية أى بمعدل 42 ألف وحدة كل عام، وفى الفترة من عام ٢٠٠٥ حتى عام ٢٠١٣ (٨ سنوات) تم تنفيذ 383 ألف وحدة سكنية أى بمعدل 48 ألف وحدة كل عام، أما فى الفترة من ٢٠١٥ حتى الآن (۷ سنوات) نفذت الدولة حوالى 1٫3 مليون وحدة سكنية أى ما يعادل 200 ألف وحدة كل عام، وهذا إنجاز غير مسبوق.

وقد تبنت رؤية مصر ٢٠٣٠ الحق فى السكن الكريم كواحد من أهم حقوق الإنسان، فقد بلغت المناطق غير الآمنة فى مصر 357 منطقة، أما المناطق غير المخططة فبلغت 152 ألف فدان، كذلك قدرت الأسواق العشوائية فى مصر بحوالى 1105 أسواق، وقد رصدت الدولة المليارات للقضاء على هذه العشوائيات التى تشوه وجه الوطن.

وفى نفس الوقت وبخط متوازٍ حافظت الدولة المصرية على التزامها بالمضىّ قدماً فى بناء العاصمة الإدارية الجديدة التى سوف تكون أيقونة العواصم فى المستقبل القريب.

وإن شاء الله قريباً سنرى الحلم يتحقق فى مصر بالتخلص من العشوائيات وحل المشكلة السكانية.

* مقرر المجلس القومى للسكان السابق