ملحمة «مستقبل مصر».. حلم الدلتا الجديدة يتحقق والصحراء تتحول إلى أرض خضراء

ملحمة «مستقبل مصر».. حلم الدلتا الجديدة يتحقق والصحراء تتحول إلى أرض خضراء

ملحمة «مستقبل مصر».. حلم الدلتا الجديدة يتحقق والصحراء تتحول إلى أرض خضراء

متى وكيف حدث ذلك؟!

هذا هو السؤال الذى يخطر على بال كل من يقطع طريق 6 أكتوبر - الضبعة، ويشاهد الصحراء الشاسعة على جانبى الطريق، وقد تحولت إلى مئات الآلاف من الأفدنة المزروعة والمنتجة، ثم يشاهد على امتداد 95 كيلومتراً وبعمق يصل على الجانبين إلى عشرات الكيلومترات، مئات آلات الرى المحورى العملاقة، وآلاف المعدات الثقيلة والخفيفة وهى تعمل فى إنشاء شبكات الطرق الداخلية لمشروع «مستقبل مصر»، وتواصل حفر مئات الآبار الجوفية، وتدق أعمدة الكهرباء، وفى قلب هذه الملحمة التى تحققت فى زمن قياسى، تنتشر مئات سيارات النقل التى تحمل محاصيل البنجر والفاصوليا والفول السودانى والجزر والطماطم وغيرها من الخضراوات إلى المصانع والأسواق. إنها الدلتا الجديدة التى كانت قبل 4 سنوات فقط، مجرد حلم، وكان أكثرنا تفاؤلاً يظن أنه يحتاج إلى عقدين كاملين لكى يتحقق، وإذا بنا نستيقظ ذات صباح على الرئيس عبدالفتاح السيسى وهو يفتتح المراحل الأولى من المشروع العملاق الذى فاقت معدلات إنجازه كل التصورات.

وها نحن الآن أمام حوالى 500 ألف فدان تمت إضافتها إلى مساحة مصر الزراعية، وأمام أكثر من 150 ألف فدان أخرى يتم تجهيزها حالياً لزراعتها بالمحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والفول قبل نهاية هذا العام. متى وكيف حدث ذلك؟.. هذا هو السؤال الذى قررت «الوطن» أن تعثر على إجابته من قلب هذه الملحمة.. وقد ذهبنا إلى هناك وقضينا يوماً كاملاً، وقطعنا عشرات الكيلومترات فى أرجاء الصحراء التى أصبحت أراضى منتجة، لنكتشف أن إرادة الإنجاز والبناء والتنمية ستظل هى الأمل الوحيد للنجاة بهذا الوطن من كل عوامل الخراب التى تحيط بنا من كل الجهات.

 «السيسي» يوجّه باستصلاح 150 ألف فدان نهاية العام الحالي لزراعة المحاصيل الاستراتيجية في مقدمتها «القمح».. وتدريب أوائل خريجي «الزراعة وهندسة الكهرباء والميكانيكا»

قبل 4 سنوات، فى أبريل 2017، وجّه الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالبدء فوراً فى تنفيذ مشروع «مستقبل مصر للإنتاج الزراعى» لتوفير منتجات زراعية ذات جودة عالية بأسعار مناسبة للمواطنين، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء بما يتفق مع أهداف التنمية المستدامة وخطة مصر 2030، ومنذ ذلك التاريخ بدأ العمل على قدم وساق داخله، والذى يقع على امتداد طريق محور «روض الفرج - الضبعة الجديد»، ويبعد مسافة 30 دقيقة من مدينة 6 أكتوبر، بطول 95كم، وعمق يتراوح بين 40 إلى 45كم.

ورصدت «الوطن» فى جولتها داخل المشروع، التى استمرت لساعات، حجم العمل الكبير الذى تم بذله على مدار السنوات الماضية، لتتحول الصحراء إلى أرض خضراء خصبة تنبت بالكثير من المحاصيل الزراعية، التى تم تقسيمها بين مناطق متساوية داخل المشروع، كل قطعة تبلغ مساحتها 1000 فدان، وشهدت خلال جولتها عملية الحصد الآلى لبعض المحاصيل، ومنها «البنجر، الفاصوليا»، إضافة إلى المساحات المخصّصة لزراعات الذرة والفول السودانى والبطاطس والطماطم والجزر، والتى تظهر بجودة عالية، وضم المشروع شبكة طرق داخلية شملت 55 طريقاً طولياً و35 عرضياً، لتسهيل عملية التنقل داخل المشروع ووصول مستلزمات الإنتاج كالأسمدة والمبيدات والبذور والمعدات، فضلاً عن سهولة عملية نقل المحاصيل النهائية من المشروع إلى الأسواق الرئيسية وموانئ التصدير البرية والجوية.

وتطور المشروع، منذ انطلاقه على مدار عدة مراحل، حيث تم الانتهاء من عمل البنية الأساسية من شبكات كهربائية وطرق رئيسية واستصلاح وزراعة 30 ألف فدان فى موسم 2018/ 2019، ثم تم الانتهاء من استصلاح وزراعة 120 ألف فدان فى موسم 2019/ 2020، وفى الموسم السابق 2020/ 2021 تم زيادة 200 ألف فدان، فيما وجه الرئيس باستصلاح 150 ألف فدان نهاية العام الحالى، لزراعة المحاصيل الاستراتيجية، وفى مقدمتها محصول القمح، ويستهدف المشروع زراعة 756 ألف فدان فى نهاية 2023، وفقاً للخطة الجارى تنفيذها.

المشروع القومي مستقبل مصر يوفر 200 ألف فرصة عمل

ويعتبر «مستقبل مصر»، الباكورة الزراعية لمشروع الدلتا الجديدة، ويستهدف تحقيق خطة الدولة فى إنهاء الدلتا الجديدة بحلول 2023، ويفتح المشروع سوقاً استراتيجية للأيدى العاملة، حيث يوفر 7 آلاف فرصة عمل مباشرة، وأكثر من 200 ألف فرصة عمل غير مباشرة، وتطبّق أعلى معايير السلامة والصحة المهنية فى بيئة العمل لسلامة العمال والموظفين، وتقوم وزارة الزراعة بتقديم الدعم الكامل ونقل الخبرات للمشروع.

استخدام أحدث ماكينات الري و3 خزانات مياه جوفية

وحول المياه التى يستخدمها المشروع، فإنه يتم الاعتماد بصورة رئيسية على خزانات المياه الجوفية، حيث تم حفر آبار تنقل المياه من 3 خزانات، هى: «الأيوسين، المايوسين، والمغرة»، وهى امتداد لمنطقة وادى النطرون، وجارٍ دخول مصدر مياه آخر لدعم الخزان الجوفى بمد ترعة لتوفير المياه اللازمة لزراعة 380 ألف فدان، ولم تقتصر العملية على مد الأراضى بالمياه، حيث تمت دراسة ملوحة المياه والتربة لربطها بأنواع الزراعات التى تتناسب مع درجة الملوحة.

إنشاء شبكة طرق داخلية ومحطتين للكهرباء

ورصدت «الوطن» فى الجولة التى استمرت ساعات داخل المشروع، الانتهاء من تنفيذ البنية الأساسية، بتكلفة 6 مليارات جنيه، والتى تشمل تمهيد الطرق الداخلية بإجمالى طول 500 كيلومتر وعرض 10 أمتار، وحفر آبار المياه الجوفية، وإنشاء محطتين للكهرباء بقدرة 350 ميجاوات، وشبكة كهرباء داخلية بطول 200 كيلومتر، ومخازن مستلزمات الإنتاج، ومبانٍ إدارية وسكنية.

ويهدف المشروع لتحقيق 3 أهداف رئيسية، أولها تحقيق الأمن الغذائى والاكتفاء الذاتى والمساعدة فى القضاء على البطالة وتوظيف العاملين فى تخصّصات مختلفة حتى يستشعر المواطن حجم العمل المبذول لتحقيق النمو الاقتصادى والتنمية المستدامة. ويأتى ضمن أهداف المشروع العمل بنظام المشاركة مع المستثمرين الزراعيين الجادين بمحددات وضوابط وخبرات فى التعامل مع هذا النوع من اقتصاديات تعظيم العائد، وتحقيق أعظم أسلوب وطريقة اقتصادية بالنظام الموجه بالوقت لتقليل التكلفة فى المشروعات القومية الاقتصادية والإنتاجية. وعلمت «الوطن» أنه بالتعاون مع وزارة الزراعة سيتم عمل برامج تدريبية لأوائل خريجى كلية الزراعة، وكلية الهندسة من قسمى الكهرباء والميكانيكا، لتثقيف العناصر البشرية وزيادة الأيدى العاملة ودفع عجلة الإنتاج الزراعى وتعظيم دور الاستفادة من الخبرات الموجودة فى المشروع.

وقال بهاء محمد الغنام، مدير مشروع مستقبل مصر، إن العمل فى المشروع يسير تحت شعار «الإيمان بالله وحب الوطن»، متابعاً: «نحاول أن نسعى جاهدين لتحقيق توجّه الرئيس للاستدامة فى دفع عجلة التنمية الزراعية، ونجد دعماً كاملاً من القيادة السياسية للدولة، مما يسهم فى نجاح المشروع»، مشيراً إلى أنه من الأمور التى ساعدت على نجاحه أيضاً هو موقعه المتميز على محور الضبعة، مشيداً بشبكة الطرق الجديدة التى توليها الدولة عناية كبيرة، والتى تسهل الحركة والتنقل ونقل البضائع وتدعيم البنية الأساسية.

 


مواضيع متعلقة