«قاضى» كان محامى واشتغل رسام على باب الله: «يوم فيه.. و15 مفيش»

«قاضى» كان محامى واشتغل رسام على باب الله: «يوم فيه.. و15 مفيش»
قبل مطلع «دائرى المنصورية» تجده جالساً أسفل شمسية، يمسك بيده اليسرى كوباً من الشاى، وفى اليمنى فرشاة يغمسها فى الألوان ويعبر بها عما يجيش فى صدره، صلاح الدين القاضى، هو الرسام المتجوّل الذى يتخذ من الشارع مكاناً له ويعمل بمنطق «الأرزقى»، «يعنى يوم فيه ويوم مفيش»، سخّر «القاضى» نفسه لرسم وجوه المصريين، قد لا يعرفه أحد سوى أهل منطقته، أحياناً يجلس بالأسبوعين دون دخول مليم واحد فى جيبه، لكنه لم يفكر يوماً فى ترك هذه المهنة التى يعشقها.
«أنا بحب الرسم جداً، ورغم دراستى فى كلية الحقوق، فإننى لم أتخلَّ عن مهنة الرسم، حتى التحقت بكلية الفنون الجميلة دراسات حرة، حتى أثقل موهبتى بالدراسة والعلم، وتدريجياً أصبح الرسم مهنتى التى تركت من أجلها كل شىء، رغم أنها لا تدر علىّ دخلاً كبيراً».. قالها «صلاح» مؤكداً أنه ليست مهنة الرسم فقط المظلومة حالياً، ولكن معظم المهن المرتبطة بالعمل اليدوى مظلومة، بعكس أيام زمان.
أحياناً يجلس الرجل الخمسينى فى الشارع، مندمجاً بالساعات فى رسم لوحة، قد تقع حادثة مرور أمامه، أو يشهد الشارع زحاماً شديداً، وأحياناً ترتفع حرارة الجو وتشتد عليه، ورغم كل ذلك يظل مندمجاً فى عالمه الآخر، ولا يعود إلا بعد انتهائه من اللوحة التى يرسمها: «الناس بتستغرب، أنا إزاى برسم فى الدوشة دى، مايعرفوش إنى بكون فى عالم تانى، مش معاهم، عالم تانى أنا بحبه»، قالها عم «صلاح» مؤكداً أن «تقدير الناس للفن لا يختلف حسب المستوى المادى، أو حسب المنطقة، ولكن حسب الحس الفنى لكل فرد، فهناك مواطنون قد يدفعون كل ما يملكون من أجل لوحة، وهناك مواطنون من الطبقة الراقية لا يُقدّرون الفن اليدوى».