الرماديون قاتلهم الله أنّى يؤفكون
الرماديون.. المتوافقون مع الإخوان.. المتخفون.. من يظهرون غير ما يبطنون.. الذين ليسوا جماعة أو حزباً وهم أقوى من الجماعات والأحزاب، الذين يتقنون التخفى والظهور بما ليس فى قلوبهم فيكذبون وينكرون.
تعرفهم من سمتهم، فهم من يدافعون عن الجماعة فى الخفاء، وفى العلن يمتصّون الهجوم عليها، ويحوّلون الأنظار عنها، فهدفهم جعلها تلتقط الأنفاس، وتحتوى الانشقاق، فيما يباشرون هم لعب دور الشحن والتحريض والتصعيد.
ينتقدون كل شىء، فبينما هناك وقت يجب ألا ينتقدوا فيه تراهم يهاجمون، وبينما هناك زمن يجب فيه ألا يحايدوا تراهم يصمتون، وحين تلوح أمامهم مصالحهم الذاتية الآنية يتفيقهون ويرغون ويزيدون ولا ينقصون، ولما تلوح أمامهم الدولة بأقتابها وأحلابها يعودون للوراء ويتراجعون.
لمّا يرون أن ما يفعلونه لا طائل منه يناورون، ويلعبون على جميع الأوتار، ويمشون على كل الحبال، ويلبسون كل الألوان، ويرضون كل الأطياف، ويقفون فى المنطقة الرمادية، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، بحجة أنهم المحبون لمصر، الباحثون عن الديمقراطية، الراغبون فى الحرية، الناقمون على الأوضاع الاقتصادية.
هم أشطر الناس فى تكفير كل من يخالف رأيهم أو يتجرّأ على انتقادهم، وهم أشطر الناس فى الترويج للأكاذيب إذا كانت تخدم مصالحهم ومصالح من يوجههم. منفعتهم الذاتية هى العدل فقط، ولهذا نراهم يتفنّنون فى التحايل للحصول على ما يشتهون من غير وجه حق، ويعارضون وينصبون المشانق إن لم تتحقق مصلحتهم التى هى هدفهم الأوحد.
تقرأهم فى ما يسطرون.. متحزلقون متقعّرون.. إلى اليمين تارة وإلى اليسار أخرى، من فوق مرة ومن الأسفل مرات.. متقلبون غادرون، فلا تعرف إلى أى وجهة يصيرون. تشاهدهم فى ما يفعلون، لأنهم يغرسون الخوف فينا.. يهاجمون كل نجاح.. يهونون من كل انتصار.. يخالطون الناس فيفتنونهم ويثيرونهم، ويوسوسون فى صدورهم بما يوهن العزائم، ويوغر الصدور، ويثير الأحقاد.
الأسوأ أنهم يصنعون التضارب، ويشتتون الأفكار، ويرتبطون بشخصيات ضعيفة متردّدة، لا تملك قناعات ومبادئ، لكى يدوروا فى فلكهم، فيحدّثونهم عن سد النهضة.. الإصلاح والتغيير.. أسلحة الجيش التى ترهق الاقتصاد.. عن الأموال التى أنفقت على العاصمة الجديدة.. وهم كاذبون. تسمعهم فى ما يقولون ويدّعون.. يعجبك قولهم لكنهم خرّاصون، فأقوالهم عن ظن وتخمين وليست عن رؤية ومعرفة.. ظانون بكل ما يجرى حولهم غير الحق، لذا فهم فى لُـجَّة من الضلال غافلون متمادون. يقعون فى أعراض المصريين، فيلوثون الطاهر، ويترحمون على الفاجر، ويلعنون المؤمن، ويشكّكون فى الشريف، ويدافعون عن اللصوص. إنهم المنافقون الذين يمثلون الخيانة، ويساعدون أعداء الوطن، ويثيرون البلبلة والفتن.. ويشيعون الفوضى، ويثبطون المعنويات، ويعملون لأعداء الوطن بالخفاء، فينفذون مشاريعهم ومخططاتهم وأجنداتهم.
إنهم المرجفون فى مصر، الذين يشيطنون الآمنين من خلال حملات السخرية والاستهزاء، فيبلغون مبلغاً كبيراً من إذكاء الفتنة، حتى والدولة تخوض أكبر معاركها، «ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب». إنهم أخطر من الإخوان وأعداء الوطن لأنهم العدو الحقيقى.. إنهم الرماديون. المنافقون.. الخرّاصون.. ممسكو العصا من المنتصف.. المذبذبون.. المرجفون فى مصر.. قاتلهم الله أنّى يؤفكون.