تعتنى هذه الاتفاقية الدولية المائية بالاستجابة للتحديات العالمية للمياه، وقد صدرت عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية، وتختص كاتفاقية بحماية واستخدام المجارى المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية.

وتهتم بالحصول على المياه النظيفة فى القرن الواحد والعشرين، فالمياه تقل فى ظل وفرة الوقت الذى يزداد فيه الطلب عليها، وتعانى معظم مصادر المياه من فرط الاستخدام، وذلك لأسباب منها التلوث والفيضانات وحالات الجفاف، ولذلك أصبحت الموارد أكثر تأثراً وازدياداً فى حدتها، خصوصاً مع الزيادة السكانية لمعظم مناطق وقارات العالم. وحيث تتصل هذه الاتفاقية بقرابة نصف مساحة سطح الكرة الأرضية، وهو مسطح المياه الذى يشكل 60% من تدفق المياه العذبة وبالتالى تسقى وتخدم 3 بلايين إنسان، فإنها تفرض على جميع الدول التعاون المشترك للموارد المائية المشتركة.

وهو ما يتطلب حالة من السلام والاستقرار والتنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادى وحماية الموارد الطبيعية فى إطار التنمية المستدامة، وتهدف إلى حماية واستخدام المجارى المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية (اتفاقية المياه) إلى حماية الموارد المائية العابرة للحدود وحماية كمياتها وجودتها واستخدامها المستدام بتيسير التعاون وتشجيعه. وهى قابلة للتطبيق فى البلدان الغنية بالمياه والفقيرة فيها، ولهذا فإن البلدان التى تصدق على الاتفاقية وتنفذها بلدان تختلف فيها مستويات التنمية، وتقوم على المساواة والمعاملة بالمثل، ولذلك فهى تحمى حقوق البلدان من المنبع والمصب على السواء وتحدد التزاماتها.

وقد طلب السكرتير العام للأمم المتحدة من جميع البلدان تطبيق هذه الاتفاقية باعتبارها وسيلة لا غنى عنها لتحقيق التشارك بطريقة مستدامة وسلمية.

وقد بدأت الاتفاقية باعتبارها وثيقة إقليمية فى لجنة الأمم المتحدة، واعتُمدت فى هلسنكى بفنلندا عام 1992، وأصبحت نافذة عام 1996، وفى عام 2003 وافقت الأطراف على تعديلها لتتمكن أى دولة عضو بالأمم المتحدة من الانضمام إليها، وفى عام 2016 أصبحت الاتفاقية رسمياً إطاراً قانونياً للتعاون بشأن المياه العابرة للحدود متاحاً للجميع، وتستند إلى القانون الدولى على غرار اتفاقية قانون استخدام المجارى المائية فى الأغراض غير الملاحية، وهاتان الاتفاقيتان متسقتان ومترابطتان، ولذلك وجب تطبيقهما مجتمعتين، بمعنى أنه لا يجوز السماح بالملاحة فى المجارى المائية (مثل البحر الأحمر) ثم على الجانب الآخر تمنع المياه فى المجارى المائية العذبة (مثل نهر النيل)، كلاهما وجبت حماية حقوق الدول فيه نقلاً وشرباً، ووقع هذه الاتفاقية 110 بلدان من جميع أنحاء العالم وركائزها الثلاث هى نفسها التزاماتها الثلاثة الرئيسية وهى أولاً: منع التأثيرات العابرة للحدود والسيطرة عليها والحد منها، ثانياً: حماية الاستخدام المعقول والمنصف، ثالثاً: التعاون من خلال الاتفاقيات والهيئات المشتركة مثل (وثيقة الإطار العام التى وقعتها دول مصر والسودان وإثيوبيا)، ووسائلها كما سارت فيها مصر تماماً، وتضم: (استخدام المشاورات، إنشاء برامج مشتركة للرصد، أى لا تنفرد بها دولة واحدة، إجراء تقييمات مشتركة لظروف المياه المشتركة ومعالجة التأثيرات العابرة للقارات، والبت فى حدود انبعاثات الصرف الصحى والحفاظ على جودة المياه، ووضع خطط عمل منسقة للحد من التلوث، ووضع تدابير للتنبيه والتحذير).

الهيكل المؤسسى للاتفاقية: اجتماع الأطراف يُعقد كل 3 سنوات، وما بين الاجتماعات تتولى الدول واللجان العمل، استمرار عمل الفرق المعنية (المناخ، الأغذية، الطاقة، النظم الأيكولوجية)، والأمانة الدائمة تستضيفها اللجنة الاقتصادية لأوروبا، والمركز الدولى لتقييم المياه، والذى تستضيفه حكومة كازاخستان فى أستانا، يقوم بتنفيذ الاتفاقية فى آسيا الوسطى والبلدان المجاورة وغير المجاورة.

ختاماً: إن هذا النموذج الناجح للاتفاقية يظهر فيه تقاسم كل من كازاخستان وقيرغيزستان المسئوليات والأدوار وقصة نجاح للبلدين المتشاطئين، ليتنا نقتدى بهما أفريقياً!!.