سبقها في الرحيل.. والدة الشهيد منسي: «كانت طفولته شقية.. من يومه ضابط»

سبقها في الرحيل.. والدة الشهيد منسي: «كانت طفولته شقية.. من يومه ضابط»
«طيب وأمي العاجزة دي مين اللي يراعيها.. محدش بيراعيها غيري، وأخويا شغله بعيد عنها.. على الله على الله»، تلك هي كلمات الشهيد البطل العقيد أركان حرب أحمد صابر منسي، حينما طلب أن ينتقل إلى سيناء سعيا لنيل الشهادة في سبيل الله، وبالفعل تمت الموافقة على طلبه بعد استشهاد البطل العقيد أركان حرب رامي حسنين، ولكنه لم يكن يفكر بأي شيء سوى والدته التي كان يرعاها رعاية كاملة بعد وفاة والده، فكان شديد التعلق بها، بار رحيم بها، وكان يقطن معها في نفس المنزل ويراعيها هو وشقيقه الأصغر، الذي كان يغيب عن المنزل لعدة أيام بسبب ظروف عمله، وكان لا يناديها سوى بالاسم الذي اختاره ليدللها به وهو «نوءة»، كما كان يحضر لها الشيكولاتة والبونبوني.
«الوطن» تنفرد بلقاء والدة الشهيد قبيل الذكرى الأولى للاستشهاد
وكانت «الوطن» الجريدة الوحيدة صاحبة الانفراد بلقاء والدة الشهيد البطل أحمد منسي، قبل وفاتها، والتي وافتها المنية نهاية العام الماضي، لتلتقي نجلها الذي طالما حلمت بلقائه، حينما وجهت له رسالة من خلال الجريدة، وهي تبتسم لتغالب دموعها بقولها «إمتى اللقاء؟.. أنا مستنية اليوم ده هو وحشني أوي وساب فراغ كبير أوي».
كانت طفولته شقية ومكانش بيقعد ساكت
وخلال حديثها معنا، استرجعت السيدة سناء محمد، والدة الشهيد البطل أحمد صابر منسي، ذكرياتها مع ابنها، الذي نال الشهادة في هجوم كمين مربع البرث في 7/7/2017، وبدأت حديثها معنا عن طفولته: «كان بيدلعني وبيجيبلي شيكولاتة وبونبوني، وكانت طفولته شقية ومكانش بيقعد ساكت، هو اتولد على إيد أبوه، أصله كان طبيب، ومن يومه ظابط، طفل بيلعب كورة وبلي ونيشان وعصى، ولعبه كلها طبنجات ومسدسات، هيبقى إيه غير ظابط».
تماسك شديد بدت عليه الأم وهي تتحدث عن شهيدها في ذكرى رحيله، تروي حين أصر على التحويل من كلية الفنون التطبيقية إلى الكلية الحربية، حينها لم يكن يشغل بالها سوى غيابه عنها، «كان بيعوضني كل إجازة ييجي يقعد في حضني، مش بشبع من دلعه ليّا لما يقول لي يا نوءة، وأول لقمة ياكلها كانت بتبقى من إيدي، قبل حتى ما يروح بيته»، وعن علاقته بعساكره قالت والدة الشهيد «عمره ما اتكبر على حد».
كان يتمنى الشهادة طوال الوقت وهو اللي طلب يروح العريش
وعن خدمة نجلها الشهيد البطل في سيناء، قالت إن نجلها في المرة الأولى تم تكليفه بالذهاب لسيناء وكان سعيدا للغاية لأنه كان يتمنى الشهادة طوال الوقت، وفي المرة الثانية هو من طلب الذهاب لسيناء، «في المرة التانية هو اللي طلب يروح العريش، وقولناله خليك هنا معانا وانقل ولكنه رفض، خصوصا وأنه كان محبوب هناك من الكل، هو عظيم وأنا عارفة أنه عظيم من غير ما يتكلموا عن بطولته معايا».
مكانوش عارفين هيبلغوني إزاي بخبر استشهاده
وعن واقعة استشهاده، قالت والدته: «كان عندي إحساس المرة الأخيرة اللي سافر فيها سيناء إنه هيسافر ومش هيرجع تاني، والسفرية دي مكنتش مطمنة ليها، المرة دي بالذات الإحساس ده جالي، بس كنت بكلمه كل يوم الساعة 7 زي ما كنت متعودة، ولكن فجأة لقيته مبيردش عليا ومش عارفة أوصله، ووقتها حسيت إنه في حاجة مش هتحصل، أسبوع كامل مش عارفة أوصله، وكان التليفون مبيجمعش خالص، لحد ما جالهم الخبر بتاع استشهاده، وهما مش عارفين هيبلغوني إزاي بالخبر».
على طول بيجيلي وبييجي يطبطب عليا وبحس بإيده على كتفي
وعلى الرغم من استشهاده ومفارقته لها، إلا أن روحها وروحه ظلتا متعلقتان ببعضهما البعض لا يفترقان، حيث أكدت والدة الشهيد على أنه يأتي لها يوميا في وقت الليل، وتشعر به كل يوم معها، فهو لم يفارقها كما أكدت لنا في حديثها، «أنتوا فاكرين إنه سابني، أحمد معايا، ماسابنيش من يوم ما ادفن، بييجي لي ويطبطب عليا، وبحس بلمسة إيده على كتفي، بيمسح دمعتي ويصبّرني على أيامي، ربنا قال أحياء عند ربهم يرزقون، وأنا بقول لهم هو حي وبيكلمني كل يوم».
الشهيد البطل أحمد منسي، استشهد في معركة مربع البرث الشهيرة بسيناء، هو وعدد من أبطال الكتيبة 103 صاعقة، بعد معركة شرسة مع العناصر التكفيرية، وكبّد «منسي» وأبطال كتبيته قبل استشهادهم، العناصر التكفيرية، خسائر فادحة.