عنده 71 سنة ولسه بيعافر.. حكاية بائع فول متجول: عايشين كلنا في أوضة

عنده 71 سنة ولسه بيعافر.. حكاية بائع فول متجول: عايشين كلنا في أوضة
على الرغم من تقدمه في العمر، إلا أن محمد محمود، الشهير بـ«الحاج محمد فولة»، لا زال يعمل في مهنة ورثها عن أجداده، يتجول في الشوراع بـ«عربية الفول» منذ ما يزيد عن 50 عاما، لا يشكو من أوضاعه السيئة رغم معاناته من مرض أصاب عينه منذ عدة أعوام جعله لا يتمكن من رؤية الأجسام بوضوح، ولكنه لا يقوى على المكوث في المنزل حتى وإن كان مريضا، يعلم جيدا أن الحياة لن تمنحه كل ما يريد وهو جالس في منزله دون حراك، وهو ما دفعه للسعي والعمل حتى وإن خارت قواه وأصبح لا يقوى على الحركة بشكل طبيعي.
رغم المرض لا زال يعمل في الشارع
جسد نحيل ووجه شاحب، وملابس تشير إلى جذوره الصعيدية، وكلمات بسيطة وصوت متقطع، و«قدرة» فول وأطباق بجوارها الخبز، مشهد يتكرر يوميا في حياة «محمد فولة» الذي يبلغ من العمر 71 عاما، ورغم ذلك لازال يعمل، يتسيقظ مبكرا لتجهيز الفول: «بقالي أكتر من 50 سنة شغال في المهنة دي، وبسترزق كل يوم بـ5 كيلو فول بس، أعملهم وأبيعهم وأرجع تاني البيت، وأنا راضي ومقتنع بحالي، وبحمد ربنا إني لسه لحد دلوقتي قادر أقف على رجليا».
حينما كان طفلا صغيرا لا يتجاوز عمره 9 سنوات، أرسله والده إلى القاهرة قادما من الوادي الجديد، وذلك ليتعلم أصول العمل في مهنة «الطعمية» لدى أقاربه الذين كانوا يقيمون في منطقة السيدة زينب بمحافظة القاهرة: «كانت الظروف صعبة، جيت القاهرة في عهد عبدالناصر وبدأت اشتغل مع أخوالي، وشوية وروحت عند واحد تاني اتعلم إزاي أعمل الطعمية، وكان بيعاملني كأني ابنه، كان بيحبني جدا ويقولي عايزك تبقى معلم كبير وعندك مطاعم كتير لما تكبر».
صعوبات الحياة دفعته للعمل رغم تقدمه في العمر
بعد مرور سنوات، تركه «فولة» وقرر الاعتماد على نفسه، وكان لا يزال صغيرا، يركض خلف «عربية العيش» بعدما يشم رائحة الخبز الطازج الذي كان يحبه كثيرا ويدفع «صاغ» كي يحصل عليه، ويأكل منه حتى يشبع.
سنوات من العذاب قضاها الرجل السبعيني في العمل، وتمكن من إدخار جنيه، وقام بشراء «عربية فول»، وظل يعمل عليها حتى جاءت ثورة يناير، وهنا تغيرت الأحوال، واضطر لبيعها، ثم قرر مرة أخرى الحصول على عربة جديدة، بدلا من تلك البالية: «مكنش معايا فلوس، دفعت مقدم 100 جنيه وبقسط تمنها، ما أنا عايز أكل عيش، أنا في رقبتي عيالي ومراتي وإيجار الأوضة اللي أنا قاعد في السيدة زينب، ولازم استغل حتى لو بقى عندي 90 سنة، الشغل مش عيب، العيب في القعدة».
يتذكر السبعيني جيدا، ذلك اليوم الذي تزوج فيه عندما ساعده والد زوجته لإتمام الزواج ولم يطلب منه أمور تعجيزية، وهنا قال القدر كلمته ورد «فولة» جميل والد زوجته، بعد وفاته: «بعد مات أنا ربيت بنته وكبرتها لحد ما دخلت الجامعة واشتغلت كمان، كانت قاعدة معانا في الأوضة».
يعاني محمد محمود من مرض أصاب عينه، وجعله لا يدرك الأجسام بوضوح، ورغم ذلك إلا أنه لازال يستيقظ صباحا لمباشرة مهام عمله.