تجار: «الثمار المسممة كذبة كل عام»

كتب: كريم عثمان وعبدالله مجدى

تجار: «الثمار المسممة كذبة كل عام»

تجار: «الثمار المسممة كذبة كل عام»

جدل كبير أثير فى الآونة الأخيرة حول تسمم الفاكهة، أو ما يسمى بـ«الهرمنة والسرطنة»، ومع حلول فصل الصيف، انشغل قطاع كبير من المواطنين بالأمر، خاصة مع الإقبال على الفاكهة الصيفية، قبل أن يفاجأ الجميع بأنباء «الهرمنة» وتسببها فى أمراض خطيرة، وشكوى المواطنين من آلام بالمعدة عقب تناول «البطيخ والخوخ».

الحديث عن الفاكهة المسرطنة ومدى ثبوت وجودها بالأسواق من عدمه يشير بالتبعية إلى تجار وبائعى الفاكهة، الذين يعتمدون فى لقمة عيشهم على بيعها. «الوطن» تجوّلت داخل بعض الأسواق الشعبية لاستطلاع رأى البائعين، وكشف طرق التخزين والبيع. فى قلب سوق كفر طهرمس، التابعة لمنطقة الجيزة، يقف ذلك الشاب الثلاثينى، مسعد عوض، أمام عربته الممتلئة بالبطيخ، يصيح بأعلى صوته ليروج لبضاعته، رغم أنه سمع عن البطيخ المسمم بالأسواق، لكنه يعلم فى قرارة نفسه أنه لا صحة لذلك الحديث الذى يعتبره شائعة يروج لها البعض دون هدف: «مفيش بطيخ مسمم ولا حاجة، هل سمعنا إن فيه حد راح المستشفى عشان كل بطيخ أو تعب أو حتى مات».

أكثر من 15 عاماً قضاها «مسعد» فى العمل بمجال الفاكهة الذى بدأ يتعلمه وهو صبى فى الـ14 من عمره، طوال تلك المدة لم يجد فى حياته بطيخاً مسمماً أو فاسداً: «كل سنة تطلع إشاعة على البطيخ؛ مرة فاسد، ومرة مسمم، ومرة بيجيب سرطان، دى إشاعة كل سنة، وإحنا والناس حفظناها خلاص».

ورغم الحديث المتداول الفترة الأخيرة عن وجود بطيخ غير صالح فى الأسواق، فإن حركة البيع والشراء لم تتأثر طوال الفترة الماضية، حيث نفدت الدفعة الأولى التى اشتراها «مسعد» من المزارعين فى الوقت الذى حدده لنفسه، ولكن الدفعة الجديدة، التى تسلمها قبل يومين، الإقبال عليها ضعيف إلى حد ما: «هى يومين والدنيا هترجع تمشى تانى لأن الناس فاهمة، ولما يلاقوا إن مفيش حد حصل له أى مرض هيشتروا». يقف أحد الشباب أمام محل الفاكهة لشراء الخوخ بسعر أقل من ثمنه الحقيقى بجنيه، وهو ما قوبل برفض من «عم محمد»، بائع الفاكهة فى سوق سليمان جوهر بالدقى، ليدور بينهما نقاش بدأ بسخرية: «مشيها بقى يا عم محمد ده الناس بتقول إن الخوخ مضروب»، ليرد البائع رافضاً بشدة تلك الأقاويل التى وصفها بـ«الفارغة»: «مفيش الكلام ده وآدى خوخة آهى هاكلها لو بايظة هتموتنى أنا أول واحد مش كل اللى تسمعه تصدقه والخوخ سعره مش هينزل قرش».

ينفى «عم محمد» ما تردد حول تسمم الفاكهة، أو تساؤل المواطنين حول ذلك الأمر، لافتاً إلى أن الأمر منتشر على مواقع التواصل فقط، أما على الأرض فيشترى الناس ما يلزمهم ولا يهتمون بهذا النوع من الشائعات: «الناس بتيجى تاخد عنب، لو تعبها مش هيجيبوا تانى، إنما بيشتروا وبياكلوا ويجيبوا تانى وهمّا كويسين، فأنا لو مكانهم أصدق بطنى ولا أصدق الفيس بوك؟»، فى إشارة منه إلى توافد المواطنين بشكل طبيعى على محله.

«قرّب يا باشا قرّبى يا مدام، بطيخ وعنب وخوخ نضيف ومش مضروب»، هكذا يسوّق أحمد عربى، البائع بسوق «مكاوى» بحدائق القبة، لبضاعته، مستغلاً ما انتشر من أنباء حول أضرار الفاكهة، وهو ما لاحظه بنفسه فى بداية الموسم، من خلال وجود بعض الثمار التالفة غير الصالحة، والتى انتقاها بيده بـ«الواحدة» ليحافظ على باقى بضاعته.

الثمرة غير الصالحة تتلف ما تجاورها، تلك هى نظرية «عربى» فى البيع، التى تجعل زبائنه يتركون المحلات ويأتون للتسوق من عربته البسيطة.

يجهل صاحب الـ30 عاماً سبب انتشار فاكهة تالفة وسط البضاعة تلك المرة بشكل مبالغ فيه، ولكن الخبرة لأكثر من 10 أعوام فى مجال الفاكهة تجعله يتوقع ما حدث: «فاكهة الصيف معروف أهم حاجة تخزينها، لو ما اتخزنتش حلو تضرب، واللى بيحصل إن الحر بيبوظ كام حباية وبنشيلهم والموضوع بيخلص، والبيع شغال زى ما هو، الرِجل كانت ماشية شوية فى اليومين اللى بعد العيد عشان الناس كانت مقضياها حلويات فى رمضان، لكن العملية ريحت اليومين دول، ونسأل ربنا التيسير».

 


مواضيع متعلقة