جمعة: المسجد الأقصى تعرض للتدمير بسبب 4 زلازل.. ورممه خلفاء المسلمين

كتب: أحمد البهنساوى

جمعة: المسجد الأقصى تعرض للتدمير بسبب 4 زلازل.. ورممه خلفاء المسلمين

جمعة: المسجد الأقصى تعرض للتدمير بسبب 4 زلازل.. ورممه خلفاء المسلمين

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إنّ المسلمين لم يتوانوا يوما عن الحفاظ على ما أقامه سلفهم في القدس الشريف من عمران يشهد على عظم هذه الحضارة وبقائها‏،‏ خاصة العناية بالمسجد الأقصى وترميمه‏،‏ وليس صحيحا ما أشيع أنّ العباسيين لم يهتموا بالحرم الشريف وعمارته.

وأضاف في تدوينة عبر حسابه على فيس بوك، أنّه جرى ترميم المسجد الأقصى أكثر من مرة في عصرهم، فأعاد الخليفة المنصور عام 140 هـ بناء المسجد الأقصى وأنفق عليه نفقة كبيرة، بعضها منه وباقيها من ألواح الذهب التي كانت على الأبواب من قبل، ولما انتهى سار إلى بيت المقدس فصلى في المسجد، وشكر الله على إتمامه وكان ذلك عام 141هـ.

وواصل جمعة: ولما تعرضت القدس لهزة أرضية عنيفة في عام 158هـ/ 774م أدت إلى تدمير معظم بناء المسجد الأقصى، أمر الخليفة المهدي بإعادة بنائه بعد أن تهدم وهجره الناس، فأعيد بناءه على نحو أقوى وأضخم، وترك الجزء القديم فيه كجانب جمالي وأثري، وصار للمسجد 26 بابا، سمي الباب الأوسط المواجه للمحراب -وهو الرئيس- بالباب النحاسي الكبير، وكان على يمينه سبعة أبواب وعلى يساره سبعة، أي أنّ الحائط الشمالي كان يحوي 15 بابا، وكانت الأبواب الباقية في الحائط الشرقي منه.

وتابع المفتي السابق: انتصبت فوق المحراب قبة من الخشب جلدت من الخارج بأفرخ من الرصاص، وكانت أعمدة المسجد كلها من البناء لا من الحجر الرخام، وبذلك أمكن التفريق بينها وبين الأعمدة القديمة، وبلغ طول المسجد حينذاك 103 أمتار وعرضه 69 مترا [منارات الهدي في الأرض ص 48]، وفي عصر الخليفة هارون الرشيد اهتمت الدولة بمدينة القدس، حيث عامل النصارى أحسن المعاملة فسمح للامبراطور شارلمان بترميم الكنائس وبناء كنيسة العذراء، في دلالة على تسامح الإسلام مع الآخر.

زلزال كبير

وقال أيضا إنّه في مطلع القرن الثالث الهجري تعرض المسجد الأقصى لزلزال كبير، فأمر الخليفة المأمون أمراء الأطراف أن يتولى كل منهم بناء رواق من المسجد على نفقته، وجعل المشرف على ذلك عبد الله بن طاهر، فتم للمأمون ما أراد عام 210 هـ [تاريخ القدس ص55].

وفي سنة 216هـ/831م زار الخليفة العباسي المأمون بيت المقدس، وأصاب قبة الصخرة شيء من الخراب فأمر بترميمه وإصلاحه، والأمر تطور على ما يبدو ليصبح مشروع ترميم ضخم اشتمل على قبة الصخرة المشرفة مما حدا بالمأمون أن يضرب فلسا يحمل اسم القدس لأول مرة في تاريخ مدينة القدس وذلك في سنة 217 هـ كذكرى لإنجاز ترميماته تلك.

وأشار إلى أنّه في عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله سنة 301 هـ/913م تمت أعمال ترميمات خشبية في قبة الصخرة اشتملت على إصلاح قسم من السقف وكذلك عمل أربعة أبواب خشبية مذهبة بأمر من أم الخليفة المقتدر.

الفترة الفاطمية

وقال جمعة: وفي الفترة الفاطمية تعرضت فلسطين لهزات أرضية عنيفة سنة 407 هـ/1016م، وأدت إلى إصابة قبة الصخرة وإتلاف بعض أجزاء القبة الكبيرة، فبدأ ترميمها في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، واستكمل الترميم في عهد ولده الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله، واشتملت الترميمات على القبة وزخارفها وتمت على يدي علي بن أحمد في سنة 413 هـ/1022م [تاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي ص372].

وواصل: تعرض المسجد الأقصى لهزة أرضية أخرى حدثت سنة 425 هـ/1033م أدت إلى تدمير معظم ما عمر في عهد المهدي، حتى قام الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله بترميمه في سنة 426 هـ/1034م: فقام باختصاره على شكله الحالي، وذلك عن طريق حذف 4 أروقة من جهتيه الغربية والشرقية، كما قام بترميم القبة وزخارفها من الداخل.

وأُشير لترميماته هذه من خلال نقشه التذكاري الموجود والذي جاء فيه ما نصه: بسم الله الرحمن الرحيم. نصر من الله لعبد الله ووليه أبي الحسن علي الإمام الظاهر لإعزاز دين الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين. أمر بعمل هذه القبة وإذهابها سيدنا الوزير الأجل صفي أمير المؤمنين وخاصته أبو القاسم علي بن أحمد بن أحمد أيده الله ونصره وكمل جميع ذلك إلى سلخ ذي القعدة سنة ست وعشرين وأربعمائة. صنعة عبد الله بن الحسن المصري المزوق (انظر: الإشارات إلى معرفة الزيارات، للهروي ص25).

وأوضح المفتى السابق أنّه قد أشاد الرحالة ناصر خسرو في كتابه سفر نامه بازدهار المدينة وكثرة النشاط فيها، وأنّ فيها سوقا كبيرة وجميلة بها كثير من الصناع، وأنّ أرضها مبلطة بالحجارة، كما ذكر أنّ بها مستشفى عظيم عليه أوقاف طائلة [سفر نامه، ص56].

واختتم قائلا: وبذلك بقيت القدس عامة والمسجد الأقصى وقبة الصخرة خاصة محط اهتمام الخلفاء والحكام والولاة طوال عهود الدولة الإسلامية، نسأل الله أن يهدي له من يكمل مهمتهم بتعميره والعناية المعمارية به وقبله بالصلاة فيه إلى أن يقضي الله بتحريره من أيدي غاصبيه.


مواضيع متعلقة