بعد خسائرها.. هل فقد المستثمرون شهية الاستثمار في العملات المشفرة؟

كتب: وكالات

بعد خسائرها.. هل فقد المستثمرون شهية الاستثمار في العملات المشفرة؟

بعد خسائرها.. هل فقد المستثمرون شهية الاستثمار في العملات المشفرة؟

بعد أن مرت العملات المشفرة بأسوأ أداء يومي منذ مطلع مارس 2020 خلال الأسبوع الماضي تساءل الكثير هل تحجم تلك الخسائر الكبرى التي سجلتها من يرغب في استثمار أمواله بشكل آمن ومناسب لأسواق الأسهم كأبرز الأدوات الاستثمارية من حيث أعلى العوائد وخصوصا بعد إطلاق تحذيرات من هنا وهناك عن مدى خطورتها في ظل عدم المعرفة بها وبطبيعتها وتزايد الطعم في كسب الأرباح.

العملات المشفرة تسجل أكبر هبوط منذ مارس

وخلال تعاملات الثلاثاء الماضي، سجلت عملتا بتكوين وإثيريوم أكبر هبوط يومي منذ مارس من العام الماضي ما دفع العملات المشفرة لتسجيل خسائر تقارب التريليون دولار وذلك بعد أن حظرت الصين على المؤسسات المالية وشركات المدفوعات تقديم خدمات العملات المشفرة، كما إن تخلي الملياردير الأمريكي إيلون ماسك والرئيس التنفيذي لشركة تسلا عملاق السيارات الكهربائية عن دعم تلك العملات بسلسلة تغريدات له كان له أثر سلبي على أدائها.

تراجع العملات المشفرة بنسبة 10%

وتأثرت بورصة وول ستريت سلبا في تعاملات الأربعاء الماضي بهبوط العملات المشفرة حيث تراجعت مؤشرات الثلاثة بعد أن هبط سهم «تيسلا»، بنسبة 4%، وسهم شركة «مايكروستراتيجي»، وهي شركة أخرى اشترت كمية كبيرة من بيتكوين بنسبة 10%. كذلك فقد سهم «كوين بيس»، للعملات المشفرة، بنسبة 10%.

يشار إلى أن إيلون ماسك كان داعما كبيرا للعملات المشفرة، ما ساعد على ارتفاع أسعارها عدة مرات خلال العام الماضي؛ حيث استحوذت شركة تسلا على عملة البيتكوين بقيمة 1.5 مليار دولار، وحققت بعد ذلك أرباحا قدرها 101 مليون دولار.

وبذلك وعلى المستوى الأسبوعي، هبطت عملة بتكوين حتى الساعة من تعاملات يوم أمس الجمعة نحو 19.85 ليصل قيمتها 40.94 ألف دولار، فيما تراجعت إيثيريم 33.25% لتصل إلى 2.68 ألف دولار، كما هبطت دوغ كوين وهي عملة إيلون ماسك المفضلة 26.6%.

وكانت تلك العملات المشفرة تعرضت لسيناريو مشابه لما تعرضت له منتصف الأسبوع الماضي حيث أنها في عام 2017 بدأت في الهبوط الكبير وذلك تحديدا في 22 من ديسمبر 2017، حين هبطت إلى ما دون 11 ألف دولار، أي بتراجع قدره 45 %.

 

خطورة عالية

وبدوره، يعتقد محمد الشربيني نائب رئيس الاستثمار لدى «إن أي كابيتال»، أنه يجب في البداية أن نتفهم أن الاستثمار في العملات المشفرة نوع من أنواع المضاربات عالية الخطورة حيث إنه حتى الآن لم نجد أساسا علميا وفنيا أو اقتصاديا لتقييمها بخلاف العرض المحدود والطلب المتنامي عليها ودرجة قبول مقدمي السلع والخدمات لقبول العملات المشفرة كوسيلة للدفع.

وأشار إلى أنه أما بالنسبة للأسهم فهناك العديد من طرق التقييم الفنية والاقتصادية لها، موضحا أنه وبحكم الاختلاف بين طبيعة المستثمرين سنجد دائما من يفضل المخاطرة يفضل الاستثمار في العملات المشفرة.

ورجح أن تحافظ العملات المشفرة على جاذبيتها لبعض انواع المستثمرين حول العالم، خصوصا مع التحول التكنولوجي في وسائل الدفع.

ويعتقد أن الواجب على البنوك المركزية وضع ضوابط وآليات التعامل بها أفضل من محاربتها وذلك من خلال توفير العملات الإلكترونية وهي تختلف عن العملات المشفرة.

ومؤخرا، قالت وزارة الخزانة الأميركية إنها سنتخذ خطوات لفرض ضرائب على أسواق العملات المشفرة ومعاملاتها

 

 قواعد تنظيمية

وفي ظل الهبوط الكبير التي تعرضت له تلك العملات المشفرة، توقع أحمد معطي المدير التنفيذي لشركة في اى ماركتس في مصر أن يكون هناك من قبل المؤسسات المنظمة لأسواق المال بالمنطقة على الاستثمار بالأسهم، في التوقعات بضخ استثمارات جديدة بالاقتصاد الأمريكي وهو من أكبر الاقتصاديات بالعالم ومن ثم تكثيف حركة الإنتاج، وبالتالي خفض نسبة البطالة، مشيرا إلى أن تلك الأمور في النهاية ستؤدي إلى هبوط مستويات الاستثمار في العملات المشفرة.

ورجح أيضا أن تتراجع مستويات الاستثمار في تلك العملات في الفترة المقبلة مع تراجع حدة أزمة كورونا، وبدء انخفاض معدلات البطالة، مشيرا إلى أنه بذلك تتلاشى الأسباب الرئيسية التي دفعت بالكثيرين للاستثمار في هذا المجال وحققت من خلال أرباحا هائلة ولم يعرفوا الحفاظ عليها لان ليس لها قواعد تنظيمة واضحة.

 

هرمون مضاربة

وبدوره، قال المدير التنفيذي لدى شركة الجذور لتداول الأوراق المالية سابقاً، محمد دشناوي: إن انهيارات العملات الرقمية ستؤدي الي عمليات تصحيح كبيرة في أغلب الأسواق العالمية سواء كان تأثير ذلك بصورة مباشرة في الأسواق العالمية حيث إن العملات الرقمية حققت للأسواق ثروات كبيرة لبعض المتعاملين ورفعت الحالة النفسية للمتعاملين بصورة إيجابية بسبب الارتفاعات الكبيرة، ما رفع شهية المضاربة في جميع الأسواق.

وأوضح أن هذه الحالة انتقلت إلى الأسواق العالمية وكذلك إلى أسواق الشرق الأوسط، حيث نجد في أغلب أسواق المنطقة الأسهم الصغيرة هي التي تقود ارتفاعات الأسواق وأن بعض هذه الأسهم وصلت لأسعار خيالية إذا ما تم مقارنة القيمة السوقية لهذه الأسهم والقيم الحقيقية بسبب ارتفاع هرمون شهية المضاربة التي انتقل للأسواق من أسواق العملات الرقمية لذلك فإن إذا انهارات أسواق العملات الرقمية سينقل هذه الحالة من فتور المضاربة إلى أسواق الأسهم بما فيها أسواق المنطقة.

أما عن استفادة أسواق الأسهم من انهيار العملات الرقمية، أشار محمد دشناوي إلى أنه إذا حدث ذلك بصورة موسعة فإن ذلك سيكون على الأجل الطويل فقط حيث سيعيد عمليات المضاربة مرة أخرى إلى أسواق الأسهم مرة أخرى ويرفع حجم التداولات، بالإضافة إلى إعادة الثقة إلى القطاع البنكي الذي يمثل ركنا كبيرا في الأسواق المالية، خاصة وأن مستقبله أصبح على المحك في حالة ازدهار العملات الرقمية وإذا تطورت العملات الرقمية من نفسها ولاقت قبولا يجعلها عملة مقبولة.

 

إعادة تمركز

وبدوره، أوضح محلل اقتصادي أول لدى شركة أوربكس، عاصم منصور، أن الأسواق تستعد لإعادة التمركز في أسواق الأسهم والسندات والسلع بل والعملات الرقمية أيضًا في ظل التطورات الأخيرة في معدلات التضخم التي باتت تتسارع بشكل شهري بعد الحزم التحفيزية الضخمة وسياسات البنوك المركزية التسهيلية واستقرار معدلات الفائدة قرابة المستويات الصفرية، ففي الولايات المتحدة تسارعت معدلات التضخم بأعلى وتيرة لها منذ سبتمبر 2008.

وأشار إلى أن ذلك قد يدفع الفيدرالي الأمريكي لتعديل برنامج مشتريات الأصول خلال النصف الثاني من العام الجاري والتمهيد لرفع الفائدة تدريجيًا مما سيشكل ضغطًا على أسواق الأسهم وبالتالي قد تتحول تدفقات رؤوس الأموال إلى أسواق أخرى ومنها العملات الرقمية.

ولفت إلى أنه بالرغم من أن سوق العملات عالي المخاطرة إلا أن البعض يراه استثمارا جيدا للتحوط ضد التضخم المتسارع خلال الفترة المقبلة وقد يتجه البعض لأسواق ذات مخاطر منخفضة كأسواق السندات ولكنها لن تكون بنفس الجاذبية من حيث العائد على المدى القريب.

وتوقع أن يكون سوق العملات الرقمية معرض لموجات هبوط عنيفة أخرى ولكنه سيستطيع التعافي إلى مستويات قياسية جديدة ويرجع ذلك إلى عمليات جني الأرباح وإعادة التمركز في مختلف الأسواق إضافة إلى عمليات التسيييل والمارجن كول التي تحدث أثناء التراجعات الحادة، وستستفيد العملات الرقمية بشكل قوي في حال تراجع سوق الأسهم بشكل قوي أو في حال أظهرت البيانات استمرار تسارع معدلات التضخم دون إجراءات قوية من قبل البنوك المركزية.

 

انتقال أموال

ويرى تامر السعيد، خبير أسواق المال ‏والمدير لدى سي آي كابيتال للسمسرة في الأوراق المالية، إن رؤوس الأموال تتحرك بين البدائل الاستثمارية عامة بناء على الجاذبية المتاحة فيها سواء كانت أسهم أو سندات أو سلع أو عملات أو غيرها من الأشكال الاستثمارية المتاحة للاستثمار.

وأوضح أن أسواق العملات الإلكترونية أو ما تسمى المشفرة شهدت ارتفاعات جنونية خلال الآونة الأخيرة وقد أثرت بالسلب على غيرها من الأسواق الأخرى بخروج كثير من الأموال منها للاستثمار في غيرها.

وأشار إلى أن ذلك سيحدث انتقال للسيولة في حاله حدوث انهيار في أي منهم وكما هو الوضع القائم بحدوث انخفاضات حادة بأسواق العملات المشفرة وبداية انتقال رؤوس الأموال للأسواق البديلة، خاصة أسواق الأسهم والتي ما زالت بها جاذبية كبيرة لتدني مستوى أسعار أسهمها وعامل الأمان الكبير عن غيرها من الاستثمارات الأخرى.


مواضيع متعلقة