حكاية من بلاد أفريقيا.. «أسماء بشير» أقدم عازفة عود في السودان

كتب: إسراء نعيم

حكاية من بلاد أفريقيا.. «أسماء بشير» أقدم عازفة عود في السودان

حكاية من بلاد أفريقيا.. «أسماء بشير» أقدم عازفة عود في السودان

عُرفت أسماء حمزة بشير بأنّها أول ملحّنة سودانية وأول عازفة عربية محترفة للعود، ومن أوائل النساء اللائي اقتحمنّ مجال العزف والتلحين على مستوى أفريقيا والوطن العربي، في زمن كان هذا المجال حكرًا على الرجال، تعلمت العزف على  العود في سن الـ12، تبنت فنيًا العديد من المطربين السودانيين الناشئين، كما ألفت «أميرة العود» أكثر من تسعين لحنًا، ولُقبت بـ«عاشقة أم كلثوم».

أسماء بشير التي غيبها الموت في مثل هذا اليوم 21 مايو 2018، من مواليد حي «حلفاية الملوك» مدينة «بحري» في الخرطوم بالسودان، عام 1936، علاقتها بالعود بدأت عام 1948، التحقت بما يعرف وقتها بـ«التعليم الأولي» بالمدرسة الإرسالية الأمريكية حتى الصف الثالث، وقتها كانت الأسر تكتفي بتعليم الفيتات حتى هذا السن، تسمي «أسماء» بالصديق الودود الذي تتفق معه في مشاعرها، حسبما حكت في أحد لقاءاتها التليفزيونية، كما تأثرت بالعديد من المطربين المصريين، وأبرزهم كوكبة الشرق أم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب، وعبدالحليم وحافظ، وشادية، ومن المطربين الذين تعاملت معهم: عبدالكريم الكابلي، ومحمد ميرغني، وهشام درماس، وسمية حسن، وعابدة الشيخ.

90 لحنًا حصيلة أسماء بشير في مسيرة العزف

وُلدت بمرضٍ في حبالها الصوتية، فلم تكن تستطيع الغناء رغم حبها الشديد له، وكانت تحب في صغرها الغناء عبر «صُفارة»، وفي مرة من المرات، جاء والدها وسمع صوت صفير جميل، فسأل عن ذاك الولد الذي يلعب في الصباح الباكر، ولم يكن يعرف أنَّه صوت ابنته، فاعترفت له، فأصابه الاندهاش، فسألها إن كانت تستطيع العزف، والمدة التي يمكنها فيها إجادته، وساعدها بالفعل واشترى لها آلة عود «المسألة دي حَزّت في نفسه، وقالي طيب لما نجيبلك عود تقدري تعزفي، قلتله أحب وأقدر أعزف، قالي في كام من الزمن.. هما 15 يوم، ولو كان قالي لازم أتعلم في 3 أيام كنت اتعلمته في 3 أيام»، تحكي العازفة السودانية الراحلة.

«من حظي واعتزازي إنّي أكون أول من يعلم الموسيقار بشير عباس العود، أتذكر أيام اللواء الأبيض والوفد المسائي، طالبوا النساء يتبرعنّ، حتى أنّ بعضهنّ كان يتبرعنّ بخواتيمهنّ الذهب، خاصة وقت الحرب العالمية الثانية، هذا ما نشأت عليه» تقول عن سيرتها وميلادها، فهي وحيدة والديها، ولها ابنة واحدة اسمها «وفاق» وحفيدتين، وقد نجحت العازفة المولودة بعِلة في أوتار صوتها في العزف على 14 وترًا هي مسارات آلة العود، في امتداد لسيرة نشأة تلك الآلة، حيث يرجع بعض المؤرخين تاريخه إلى 5 آلاف عام حين وجد  الباحثون نقوش حجرية تمثل نساء يعزفنّ عليه في شمال سوريا.

أول ألحانها أغنية كتبها شاعر مصري

«يا عيوني» هي أول أغنية لحنتها أسماء بشير من ديوان «الملاح التائه» للشاعر المصري علي محمود طه، في عام 1956، يأتي في مطلع الأغنية «لما كنت غريب في دياركم، قلبك كان الوطن التاني، ليل الغربة معاك قصير، والسنوات لمحات وثواني»، عملت في سلاح  الموسيقى السودانية عام 1982، وأول عمل اشتهرت به تلحينها لأغنية «الزمن الطيب» للشاعر السوداني سيف الدين الدسوقي، وغنتها المطربة السودانية سمية حسن وكان ذلك عام 1983، إضافة إلى تلحينها ملحمة «عَزة وعِزة»، وبهذا فقد غيّر العود مسار حياتها،  فقد كانت تحلم أن تصبح مغنية أو طبيبة، لكن القدر كان له رأي آخر.

تأثرت أسماء حمزة كثيرًا بأم كلثوم، تقول عنها في حوار سابق لها مع إحدى الصحف السودانية: «أحب الست كثيرًا، واستمع لها في كل لياليها وحفلاتها خاصة حفل الخميس الذي كنت أنتظره بفارغ الصبر، وكنت آخذ الراديو وأجلس على الأرض بعيدًا عن الناس، حتى ينتهي الحفل في الرابعة فجرًا، وعندما  لاحظ والدي ولهي بالست، فاجأني بتذكرة لدخول إحدى حفلاتها عام 1936».


مواضيع متعلقة