إخوان ليبيا.. للخلف دُر

ماهر فرغلى

ماهر فرغلى

كاتب صحفي

 تذهلك جماعة الإخوان دائماً بقدرتها على اللف والدوران وطرح بيانات ظاهرية لا تعبر عن المحتوى الحقيقى لباطن أفكارها واستراتيجياتها، وهو ما جرى بالضبط من فرعها الليبى، الذى أصدر بياناً أشار فيه إلى إحداث تغيير فى اسمها ووجودها ليكون جمعية فكرية باسم (التجديد والإحياء)!.

الإخوان فى ليبيا ظهروا عام 1949 على يد عزالدين إبراهيم، ومحمود يونس الشربينى، وجلال الدين إبراهيم سعدة، المتهمين فى قضية اغتيال النقراشى، حيث ظلوا هناك وعملوا فى مجال التربية والتعليم، وفق موقع (الإخوان ويكى)، وبعدها شهدنا تشكيل خلايا كبيرة للجماعة فى إقليم برقة.

ورغم أن الملك إدريس السنوسى آوى شباب الجماعة الهاربين من مصر، حيث تصور أنهم حركة إصلاحية، إلا أنهم اغتالوا مدير مكتبه والقائم على خدمته فى شهر (أكتوبر) عام 1954.

لجأت الجماعة فيما بعد للعمل السرى الخاص، وكان فى هذه الفترة من يقود الفرع الليبى هو يوسف ندا، رجل الأعمال المعروف، والمهندس عمر الشّاوى.

تمددت الجماعة عبر التقية والسرية، وأصبح لها فرع فى مدينتى بنغازى وطرابلس، ووفق موقع الإخوان، كان قيادات التنظيم هم: عبدالكريم ومصطفى الجهانى، وإدريس ماضى، ومحمد الصلابى.

ولما تولى القذافى مقاليد الأمور تعاونوا معه وانقلبوا على إدريس السنوسى، إلا أنه فهم مراد التنظيم، واعتقل قياداته.

ظلت الجماعة طيلة فترة حكم العقيد معمر القذافى تعمل سرياً فى ليبيا، وركزت على العمل الأوروبى، وأصبح منها من يقودون اتحاد المنظمات الإسلامية، وأعضاء مجلس شورى التنظيم العالمى، مثل دينامو الجماعة عماد البنانى.

فى أواخر عهد القذافى تعاملت الجماعة بالتقية ذاتها، فعملت تحت اسم (التجمع الإسلامى)، وفوجئ الليبيون عام 1998 أنهم خططوا لاغتيال الرئيس الليبى، فألقى القبض على القيادات وتوقف عمل الجماعة تماماً.

فى السنوات الخمس الأخيرة من حكم القذافى قدمت الجماعة الإسلامية المقاتلة، التى انبثقت من جماعة الإخوان، بقيادة عبدالحكيم بلحاج مراجعات شهيرة داخل السجون، وبالفعل أفرج عن كل المسجونين، إلا أنهم مع الثورة على الرجل انقلبوا على مراجعاتهم، وكانوا أول من حملوا السلاح.

وفى (فبراير) 2011 كوّنت الجماعة ميليشيات مسلحة، ودعا الشيخ يوسف القرضاوى لقتل القذافى وتم ذلك بالفعل. فيما بعد رفضت الجماعة ترك سلاحها، ولما خسرت الانتخابات البرلمانية عام 2014، أعلنت الحرب على الجيش الليبى للسيطرة على البلاد بالقوة.

تحالفت الجماعة مع تنظيم أنصار الشريعة، والمرابطين بقيادة هشام عشماوى، ثم أطلقت ما يسمى عملية «فجر ليبيا» بقيادة الإرهابى الإخوانى صلاح بادى، لإفشال أى عملية سياسية.

ولما انسحب الجيش الليبى لحدود سرت، بدأت معارك بين الإخوان والميليشيات الإرهابية المتحالفة معها، وهى لا تزال مستمرة حتى اليوم.

وانشقت الجماعة إلى نصفين، الأول بقيادة الصادق الغريانى المفتى السابق لليبيا، وعلى الصلابى، ونورى أبوسهمين، فى مدينة مصراتة، وهو يتحالف مع لواء النواصى وقوات الردع الخاصة ولواء حلبوص، وميليشيا الصمود، ومليشيا المحجوب، وميليشيا الفاروق، وميليشيا باب تاجوراء، وميليشيا غرفة الثوار بالزاوية بقيادة الإرهابى شعبان هدية.

والجناح الآخر بقيادة محمد صوان، رئيس حزب العدالة والبناء، ومجموعة إخوان بريطانيا متمثلة بمحمد الثابت عبدالملك، والأمين بلحاج، وبشير الكبتى، وصلاح الشلوى، ونزار كعوان.

لكن لماذا تغير الجماعة اسمها؟.. لهذا كله جملة من الأسباب:

1- التنظيم العالمى يغيّر خطته، ليصبح نظاماً بلا تنظيم.

2- التغيرات الإقليمية الجارية ومنها خط السيسى الأحمر، ومحاولة الأتراك الصلح مع مصر، وخشية الفرع الليبى من تخلى أنقرة عنهم.

3- فشل الجماعة فى قدرات حشد الجماهير، وخسارتها المواطنين الليبيين، بسبب تحالفاتها مع السلفية الجهادية، وحملها السلاح مع قوات فجر ليبيا والدروع.

4- الانشقاقات المتوالية، مثال القيادى خالد المشرى، وبعض الأفرع مثل فرع مدينة الزاوية، وتهديد فرع مصراتة بالانشقاق.