سليمان ملك النمل وداوود إمام الطير!

مجدى علام

مجدى علام

كاتب صحفي

{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ } النمل، آية 15، أى علم الغيب والعلم اللدنى وعلم بعض المخلوقات ولغتهم مثل الطير والنمل والجن ولذلك قالوا الحمد لله الذى فضلنا على كثير من عباده المؤمنين، أى إنهم ليسوا فقط رسلاً وإنما زادت ملكاتهم لتشمل قدرات الملائكة والجان فهى صفة نادرة لم تُعطَ لباقى الرسل، وزاد موسى عن الجميع أنه الرسول الوحيد الذى كلم الله {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} القصص 46، وأسرار حادث المعراج والإسراء فهو سر بين الرسول صلى الله عليه وسلم وربه كلاماً ولقاء ورؤية {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِى أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِى وَلَكِنِ انظُرْ إلى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِى فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أول الْمُؤْمِنِينَ} الأعراف 143، وقال عن سليمان {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} النمل آية 16، وهو تعبير عجيب يكاد يقول المعرفة كاملة أو فتحت له أبواب الغيب والآخرة فرآها.الهدهد وقف خطيباً مفوهاً أمام سليمان يلقى خطاباً لم يستطع أحد أن يجاريه فهو أولاً مندهش من الكفر بالله لبعض البشر وثانياً يثبت وحدانية الله ببساطة فيقول ألا يسجدوا لله؟ أى كيف لا يسجدون لله وهو الذى يعرف ويخرج كل شىء غائب وغير مرئى ومختبئ عن البشر فى السماوات والأرض ويعلم كل شىء يخفيه كل المخلوقات وما يعلنونه، وختم خطابه أنه هو الله رب العرش العظيم أى رب الكون كله ما نعرفه وما لا نعرفه.ثم إن سليمان عينه مديراً للمخابرات عنده وكلفه بتكليفات عسكرية، سلَّمه رسالة خاصة من الملك سليمان -وليس النبى هنا- وطلب أن يلقيها عليهم وينتظر ماذا سيتصرفون فيسجل كل كلامهم وقرارهم وأعمالهم وسجل الهدهد الحوار الديمقراطى: ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدوا، أى إنها تحترم الحوار وآراء الآخرين ولا تتمسك برأيها وهى ملكة سبأ اليمن القديم السعيد ففوضوها كما يفوض البرلمان الإنجليزى الملكة لتتصرف، فلم يأخذها الغرور وقالت: خبرتى ومعرفتى تؤكد أن معظم الملوك ظالمون وإذا قرروا الحرب على دولة يدمرونها، ويقتلون ويأسرون ويستولون على كل شىء ويستعبدون أهلها، وقررت المفاوضات لا الحرب بإرسال رسالة لسليمان لتعرف كيف يكون ردهم ولم تعلم طبعاً أنها تكلم ملكاً له مواصفات خاصة مسلحاً بمساندة ربانية.«فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا»، أى لو كانوا يتظاهرون بالكذب ماعذبهم الله أى أن الله يعطى الإنسان الفرصة لآخر لحظة حتى يتأكد أن الكفر تملك من كل عقله ونفسه ويقينه، هنا يصبح جاحداً كافراً لن يهتدى أبداً فيقع عليه العذاب.