هنا عاش الريحاني وعبد الوهاب.. قصة «الإيموبيليا» أشهر عمارات القاهرة

كتب: كريم عثمان

هنا عاش الريحاني وعبد الوهاب.. قصة «الإيموبيليا» أشهر عمارات القاهرة

هنا عاش الريحاني وعبد الوهاب.. قصة «الإيموبيليا» أشهر عمارات القاهرة

على ناصيتي شارع شريف وقصر النيل، ستجد مبنى شاهق الارتفاع، قد تعتقد للوهلة الأولى أنه مول تجاري كبير أو مبنى أثري، عند الاقتراب منه تجد مدخل يأخذك إلى وسط المبنى، أو بالأحرى المبنيين، في المنتصف يوجد ما يشبه الساحة أو الميدان الصغير الذي يفصل بين مبنيين شهدا قصص وحكايات نجوم الفن وكرة القدم وأساطير الغناء في الزمن الجميل، حينها ستعرف أنك تقف أمام مبنى تاريخي عريق، يحمل اسم عمارة «الإيموبيليا» بوسط القاهرة.. هنا حكايات تاريخية شارك في كتابتها مشاهير من زمن فات.

داخل العمارة التاريخية تتحرك السيارات يمينا ويسارا حول الفناء الموجود بين المبنيين، ينظم تلك الحركة أمين حارس الجراج، و«عم سعيد» مدير أمن البناية، الذي أشعل سيجارته وبدأ في سرد قصة العمارة ومشاهيرها، حيث نال شرف معايشةبعضهم قبل رحيلهم.

على هيئة برجين بشكل حرف U، صممت العمارة الضخمة، ووضع لكل برج منهما 3 مداخل عمومية من أجل ساكنيه، أحدهما يتكون من 13 طابقا، والآخر يرتفع لـ11 طابقا، بعدد شقق وصل لـ370، ومساحة وصلت حد 5444 متر مربع، على حد وصف عم سعيد لـ«الوطن».

بمجرد الدخول للبناية، تجد لافتات يتراص عليها أسماء نجوم الفن والدراما قديما، «ماجدة الصباحي - محمد عبدالوهاب - نجيب الريحاني - ليلى مراد - محمد فوزي - هنري بركات - كمال الشيخ - توفيق الحكيم»، جميعهم نجوم أثروا في الفن في مصر بأفلامهم أو أغنياتهم، ما دفع المسؤولين عن العمارة بعمل قائمة شرف بأسماء المشاهير الذين عاشوا هنا، قبل أن تتلف، «كانت يافطة رخام والناس قالت الحي شالها، والحقيقة إنها الرطوبة كلتها وشكلها بقى وحش فقررنا نشيلها عشان متقعش وتعور حد»، هكذا يقول «عم سعيد».

داخل المبنيين يوجد سلم عادي للصعود وبجواره عدد كبير من المصاعد يصل في البنايتين لـ27 مصعدا، تقسم إلى ثلاث فئات «بريمو» للسكان و«سوكندو» للخدم والعاملين، وآخر للنقل الأثاث والأشياء الثقيلة، «العمارة كانت بتاعت باشاوات ومشاهير مينفعش كله يركب مع كله المشاهير بيحبوا الخصوصية شوية».  

أحمد باشا عبود، أغنى أغنياء مصر عام 1938، والذي كانت تقدر ثروته بـ30 مليون جنيه حينها، قرر بناء عمارة الإيموبيليا، مستعينًا بالمهندسين المعماريين ماكس أذرعي وجاستون روسي، عند نقطة التقاء شارعي شريف وقصر النيل، وبناها بتكلفة 1.2 مليون جنيه، ليسكنها علية القوم وكبار الفنانين، «فضلت على الحال ده ومكانش حد يقدر على تمنها غيرالأغنياء».

رغم مرور سنوات طويلة على بنائها، لا تزال عمارة الإيموبيليا تحتفظ برونقها وفخامتها، برغم أنها أضحت شبيهة بمبانى المصالح الحكومية لازدحامها بمكاتب وشركات كثيرة، وتعود ملكية العمارة لشركة الشمس للإسكان والتعمير، ولا تزال لافتات بعض الفنانين تزين مدخلها.

يؤكد أمين عامل الجراج، انزعاج السكان من الحالة التي وصلت إليها العمارة، كما أشار إلى أنه كانت تأتي قوات الحماية المدنية لتنظيف العمارة من الخارج، ولكنها لم تأتِ منذ فترة بعيد وهو ما أدى إلى أن يغطي التراب الملامح الأثرية للعمارة، «كلها بقت شركات.. وملابس طالعة وخارجة وسكان العمارة القدام بيتضايقوا من الشكل دا».

انتقاء واختيار بعناية لسكان عمارة الإيموبيليا في بداية نشأتها، هكذا أشار «عم سعيد» حارس البناية، مؤكدًا أنه لم يكن يجرؤ أي شخص على الدخول من باب العمارة، حيث كان للخدم والعاملين أبوابا خلفية يدخلون، منها لكي لا يختلطوا بـ«الباشوات»، وكان يأتي إليها الملك فاروق لزيارة اللواء أحمد باشا كامل في الطابق الثامن، والذي كانت تسكُن إلى جواره الفنانة كاميليا، «ماكانوش بيسكنوا أي حد، بيسكنوا مثقفين بس، العقد كان بيتكتب بالفرنساوي لو قريته تسكن مقرتش يقولك عدي علينا في مرة تانية».

حملت البناية بعض استدسوهات التصوير، كما شهدت إقامة نادي سينما أسبوعيا، بالإضافة إلى أنها السر وراء فيلم «بين السماء والأرض»، حينما أوحت للمخرج صلاح أبوسيف بفكرة العمل حينما كان يزور أحد الفنانين في العمارة، فتعطل الأسانسير وبقى فيه ساعات حتى تم إصلاحة، فجاءته الفكرة حينها عام 1961.


مواضيع متعلقة