الأم المثالية بالفيوم: ربيت أولادي وبنيت بيت بـ 740 جنيه شهريا.. كله ببركة ربنا

04:15 م | السبت 20 مارس 2021

منذ نحو 17 عامًا، بدأت تمام محمد عبد اللطيف محمد صاحبة الـ61 عامًا، الفائزة بجائزة الأم المثالية بمحافظة الفيوم، رحلةً طويلةً من الكفاح وحيدةً في تربية أبنائها، بعد ان رحل زوجها وتركها وسط أمواج الحياة تتلاطمها بينما تقود مركبًا يحملها وأبناءها الثلاثة في بحر من الصعوبات، وتزود سفينتها بمبلغٍ شهريٍ لا تخطى 740 جنيهًا، استطاعت من خلالهم أن تصل بالأبناء إلى بر الأمان، وتعود للبحر مرة أخرى لتساعد الفتيات اللاتي فقدن أمهاتهن على عبور الصعاب، من خلال إعانتهن في تجهيزات زواجهن.

السيدة الستينية التي تتسم بالخجل، حسب حديثها لـ«الوطن»، لا تصدق حتى الآن فوزها وتكريمها من وزيرة التضامن الاجتماعي، كما انها لا تعلم ماذا ستقول للرئيس عبد الفتاح السيسي حين تلتقيه غدًا، إلا أن رحلتها الطويلة من الكفاح والمثابرة مع زوجها، ثم أبنائها، والفتيات اليتيمات، ربما تكون خير معبرٍ عنها دون أن تنبث ببنت شفة.

«تمام» التي كانت تعمل موظفة في مديرية الأوقاف بالفيوم، براتب يبلغ 240 جنيهًا، بدأت رحلة كفاحها منذ إصابة زوجها بتليف في الكبد وتدهور حالته بشكل سريع، حيث أصيب بدوالٍ في المريء ثم أورام خبيثة وقف الطب عاجزًا عن علاجها: «اتبهدلنا عند الدكاترة» حتى توفي عام 2004 تاركًا إياها مع ثلاثة أبناء، ولدين وفتاة، أصبحت لهم الأم والأب وربان السفينة.

الابنة الكبرى «سماح» كانت طالبة بكلية التربية النوعية حين مات والدها، أما الأوسط «سامح» كان طالبًا بالصف الثالث الثانوي، فيما كان «أحمد» أصغر أبنائها طالبًا بالصف الخامس الابتدائي، وعلى الرغم من أن دخل الأسرة كان راتبها بالإضافة إلى معاش زوجها، والبالغين معًا 740 جنيهًا، إلا أنها أصرت على تعليم الأبناء الثلاثة وتحدي كل الصعاب في الطريق نحو ذلك، حت تخرجت الابنة الكبرى وعملت مُعلمة في الأزهر، وتزجت وأصبحت أمًا لـ4 أبناء، كما تخرّج «سامح» في كلية التربية الرياضية وأنهى الماجيستير ويحضر رسالة الدكتوراه، وتزوج وأنجب طفلتين وسافر للعمل في الإمارات.

الابن الأصغر «أحمد»، الذي تركه والده طالبًا بالابتدائية، تخرج في كلية الهندسة ويحضر الماجيستير خلال الفترة الحالية: «نفسي ربنا يرزقه بالزوجة الصالحة عشان أبقى كملت رسالتي ومهمتي معاهم».

لم تكن تربية الأبناء الثلاثة التحدي الوحيد الذي قابل «تمام» بعد وفاة زوجها، وتركها مستعينةً فقط بمبلغ الـ740 جنيهًا، حيث كان أمامها تحدٍ آخر، تمثل في تركهم في منزلٍ صغيرٍ مكون من طابقٍ وحيد، إلا أن «البركة» التي استعانت بها السيدة كما ساعدتها في بناء أبنائها، أعانتها كذلك على بناء منزلٍ كبيرٍ مكون من 5 طوابق: «كنت كل ما أوفر فلوس أشتري 2000 طوبة وأبني حيطة حيطة لحد ما كملت الـ 5 أدوار».

«كله ببركة ربنا».. كلماتٌ وصفت بها السيدة السر الذي استطاعت من خلاله أن تؤسس أسرةً وتشيد منزلًا كبيرًا، بالإضافة إلى حنكتىها في إدارة تلك الموارد القليلة لتحقق بها إنجازًا كبيرًا: «الست المدبرة بتدبر أمورها بأي مبلغ وأنا بـ 740 جنيه ربيت ولادي وبنيت بيت 5 أدوار».

بعد الاطمئنان على أبنائها، لم تكتف «تمام» بما حققته، حيث تطوعت للمساهمة في تزويج الفتيات اليتيمات، معتبرة الأمر صدقة جارية لها: «البنات دول محتاجين اللي يحن عليهم ويفرحهم ويبقى أمهم، وكل ما يفتكروني هيدعولي وأكسب ثواب.. وده أعظم مكسب ليا».