«رقم الجلوس» وضعه الاحتلال الإنجليزى.. فتحول الطالب من مبدع إلى «غشاش»

كتب: أحمد الليثى

«رقم الجلوس» وضعه الاحتلال الإنجليزى.. فتحول الطالب من مبدع إلى «غشاش»

«رقم الجلوس» وضعه الاحتلال الإنجليزى.. فتحول الطالب من مبدع إلى «غشاش»

فى 29 أبريل 1868 وضع على باشا مبارك الجزء الخاص بالامتحانات فى لائحته الخاصة بإصلاح التعليم التى عُرفت بلائحة رجب، فذكر فيها ضرورة أن يجرى الامتحان فى «الكتاتيب» بمعرفة من كانوا يقومون بالتعليم وبمعرفة من يلزم من الفقهاء، وأن يحضر أهل القرية يوم الامتحان ليحتفل التلاميذ مع أهلهم بهذا اليوم.. وقتها كان النجاح متعة والعلم غاية ولم تكن جملة «كاد المعلم أن يكون رسولاً» مثاراً للسخرية. لكن بعد مجىء الاحتلال البريطانى لمصر فإن أول ما قرر تخريبه هو التعليم، فبه ترقى الأمم وبدونه تقبع فى ذيل دول العالم الثالث، فقرر الإنجليز منع المعلمين من الامتحانات، وأوكلوها إلى «لجنة ممتحنين» خاصة، تتولى وضع الأسئلة، وترسل إجابات التلاميذ مغلقة فى مظاريف «مبرشمة» إلى المستشار الإنجليزى نفسه لتأخذ أرقاماً سرية ثم يستطيع المعلمون بعدها أن يصححوها. من هنا جاءت فكرة أرقام الجلوس ليصبح ميعاد الامتحان إيذاناً ببدء «المعركة» وتسيطر الرهبة على قلوب الطلاب بمجرد حصولهم على الرقم السرى، وصار الهم الأول للطالب هو الخروج من المعركة بأقل الخسائر، فلم يعد يشغله تحصيل العلم بقدر الإتيان بأعلى الدرجات حتى ولو كان ذلك بالغش، فتبدلت المعانى من «لكل مجتهد نصيب» إلى «ذاكر تنجح.. غش تجيب مجموع». أعلنت وزارة التربية والتعليم عن نشر أرقام الجلوس الخاصة بطلاب الثانوية العامة على موقعها الإلكترونى وتم تسليم الطلاب أرقام الجلوس الورقية داخل مدارسهم، يؤرخ الدكتور كمال مغيث، الخبير التعليمى، قصة «رقم الجلوس»: استطاع الإنجليز أن يضفوا نوعاً من الترهيب على الامتحانات بسبب الآلية التى استحدثوها لخوض الامتحانات، فعندما تجلس فى غرفة مغلقة بدلاً من اختبارك أمام علية القوم يتحول الأمر إلى مجرد عقبة بدلاً من كونه احتفالاً، فيصير هم الطالب الأول هو اجتياز تلك الخطوة حتى لو كان ذلك بالغش أو«البرشام»، كما يقول الطلبة.