بروفايل| فيدل كاسترو.. رمز الثورة المستمرة

بروفايل| فيدل كاسترو.. رمز الثورة المستمرة
ما زال يذكره العالم بشكله المعهود في صوره القديمة، التي مر عليها ما يقرب من نصف قرن، الشاب صاحب بدلة الجيش الكاكي والسيجارة التي لا تفارق أصابعه إلا نادرًا، وابتسامته الواثقة ونظراته المتأملة، ليظل كما عرفوه دائمًا المناضل والثائر، الذي تمرد ليرفض حياة الترف ويقرر أن يحمل سلاحًا ضد نظام مستبد، بعد أن اصطدم بالواقع المؤلم والتناقض الحقيقي له، ليؤكد أن "ليست الثورة طريقًا مفروشًا بالورود، بل هي صراع حتي الموت بين المستقبل والماضي".
"فيدل أليخاندرو كاسترو"، هو الرجل الذي قاد كوبا لنصف قرن، فمنذ مولده عام 1926 ،لأسرة ثرية من المهاجرين الإسبان، مرورًا بتلقيه التعليم في المدارس الكاثوليكية، وحصوله علي لقب أفضل رياضي شاب، والتحاقه بجامعة هافانا ليمارس المحاماة لمدة عامين ، وانتهاءً يخطط للترشح لمقعد في البرلمان الكوبي، ظل "كاسترو" الشاب المثالي.
ليأتي عام 1952 بشخصية جديد لـ "كاسترو" ، فبعد الإطاحة بحكومة "كارلوس بريو ساكاراس" على يد "فولغنسيو باتيستا"، قرر المناضل ترك حياة الرفاهية وحمل السلاح لمواجهة، إلا أن محاولته أُحبطت وسجن مع شقيقه راؤول، وبعد عامين صدر عفو عن كاسترو الذي شكل قوة مقاتلة عرفت بحركة 26 يوليو، وواصل حركته لإنهاء حكم "باتيستا" من منفاه بالمكسيك، ويلتقي هناك بصديقه "جيفارا" و يقرر الانضمام معه للثورة الكوبية.
وبعد أن اجتذبت مبادئ كاسترو الثورية تأييدًا واسعًا في كوبا، وتمكنت قواته في عام 1959 من الإطاحة بنظام "باتيستا"، الذي أصبح يرمز إلى "الفساد والتعفن وعدم المساواة"، ليتسلم هو حكم البلاد ويحول كوبا إلى النظام الشيوعي لتصبح أول بلد شيوعية في العالم الغربي.
ويأتي عام 2008، ليكتب سطر النهاية في حياة المناضل الحافلة باستقالته من منصبه، بعد أن أستطاع أن يقف في وجه الطغاة، ولكنه لم يستطع أن يصمد في وجه الزمن أكثر مما فعل، بعد أن أسقط نظامًا وقاد ثورة، وواجه الولايات المتحدة الامريكية أكثر من 45 عامًا، صامدًا في وجه حصارها الاقتصادي ضد كوبا، وتعرض كاسترو لمحاولات اغتيال عدة ذكرت عدة تقارير استخبارية، وغيرها أن الولايات المتحدة حاكت أكثر من 600 مؤامرة لاغتيال كاسترو، الذي نجا منها جميعها، ليظل في حكم بلاده طوال قرابة خمسة عقود تعاقب خلالها تسعة رؤساء على حكم الولايات المتحدة.
"سوف أخون ضميري إن أنا قبلت تحمل مسؤولية تتطلب الحركة والتفرغ والتفاني بشكل كامل، فأنا لست في حالة صحية تمكنني من بذل هذا العطاء"، ليستقيل فيدال كاسترو من منصبه كرئيس الدولة والقيادة العامة للقوات المسلحة الكوبية، من خلال رسالة نشرتها الصحف الرسمية، ليتولى المسؤولية من بعده شقيقه راؤول كاسترو.
ليستمر "كاسترو" في ثورته بالرغم من تجاوزه الثمانين عامًا، بحوالي ثماني سنوات، فيوقع بيانًا دوليًا، ينضم بتوقيعه إلى مجموعة من المفكرين ورجال السياسة الذين وقَّعوا بيانًا بعنوان (دفاعًا عن فلسطين)، يطالب إسرائيل باحترام قرارات الأمم المتحدة والانسحاب من غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.