"دويتش فيلا": "تويتر وفيسبوك" ساحات للقتال.. جعلت العالم أصغر مكانًا وأكثر دموية

كتب: سلوى الزغبي

"دويتش فيلا": "تويتر وفيسبوك" ساحات للقتال.. جعلت العالم أصغر مكانًا وأكثر دموية

"دويتش فيلا": "تويتر وفيسبوك" ساحات للقتال.. جعلت العالم أصغر مكانًا وأكثر دموية

"صحافة المواطن" تجلّت وأصبحت ذو أثر عظيم في السنوات الأخيرة على موقعي التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر"، ولم تعد المحطات الإخبارية الكبرى وحدها المسيطرة على ميدان الأخبار. رصد موقع التليفزيون الألماني "دويتش فيلا" الجدل حول فائدة سرعة التغريد بمعلومات لا تحصى من أشخاص موجودين في عين المكان وهل هي نعمة أم نقمة. ونقل الموقع قول الصحفي الأمريكي، دافيد كاير، حول علاقة وسائل التواصل الاجتماعي بالحروب : إن مواقع التواصل الاجتماعي جعلت علوم الجغرافيا السياسية ووسائل التواصل الاجتماعي من العالم مكانا أصغر ولكنه يبدو أكثر دموية". من جانبه يرى سام بيرلو فريمان، المختص في النفقات العسكرية، لدى معهد SIPR لشؤون السلام في استوكهولم، أن استعمال الشبكات الاجتماعية ذو جانب إيجابي، حتى في زمن الحروب، فقد تطور ليصبح "فضاءً رحبًا لممارسة الديمقراطية" ومنبرًا لنقاش المواجهات العسكرية. جريدة زوددويتشه تسايتونغ الألمانية، علقت على موضوع مصداقية تويتر وفيسبوك بالقول: "طالما أننا نضع صوب أعيننا صورة نمطية حول العدو، فإنه سيتم تصديق كل معلومة تنشر"، وبالتالي فقد تحولت شبكات التواصل الاجتماعي بدورها إلى "ساحات قتال" بين أطراف مختلفة، وأوضحت أن هذا الأمر برز خلال أزمة أوكرانيا وأزمات الشرق الأوسط، إذ يسخر أطراف النزاع هناك جهودًا كبيرة لتوظيف الأخبار على الشبكة العنكبوتية حتى تصب في مصلحتهم. فصور الضحايا أصبحت تنشر على "تويتر" مباشرة من غزة في الحرب الأخيرة، وهذا يختلف عن الوضع إبان عملية "الرصاص المصبوب" قبل ستة أعوام، لذا يمكن القول أن الوضع في غزة هكذا جعل إسرائيل في موقف صعب. ويقول سام بيرلو فريمان: "يجب على القرّاء أن يأخذوا حذرهم من هذه المعلومات وأن يبادروا بالبحث عن إمكانية أفضل تساعدهم على تقصي المعلومة الصحيحة من عدمها. "هل ستكون الغلبة في النهاية لمن يغرد أكثر" تساؤل طرحه تقرير "دويتشة فيلا"، حيث إنه يمكن القول أن لوسائل التواصل الاجتماعي تأثيرا سلبيًا إضافيا؛ إذ أن هذا الطوفان الكبير من الصور والتغريدات حول أوكرانيا والشرق الأوسط كفيل في واقع الأمر بأن يلهي وسائل الإعلام عن التفاعل مع ما يحدث في مالي ونيجيريا والكونغو والسودان من صراعات طاحنة، لعدم وجود من يغرد هناك. فيما أوضح تقرير التليفزيون الألماني أن إعادة تداول الصور على عجل وتبسيط المواضيع المعقدة جدًا في آن واحد يقود في آخر المطاف إلى تأجيج الصراع حتى خارج مناطقه الأصلية، وأن هذا ما أثبتته فعلا الحرب الأخيرة في غزة، فالمواجهة لم تقتصر في آخر المطاف على طرفي النزاع هناك فقط، بل تجاوزتهما لتكون أكثر حدة بين مؤيديهم في الخارج، إذ شهدت كل من ألمانيا وفرنسا مظاهرات احتجاج ضد إسرائيل لم تخلو من شعارات معادية للسامية. وأشار تقرير "دويتشة فيلا" إلى أن التفاوت العميق بين صور الحرب المنتشرة بسرعة في الإنترنت والمشاورات الدبلوماسية العسيرة بغية إيجاد حل سلمي للأزمة، وعجز المجتمع الدولي دفع الناس للتعبير عن سخطهم، فتمتلئ صفحات الإنترنت بالتعاليق ومثلها أيضا تمتلئ الشوراع بالمتظاهرين، وبدا عجز الأمم المتحدة عن التدخل واضحا خاصة إثر اندلاع الصراع في الشرق الأوسط مؤخرا، وقبله في الحرب في كل من سوريا وأوكرانيا. الناشط الحقوقي والسياسي بحزب الخضر الألماني، توم كونيغس، يرى أن الأمم المتحدة تبذل كل ما في وسعها ودون أدنى تحفظ من أجل حماية المدنيين، حسب تعبيره، وهناك العديد من الأمثلة حول نجاح الحل السياسي، ففي كولومبيا تواصل الحكومة مفاوضات سلام مع حركة الفارك المسلحة كما هو الشأن في تركيا مع حزب العمال الكردستاني وحتى في الشرق الأوسط هناك مساعٍ دبلوماسية جادة بين واشنطن وطهران للتوصل لإتفاق سلمي لأزمة النووي الإيراني. هذا الأمر لم يحدث مطلقا منذ الثورة الإسلامية في إيران سنة 1979. ويرى فريمان، أن الدبلوماسية بمعناها الكلاسيكي، حتى في زمن الفيسبوك، أهم من أي وقت مضى وتعقيدات الحرب المتشعبة لا يمكن أن نختزلها إطلاقا في بعض الكلمات على "تويتر".