بريد الوطن.. مشهد استكمالىّ لحديث الصباح دون المساء

كتب: بريد الوطن

بريد الوطن.. مشهد استكمالىّ لحديث الصباح دون المساء

بريد الوطن.. مشهد استكمالىّ لحديث الصباح دون المساء

ثلاثة فى الثانوية العامة كُنا: خميس.. محسن.. عبدالله، إذا ذُكر أحدُنا ذُكرت ثلاثتنا. تربطنا صلةٌ.. كانت.. لم يسعنى تفسيرها حتى عهدٍ لم يعد هو الآخر قريباً. نذاكر معاً، نفشل معاً، ونختلف سوياً إلى الدروس و«الحصص». قفزت أعمارُنا إلى حيث تكون الحكاية إذ تُوفّى أستاذنا والد «عبدالله» الذى كان يدرّس لنا مادة القراءة والنصوص فى الابتدائية -توفى على حد ما أذكر عندما كنا فى المرحلة الإعدادية- فكانت المؤازرة الواجبة والسند المنتظَر. وعِشنا سنينَ تربطنا بأم عبدالله صلةٌ لا يقطع حبلَ اتصالها إلا قاطع الآمال بانتهاء الآجال.

ثم أشرعَت مراكبُ حيواتنا كلٌّ باتجاهه: فمن انتحى نهراً، ومن انتحى بحراً، ومن قلى صاحبيه إلى محيط.. إلى أن زار ملك الموت بيت صديقنا «محسن» فانتقى أباه. والحقُّ تأثر صاحبُنا تأثُراً لا يُرى إلا فى نفسٍ نقيّة حسُن إخلاصها. فواسيناه فى والده وحضر أبى العزاء وتعزّى صديقى -حقيقةً- بحضور والدى للصلة التى جمعت أبوينا حتى رأيت فى عينيه فرحاً أنساه لوهلةٍ مأتمه.. وهذا لعمرى هو المفهوم الحقيق للتعزية.. انتهينا. ثم كانت المفاجأة المفجعة المرتقبة.. سقطت ورقةُ أبى صورةً لا سيرةً. تساءلتُ كثيراً بعدها: «هل هذا رباطٌ لم يلتفت إليه صاحبىّ من الصلةْ؟!.. فها هى الجذور تتفق وتتلملم إبان غسق العمر ووقتَ الرجوع. أليست تلك لنا عبرةً ونحن بين ظهرانى الربوع؟!».

                                                محمد خميس الحاوى

يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com


مواضيع متعلقة