نص مرافعة النيابة في جلسة «سفاح الجيزة»: أعدموه.. لا يستحق الرأفة

نص مرافعة النيابة في جلسة «سفاح الجيزة»: أعدموه.. لا يستحق الرأفة
قدمت النيابة العامة، مرافعتها في ثاني جلسات محاكمة قذافي فراج عبد العاطي الشهير بـ«سفاح الجيزة»، في قضية اتهامه بقتل صديقة رضا محمد عبداللطيف.
وتقدم «الوطن» نص المرافعة، حيث بدأت النيابة في مرافعتها بـ«جئتكم بصحائف دعوات وسطرت بها وقائع قضيتنا، وقضيتنا غريبة كل الغرابة، ولم تشهد البلاد منذ زمن سحيق لمثيلتها، وهي نموذج للخيانة والجبن ولاغتيال الأرواح البريئة والمطمئنة، والتي أخذت في مأمنها على غرة».
المتهم تجبّر واستفحل ضلاله.. وظلمة نفسه حجبت نور الله عنه
وتابعت النيابة مرافعتها: «العقول لم تصدق أن تتحول الصداقة والخير لمعول للشر، وهذه العدوى حال بحثها عن الحقيقة اهتزت المشاعر وتألمنا واستقر لدينا معان كثيرة أبى القلم إلا أن يسجلها، ووجدنا أنَّ المتهم الماثل تجبّر واستفحل ضلالة وظلمة نفسه حجبت نور الله عنه، وتعشش فيها الشيطان وسار بين الناس يهلك الحرث والنسل ويحصد أرواحهم استعلائا وغرورا وحبا في السيطرة والمال».
والد المتهم محفظ قرآن.. والمجني عليه لجأ لسفاح الجيزة لاستثمار أمواله
واستكملت النيابة العامة: «وقائع دعوانا تبدأ منذ التسعينات حينما نشأت صداقة وطيدة حلقاتها مابين المتهم قذافي فراج عبدالعاطي والمجني عليه رضا محمد عبداللطيف بمنطقة بولاق الدكرور، صديقان لا يفترقان منذ نعومة أظافرهما، وتربيا ونشآ سويًا والتحق المتهم بكلية الحقوق وأتمّ دراسته بها دون مشكلات، فوالده محفظ القرآن الذي أعتقد أنَّه أخرج للمجتمع رجلًا صالحًا، وأنهى المجني عليه دراسته بكلية الهندسة، وهنا كانت بداية الفرقة بينهما، حين سافر المجني عليه للمملكة العربية السعودية من أجل العمل وتأمين مستقبله».
طمع المتهم في أموال صديقه وخان الأمانة.. ولم يتذكر سنوات المحبة والود ولم يرأف بغربة المجني عليه
وأكملت النيابة العامة: «ومرت سنوات العمل والمجني عليه يجمع المال وأراد استثماره، فمن يقع عليه في إدارة الأموال سوى رفيق الدرب والدنيا المتهم الماثل، وهنا كانت الصداقة في أبقى صورها، ولم ينس المجني عليه صديق طفولته وأراد أن يطعمه حلاوة المال، فأرسل له أموال طائلة قدرت بآلاف الجنيهات، وحرر له التوكيلات للتصرف في ذلك المال، ولكن طمع المتهم في أموال صديقه، وخان المتهم الأمانة وطمع في ما لا يحل له، ولم يتذكر سنوات المحبة والود، ولم يرأف بغربة المجني عليه.
استغل المتهم التوكيلات المحررة من المجني عليه وتعامل بها لحسابه الشخصي حتى خسر معظمها
وأكّدت النيابة العامة: «استغل المتهم التوكيلات المحررة من المجني عليه وحرية التصرف في الأموال وتعامل بها لحسابه الشخصي حتى خسر معظمها، وبدلًا من مصارحة رفيقه أرسل رسائل يطمئن صديقه ألا يخاف وأن يرسل الأموال لتحقيق الربح، وظلت الأكاذيب حتى حدث مالم يتوقعه المتهم وتلقى مكالمة هاتفية من المجني عليه يخبره بعودته للبلاد في أبريل عام 2015».
وجاء في مرافعة النيابة العامة: «قرر المسكين العودة في زيارة هدفها كشف حقيقة صديقه وأن يدق بنفسه ساعة الحساب، وبدلًا من أن يصارح المتهم صديقه بالأمور كان هدفه إزهاق روح صديقه قبل أن ينطق بالفضيحة، وخطط ودبر واستقر على النيل من المجني عليه، فكتب بالدم نهاية حزينة ومأسوية لعقود الأخوة وتلطخت يده بقتل أقرب الناس له، وأعد عدته وهي عصا حديدية تزن نصف كيلو، طولها 50 سم وأخفاها في المسكن وصمم على القتل وكان في استقباله في مطار القاهرة وهو يعزم على الخلاص منه، والمجني عليه لم يخطر بباله أن حياته على وشك الانتهاء وذهب لمسرح الواقعة وطلب له الطعام يعلم جيدا مدى حب المجني عليه له كنوع من الترحيب به وإعلاءا منه لقيمة الود والحب، ولم يعلم المسكين بأن الأفعى بدأت تنفس سمها قاصدة سفك دمائه، وتركه يتناول الطعام وذهب لإحضار العصى الحديدة وبكل خسة وجه له الضربات التي استقرت برأسه من الخلف».
وشددت النيابة العاملة على أنَّ المتهم «تعمد مقتله ومن قوته أسقطته صريع الموت دون مقاومة وسط نظرات من الغدر حتى صعدت روحه السماء تشكوى الخيانة وليبقى جسده على الأرض دليل اتهام، وعقب إزهاق روح صديقه قام بتقييده بحبل ووضعه بصورة الجنين داخل حقيبة سفر كبيرة عقب أن قام بتبطينها بغطاء بلاستيكي حتى لاتظهر أي دماء.. أفعال بربرية تبين مدى السوء الذي وصلت نفس المتهم».
المتهم قتل صديقه ثم قيده ووضعه داخل حقيبة سفر وحفر قبره داخل مسكنه
وتابعت النيابة العامة: «لكم أن تتخيلو رجل وصل من العمر الـ48 عامًا، يتمّ تقييده ووضعه كالجنين داخل حقيبة سفر للتخلص منه.. عبقرية في الفحش والفجر.. وهان عليه المجني عليه.. ولم تتوقف الأفعال الإجرامية عند هذا الحد واستكمل مسلسل الخيانة لإخفاء جثمان رفيق دربه حتى لا يتمّ ضبطه ونقل الجثمان بسيارة نصف نقل حتى وصل لعقار 16 شارع أبناء سوهاج ببولاق الدكرور لحفر قبر صديقه بيده، في المسكن الخاص بالمجني عليه، مستغلا الثقة التي أعطاها له المجني عليه لإدارة ممتلكاته واستعان ببعض العمالة بالأجرة وحفر حفرة بها والقاه وهو مقيد ووراه بالتراب، وأغلق الفتحة بأسمنت ووضع السيراميك عليه حتى لاتكتشف حيلته.. ياقذافي لقد خنت صديقك».
المتهم أوهم أسرة صديقه بالقبض عليه خلال تظاهرة
وسردت النيابة العامة أدلة الاتهامات والتي شملت: «الدليل الأول هو شهادة المقدم محمد كمال الدين مفتش مباحث مديرية أمن الجيزة الذي شهد أن تحرياته السرية دلته بأن المتهم بين النية وعقد العزم على قتل المجني عليه رضا محمد عبداللطيف في أبريل من عام 2015 أثر خلاف مالي، ونوى قتله وأعد أداة حديدة لقتله وانتظر قدومه وجلوسه بالوحدة السكنية وقام بزيارته مدعيًا تقديم الطعام له وغافله بعدة ضربات على رأسه حتى تأكّد من مفارقته الحياة ووضعه في الحقيبة، ونقل جثمان المجني عليه وتوجه بالوحدة السكنية السابق ذكرها».
وواصلت النيابة العامة: «المتهم استأجر عاملين لحفر حفرة بأن أوهمهما ببعض الإصلاحات وألقى بجثمان المجني عليه ووضع التراب عليها واستأجر عامل آخر لوضع السيراميك على الحفرة، وضلل أهله بأن راسلهم مدعيًا بأنَّه المجني عليه وأوهمهم بأنه تمّ إلقاء القبض عليه بقطاع الأمن الوطني في أثناء سيره في تظاهرة».
شقيقة المجني عليه: المتهم كان صديقا لأشقائي.. ويدير أعمالنا في مصر نظرا لظروف سفرهم
وذكرت النيابة العامة أنَّه «بعد مناقشة المتهم أقرّ بقتل المجني عليه على نحو ما تمّ ذكره بالتحريات ثم شهادة حليمة محمد عبداللطيف حميدة شقيقة المجني عليه، والتي تشهد بأن الأخير كانت تربطه بأشقائها صداقة تطورت لحد قيام المتهم بإدارة أعمالهم في مصر، نظرًا لسفر اشقائها ومن ضمنهم المجني عليه للسعودية بغرض العمل ووكل أشقائها المتهم بإدارة الوحدات السكنية الخاصة بهم لثقتهم به، وظنهم بحسن نواياه».
وأكملت النيابة العامة: «ذكرت أخت المجني عليه أن شقيقها تغيب منذ منتصف عام 2015، عقب وصوله للقطر المصري وفشلت مساعيها للعثور عليه، وضللها المتهم بادعائه كذبًا ضبط شقيقها بمعرفة الأمن الوطني وفور علمها بمقتل شقيقها وجهت الاتهام للمتهم لغيرة المتهم من شقيقها المتوفي وللاستيلاء على الأموال، مستخدمًا التوكيلات بسوء نية، ثم شهادة شقيق المجني عليه الذي شهد ان شقيقه عاد لمصر بشهر أبريل عام 2015 وانتظره المتهم واصطحبه لمسكن العائلة واختفى منذ وصوله، مؤكّدًا ثقته في المتهم واعتباره فردا من العائلة، ويعزز هذه الأدلة دليلا آخر وهو إقرار المتهم للواقعة على النحو السالف سرده، وتطابق الإقرار مع الأدلة».
المتهم اعترف بقتل وتقطيع صديقه دون تردد وباستهتار
كما جاء بمرافعة النيابة العامة، أنَّه «في الصحيفة الـ19 سألته النيابة عن الجثمان أجاب عن المكان بكل وضوح ودون تردد عن مكان الجثمان، وهو المكان الذي تمّ استخراج الجثمان منه، وفي الصحيفة الـ25 أجاب أن اللي عملت كدا لوحدي حينما سئل عن من الذي قام بإخفاء الجثمان، وفي الصحيفة الـ34 سألته النيابة عن كيفية التعدي أجاب باستهتار جبت حديدة وخبطه على رأسه مرتين ودماغه اتقطعت ونزلت دم كتير، وربطت إيده وحطيته في الشنطة ودفنته، وأجاب إجابة مقتضبة وهي أنا كنت عاوز أخلص منه لما سئل عن تفكيره وقت التعدي على المجني عليه، ثم تأتي المحاكاة التمثيلية للواقعة والتي جاءت على نحو يتفق مع إقراره للتحقيقات».
المتهم دبر للقتل في هدوء.. ولم يشعر بلحظة ندم بل سره أن المال سيكون كثيرًا
وأوضحت المرافعة: «دعمت الأدلة استخراج الرفاة بناءا على إرشاد المتهم دون تردد، حيث عثر على الرفاة مرتديا لملابس تتفق تفصيليا مع وصف المتهم كما عثر على حافظة تحوي بطاقة تحقيق شخصية باسم وبيانات المجني عليه وبمواجهة المتهم أقر أن الرفاة لجثمان المجني عليه، وثبت من خلال الطب الشرعي البصمة الوراثية للرفاة هي بصمة وراثية لذكر، وتطابقت مع البصمة الوراثية لدماء شقيقه، مما يعني أن المتوفى من أحد أفراد العائلة، والدليل الفني الأخير للصفة التشريحية تبين أن المتوفي هو ذكر من العقد الخامس من العمر، وتبين وجود كسور مفتتة بعظام الوجه من الجهة اليمنية واليسرى، وهو مايقطع بيقين أن الماثل هو الجاني وسافك الدماء».
واختتمت النيابة العامة مرافعتها بـ«سبحان الذي أظهر الحق وأظهر الباطل.. المتهم دبر للقتل في هدوء ولم يشعر بلحظة بالندم بل سره أن المال سيكون كثيرًا، وكأني أسمع رفاة المجني عليه تناديكم أن تخلصو المجتمع من شره، فالمتهم لم يرحم المجني عليه، ولم يرأف بحال المجني عليه فلا يستحق الرأفة، فقد سقاه كأس الموت مرًا فحقا عليه أن يشرب من نفس الكأس، ونقولها بكل الحسم والوضوح أعدموا هذا المتهم من أجل الحق والعدل».