بعد وعود بنقل سكان عزبة خيرالله لتطويرها.. أم رباب: نفسي أسيبها قبل ما أموت

بعد وعود بنقل سكان عزبة خيرالله لتطويرها.. أم رباب: نفسي أسيبها قبل ما أموت
«أخيرا هنمشى من هنا»، لم تصدق أم رباب، الحديث حول نقل سكان عزبة خيرالله من مكانهم الحالي إلى حي الأسمرات، الذي يضمن لهم حياة كريمة، فيبدو أن المنطقة كانت كارثة على هذه السيدة المسنة، التي عاشت بها ربما وهي لا تزال منطقة غير مأهولة بالسكان.
فقبل أربعين سنة، كانت العزبة عبارة عن منطقة جبلية خالية من السكان، وتفصلها عن المعادي أراضٍ زراعية، وبها تجمعات صغيرة ومحدودة، لكن مع سبعينيات القرن الماضي بدأت هجرات الباحثين عن عمل وسكنوا هذه الهضبة، مما شكل مجتمعا شبه حضري في المنطقة، لتظهر حينها تسمية «خيرالله»، على اسم واحدة من العائلات التي استوطنت المنطقة وقتها، ومع الوقت تسارعت حركة السكان في المنطقة، في أعقاب زلزال سنة 1992، حتى وصلت اليوم لتصبح واحدة من أكثر المناطق تكدسا بالسكان، يعيشون في ظروف سيئة للغاية.
وأخيرا وبعد عقود طويلة، كاد حلم امتلاك شقة أن يتحقق لدى سكان العزبة البسطاء، بعد توجّه الدولة لتطوير العشوائيات، والقضاء على البؤر غير الآدمية التي يعانى فيها المواطنون من ظروف المعيشة القاسية.
حلم «أم رباب»، إحدى سكان عزبة خير الله، هو الانتقال من هذا المكان العشوائي الذي تسكن به إلى آخر، بعد الحديث عن نقلهم وتطوير المنطقة، ما يجعلها تشعر بسعادة بالغة قائلة: «أخيرا هنمشى من هنا، مبسوطة جدا باللى حاصل دلوقتي في المنطقة، والكلام عن نقلنا من هنا من سنين، لكن أنا متأكدة إن المرة دى هتكون بجد، وإننا فعلاً هننقل ونشوف الدنيا، بعد سنين حرمان».
وتضيف: «الشارع أرحم لنا من بيوتنا بوضعها الحالي، على الأقل لما بنقعد فيه بنكون عارفين إننا مننا للسماء على طول فبنحمي نفسنا بشكاير، لكن في المكان اللي بنقول عليه بيت، بنبقى نايمين وفجأة نصحى على مياه تحتنا، وكل حاجة بتبقى غرقانة، ومفيش فلوس نعمل سقف زي خلق الله».
وتشير إلى أنها تمنِّى نفسها بأن يُكتب لها الخروج من تلك المنطقة قبل وفاتها، لأنها لم تعد تتحمل تلك المعاناة يوميا، نظرا لأن الأمطار تتساقط عليها دون رحمة، وتدخل إلى غرف النوم وتطال الأثاث: «المطر بيغرقنا وإحنا صاحيين، طيب لما بنبقى صاحيين بنقدر نتحرك براحتنا، ونهرب من المطر، لكن الكارثة لما بنكون نايمين وفجأة نلاقى المياه فوق رؤوسنا، والبطاطين بتغرق، وبدل ما تدفينا، لا دي بتكون على جسمنا زي قطع الثلج، بنقوم نجري على الشارع، نولع نار في خشب قدام البيت، ده لما يكون المطر وقف، لكن طول ما هو نازل بنفضل هربانين وننتقل من مكان لمكان، علشان ما نغرقش أكتر».
ولم تسأل العجوز عن المكان الذي سيتم نقلها إليه، مكتفية فيما يبدو بأنها ستخرج من هذه العشوائية والفوضى والظروف غير الآدمية، وكأن لسان حالها يقول «أي مكان أفضل من هنا».