«السرب».. صفعة «المتحدة» على وجه الشيطان

مصطفى عمار

مصطفى عمار

كاتب صحفي

أتذكر جيداً تلك الليلة التى بثت فيها «داعش» عملية ذبح إخواننا الأقباط على أحد شواطئ مدينة «سرت» بليبيا، أتذكر جيداً ذلك الشعور الذى لم أشعر به من قبل.. الخوف والحزن معاً يعتصران قلبك، بعد مشاهدة إخوة بسطاء ذهبوا للبحث عن لقمة العيش وهم يتم اقتيادهم لأبشع مصير من الممكن أن يواجه إنساناً على وجه الأرض.

ردّدت بينى وبين نفسى: بالتأكيد ما شاهدته لم يكن حقيقياً، بل كان طلة سريعة على الجحيم بعينه، كيف لإنسان أن ينفذ هذه الجريمة بحق إنسان آخر مهما وصل الاختلاف بينهما، كيف كان شعور الواحد والعشرين مصرياً وهم يعيشون لحظات الرعب والموت دون أن ينجدهم أحد من قبضة هؤلاء المجرمين.. وكيف باتت مصر بأسرها ليلة سوداء وكئيبة وحزينة، وكيف باتت الشوارع قبيحة بعد أن اختفى المارة منها وأغلقت المحلات أبوابها فى حالة حداد شعبية على المشاهد التى تم بثها؟

فى هذه الليلة قابلت أحد جيرانى الأقباط أمام باب العمارة التى أسكن بها، كنا فى العادة نتبادل التحية المصحوبة بالابتسام، ولكن فى هذه الليلة تحديداً تحاشينا النظر كلٌّ منا إلى الآخر، ليلة كئيبة تبددت بكل ما تحمله من الآلام عندما استيقظنا على خبر الضربة الجوية المصرية لتمركزات تنظيم داعش الإرهابى، استطعمنا حلاوة النصر والعزة والشرف بعد أن بتنا ليلتنا تملأ أرواحنا الندوب والجروح ويسرى الحزن بداخلنا، هتف الناس جميعاً فى بيوتهم مسلمين وأقباطاً: «الله أكبر وتحيا مصر»..

مَن كان لا يزال يختلف مع الرئيس السيسى أو غير مؤيد له، تحول موقفه تماماً، لأنه أيقن أن مَن يجلس على كرسى الحكم فى مصر.. رجل لا يقبل إهانة شعبها أو إهدار حقهم ودمائهم.. رجل اتخذ أسرع قرار فى تاريخ مصر بتوجيه ضربة جوية سريعة لمن استحلّوا دماء المصريين العزل الذين استشهدوا على يد مرتزقة أعداء للدين والإنسانية.

ملحمة سطرها قرار الرئيس ونفذها رجال قواتنا المسلحة الشرفاء، الذين لم يهدأ لهم بال حتى أخذوا بثأرنا جميعاً وعادوا لأرض مصر بعد أن دكّوا أوكار داعش بدولة ليبيا. لن أخفى عليكم أنها كانت المرة الأولى بعد سنوات طويلة من الوهن والضعف التى يشعر فيها المصريون بأن لهم درعاً وسيفاً وقيادة لا تقبل انحناء رءوسهم أو حتى تهديد أمنهم سواء داخل أو خارج الحدود المصرية، أنقذ الجيش المصرى البلاد من انكسار 67 بعد عبور 73، وأنقذ مصر مجدداً عندما حمى ثورة 25 يناير والشعب، وعندما انتصر لثورة 30 يونيو، ولا تزال تضحيات وبطولات أبناء القوات المسلحة تمنحنا دروساً فى الإخلاص والوطنية.

ولعل هذا كان هو الدافع بأن تتبنى الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ورئيس مجلس إدارتها المنتج الواعى، تامر مرسى، الذى انتبه لدور الدراما فى صناعة الوعى وتنمية الشعور الوطنى لدى المشاهدين، فقدم ملحمة «الاختيار» فى مسلسل حقق نجاحاً كبيراً، ليعود مرة أخرى ويفاجئ الجميع بالإعلان عن فيلم «السرب»، الذى يتناول أحداث الضربة الجوية التى نفذتها القوات الجوية المصرية للثأر من تنظيم داعش على جرمه فى حق شهدائنا المصريين بمدينة «سرت» الليبية، ليعلن عن الفيلم فى اليوم نفسه الذى حدثت فيه الواقعة تخليداً لأرواح شهدائنا والعمل البطولى لقواتنا الجوية والقرار السريع من رئيس الجمهورية.

هذه هى السينما التى حلمنا بها لسنوات، وهذه هى الدراما التى تشكل وعى الناس وتجعلهم يثقون فى دولتهم وقيادتها وجيشها، فى وقت هناك عشرات الخناجر التى ترشق بها الدولة المصرية من إعلام مأجور يستأجر بعض المرتزقة لتشويه أى نجاح وإنجاز مصرى.. «السرب» ملحمة سينمائية جديدة.. تمثل صفعة جديدة من الشركة المتحدة على وجه الإرهاب والمرتزقة والخونة الذين باعوا تراب هذه الأرض وشعبها لزيادة أرصدتهم فى البنوك، ولكن فى الحقيقة كل شخص واعٍ وشريف على أرض هذا البلد لن ينسى كل من وضع خنجراً فى قلبها، كما أننا لن ننسى الرجال الذين ساندوا الوطن وضحوا بأنفسهم من أجله.